رائد عزاز يكتب: حكايات أندية الشركات

نقلاً عن جريدة الفريق

قبل مطلع الألفية الثالثة كان الدوري المصري الممتاز لكرة القدم مؤلفا من أندية شعبية تمثل مختلف المحافظات و المناطق الجغرافية , بالإضافة إلي عدد قليل من فرق الشركات الكبري التي أستطاعت الصمود و البقاء داخل دائرة الأضواء لسنوات عديدة كونت علي أثرها قاعدة جماهيرية ملحوظة مثل غزل المحلة الذي صار الممثل الرسمي للمدينة الصناعية , كذلك المقاولون العرب صاحب الإنجازات المحلية و القارية.

خلال تلك الفترة الزمنية ظهرت أيضا علي الساحة مجموعة أخري من الأندية التابعة لهيئات القطاع العام – أسكو و البلاستيك و مصنع 36- لكنها لم تقدر علي مواصلة المشوار نتيجة قلة الموارد المالية ,فجرفها التيار و تاهت عن المسار بصحبة مثيلاتها المملوكة لرجال الأعمال – مزارع دينا و جولدي- الذين أقتحموا المجال الرياضي بأعتباره مشروع مربح علي المستوي التجاري و الدعائي ثم خرجوا منه بعد أن فشلوا في تحقيق المكاسب المأمولة.

مع بداية القرن الحالي عادت أندية مؤسسات الدولة لغزو مسابقة الدوري , لكن هذه المرة بصورة مختلفة تضمن لها البقاء بشكل دائم بل و الدخول بقوة في دائرة المنافسة علي اللقب , حيث أستقطبت أفضل اللاعبين و أكفأ المدربين عن طريق أغرائهم بالعقود المجزية و المكافاءات الضخمة – قيل أنها كانت تمثل نسبة 5% من أرباح تلك الكيانات – فضلا عن الوعد بتعيينهم في وظائف صورية يتقاضون عنها رواتب خيالية دون أن يتكبدوا مشقة الذهاب لمقر العمل من أجل التوقيع علي كشوف الحضور و الأنصراف!.

موسم 2002 شهد صعود فريق إنبي البترولي الذي حقق مفاجاءة مدوية بحصوله علي المركز الرابع , و تسبب في تحويل مسار الدرع من الجزيرة إلي ميت عقبة بعد أن فاز علي الأهلي خلال المبارة الأخيرة بهدف قاتل لسيد عبد النعيم … سنة 2004 ترقي للعب مع الكبار فريقي أسمنت السويس و أسمنت أسيوط المملوكين للدولة حينذاك , و في العام التالي أنضم إليهم بتروجيت و بترول أسيوط التابعين لوزارة البترول التي صارت حاضرة بثلاثة أندية دفعة واحدة , كذلك صعد فريق المصرية للأتصالات ممثلا عن الشركة الحكومية التي تحمل نفس الأسم لكنه هبط سريعا للقسم الثاني و حل محله شقيقه الأصغر تليفونات بني سويف.

الموقف أزداد تعقيدا بعودة ظهور الأندية الخاصة – الجونة و وادي دجلة و مصر المقاصة- التي وجد مالكوها أن المناخ العام أصبح ملائما للأستثمار في لعبة كرة القدم, خصوصا بعد أن تحولت إلي صناعة حقيقية تدر الثروات المادية و تحقق الوجاهة الأجتماعية المؤهله لخوض غمار الأنتخابات البرلمانية.

وزارة الرياضة و معها إتحاد الجبلاية غضا البصر عن هذه الوضع الشاذ الذي يخالف بوضوح بند المادة 18 الوارد بلائحة الأتحاد الدولي : (لا يجوز مشاركة أكثر من فريق تابع لنفس المؤسسة في مسابقة واحدة) , و يتنافي مع تشريعات المواثيق الأوليمبية التي تنص صراحة علي وجوب أختيار مجالس إدارات الأندية عن طريق الأنتخاب و ليس بالتعيين كما يجدث عندنا.

