هاجر جميل تكتب: إعلام 2014.. تجارة وصراخ وهوس الترافيك

صوت عال + قضية تعتمد في أساسها على الإثارة والبلبلة + تنظير وقلة  معلومات = إعلام فقير ،لا يمكن أن تعتمد عليه لتغذية عقلك، أو أن يجيب على تساؤل حائر لديك، أو أن يمتعك إمتاعا لا إسفاف أو تدني للمستوى فيه.. للأسف في الآونة الأخيرة اعتمد الإعلام المصري على كل العناصر التي تجعلك لا تتمتع بعمل مهني يمكن أن تقول عليه “ده متعوب فيه “إلا من رحم ربي .

ثقافة الصوت العالي والصريخ 

من خلال متابعة المواد المُقدمة في وسائل الإعلام، يمكنك أن تلاحظ أن أغلب الإعلاميين في مصر اعتمدوا خلال 2014 على استخدام أقوى درجات الحنجرة لديهم، معارضة من يخالفهم الرأي، بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى إنهاء مداخلات أو حوارات لمجرد أن فلان يخالف مقدم المادة الإعلامية أو يقول شيئا ليس على هواه .

المتعمق في العمل الإعلامي وفي المطبخ كما يقال على دراية كاملة بمعارضة ذلك للمهنية التي ننشدها ونحاول الوصول إليها، لكن ذلك لا يمنع ان هناك شريحة من المجتمع  تؤيد هذا النوع من الإعلام صاحب الصوت العالي ،الذي لا يقدم معلومة، يعتمد على سياسة “قلنا وقال”، يقدم لك الدليل الكامل لــ”كيف تكره من يخالفك الرأي وتسحقه لا أن تتناقش معه بالحجج والبراهين”، لا يمكن أن نلوم من يتابع تلك النوعية باهتمام وبحرص.. لأننا ببساطة لم نعوده على تقديم نوعية مختلفة تحترم عقله وتقدم له معلومة مبذول جهد كبير عليها حتى تُقدم وليست أهواء أو قناعات من يقدمها .

هوس الترافيك

من منا يعمل بمجال الإعلام وغير مهتم بنسب الترافيك الخاصة بمحتواه المُقدم ..بالتأكيد لن تجد ذلك، فكلنا نهتم بالترافيك بدرجات متفاوتة، ولمن لا يعلم من خارج الوسط الإعلامي فالترافيك ببساطة مرتبط بنسب قراءة أو مشاهدة أو سماع محتوى ما من قبل المتلقي.

الترافيك أصبح هاجسًا لدى الكثيرين وباتوا يفكرون في معادلة ترفع أسهم الترافيك لمؤسساتهم في السماء -والمعادلة في ظاهرها بسيط لكن تشوه صورة الإعلام- إثارة أو جنس أو أخبار تحمل في عنوانها شيء مثير للقراءة وفي الداخل شيء أخر منافي للمانشيت ليتكون لديهم نسب ترافيك سريعة دون أي مجهود وجمهور تلك الأخبار والفضائح متواجد وبنسب ليست بالقليلة، وتابعنا خلال 2014 العديد والعديد من تلك المواد ..ودائما ما يكون رد القائمين على صناعة تلك المواد “إحنا عايزين نبيع” أو “الجمهور بيحب الحاجات دي”، ونعود لنفس النقطة جزء كبير من المسئولية إن لم تكن كلها تقع على كاهل الإعلاميين لعدم تعويدهم المُتلقى على استقبال مواد مختلفة وقصص مفيدة له .

صناعة الإعلام أصبحت تجارة

في 2014 باتت صناعة الإعلام وكأنها تجارة بشكل كبير وعلى كل المستويات واختفى شيئا فشيئا الإعلام كإبداع وابتكار إلا في حالات قليلة جدا، أصبح التفكير في كيف يتحقق من كل ما يُعرض ربح وعائد حتى وإن كانت في الأصل مواد تقديم نفع أو معلومة، فصار لكل قناة برنامج طبي الهدف منه ليس تقديم المعلومة الطبية بل الترويج للطبيب المُستضاف ومركزه أو عيادته وبات كل ما يشكو منه المصريون عمليات التجميل أو السمنة والتطورات بها، برامج طبية يمكن أن تُستغل لتقديم المعلومات الصحيحة لإسعاف شخص أصيب بحرق ما على سبيل المثال، أصبحت ترويج لمركز الدكتور فلان .

مع وداع عام وقرب استقبال الأخر، فضلت أن أكتب في المجال الذي أحبه وأعمل به ،انتقد أوضاعًا أراها بعيدة كل البعد عن المهنية والموضوعية، موضوعات عملت طيلة سنة أن تُغيب المواطنين أو تقنعهم بوجهة نظر واحدة دون سماع الأخر أو تقدم لهم معلومة مغلوطة غير مستندة لأي دلائل أو براهين أو تعمل بمبدأ الإثارة في طرح الموضوعات وغيرها الكثير والكثير ..أتمنى أن نستطيع في العام المقبل أن نغير صورة الإعلام وأن نحترم المتلقي وأن نعوده على ألا يرضى بالرديء ويصدقه، أشعر بأني قد أكون حالمة لكن كلي يقين بأن مهنتنا بها كوادر كثيرة تُقدر المهنية وتقدسها وستعمل على تغيير الوجه القبيح للإعلام.

تابعونا على تويتر من هنا

تابعونا على الفيسبوك من هنا