كل ماسبق كان سببا مباشرا في الأختفاء التدريجي لعديد من الفرق الجماهيرية – المنصورة و الأوليمبي و المنيا وغيرهم- التي فقدت كل فرص البقاء علي قيد الحياة التنافسية , مما دعي المسؤولين عنها لتشكيل لجان و روابط فيما بينهم من أجل مواجهة توغل أندية الشركات التي صارت أغلبية داخل كل المسابقات المحلية.

الأجتماع الأول الذي عقدته جبهة المتضررين جاء في أكتوبر 2008 بدعوة من المهندس حسن فريد – رئيس الترسانة حينذاك- الذي أقنعهم بضرورة مساندته أولا في إنتخابات أتحاد الكرة حتي يتمكن من تلبية مطالبهم حال فوزه , لكن الثعلب المخضرم سمير زاهر نجح في أختراق التكتل و إفساد المخطط المرسوم بعد أن عقد صفقات سرية مع عدد من الشخصيات المؤثرة التي أنسحبت بناءا علي الوعود التي تلقتها ليفشل المؤتمر فشلا ذريعا و يستمر الحال المعوج قائما.

تكررت اللقاءات في أعوام 2011 بالشرقية و 2013 بالمنوفية دون أن تسفر عن شيء ملموس سوي مجرد قرارات عنترية لم يعيرها مجلس الجبلاية أدني أهتمام لأنه بالأساس لا يعترف بتلك اللجنة أو بتوصياتها غير الملزمة له , و بذلك تجمد الموضوع من وقتها حتي اليوم و لم تجري محاولات جدية لأحيائه بأستثناء بعض الجهود الفردية و الأجتهادات الصحفية.

لو ألقينا نظرة سريعة علي أسماء الفرق المشاركة في دوري هذا العام لن نجد سوي 6 فقط تحمل صفة الشعبية- أثنين منهم سيهبطان غالبا- أما الباقي كله فينتسب للشركات و المؤسسة العسكرية و رجال الأعمال , مما يؤكد أستفحال تلك الظاهرة الخطيرة التي يجب مواجهتها بواسطة الأجراءات التالية:
1- محاسبة مؤسسات القطاع العام التي تنفق ببذخ شديد علي النشاط الرياضي الترفيهي رغم أنها تحقق خسائر سنوية فادحة , مثل شركة بتروسبورت التي شيدت ستادا تكلف أكثر من 300 مليون جنيه في الوقت الذي عجزت فيه عن تحسين الأوضاع المالية للعاملين بها.

2- إعادة دوري الشركات للحياة مجددا حتي يتسني للهيئات العامة و الخاصة الترويج لمنتجاتها من خلاله, فضلا عن فتح المجال أمام الموظفين لممارسة النشاط الكروي علي سبيل الهواية دون أن يؤثر ذلك علي متطلبات عملهم الأساسي الذي يتقاضون عنه أجورا و حوافز.

3- دمج كل الفرق التابعة لنفس المؤسسة في كيان واحد مستقل يتولي شؤونه مجلس منتخب لا يخضع لوصاية الإدارة العامة التي تقتصر مهمتها علي مجرد توفير الدعم المالي و المعنوي مقابل الإستفادة من الدعاية الأعلانية المجانية و المزايا التسويقية بالداخل و الخارح.

4- توجيه أكبر جزء ممكن من الإعانات الحكومية في مجال الرياضة إلي الأندية الشعبية التي غابت عن المشهد لسنوات بسبب التجاهل و الأهمال…عندما تعود الجماهير للمباريات لن تمتلأ المدرجات بمشجعي إنبي أو بتروجيت بل بعشاق فرق طنطا و المنصورة و دمنهور.

للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك اضغط هنا

اقرأ أيضًا:

رائد عزاز يكتب: سمينا و عدينا و إيد المولى ساعدتنا!

رائد عزاز يكتب: التعادل نعمة و اللي يكرهها يعمى!

رائد عزاز يكتب: ست الحبايب يا حبيبة!

رائد عزاز يكتب: فوق يا طيب واتكسف على دمك!

رائد عزاز يكتب: أنا بكره إسرائيل!

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا