وسام سعيد يكتب: بين السوشيال ميديا والفنانين.. 4 ظواهر جديدة على ‏الوسط الفني ‏

مجرد سؤال.. هل حقا جيل الفنانين الحالي أقل موهبة وإنتاج من ‏نجوم السينما القدامى مثل أحمد زكي وعادل إمام ‏ونبيلة عبيد وغيرهم؟ ‏

رغم أن الأرقام ومستوى الأعمال وتصريحات فناني ‏الجيل الحالي عن أنفسهم يؤكد ذلك، إلا أن ثمة عوامل ‏أخرى ظهرت في معرض المقارنة بينهما ينبيء عن ‏ظواهر مرعبة وخطيرة في الوسط الفني الحالي لم ‏تحدث مطلقا من قبل أفرزها قانون السوشيال ميديا ‏الحاكم بأمره وإحداثيات التعامل معه من قبلهم:‏

‏1‏‏- الرافضون للنقد:‏

اتجاه جديد من قبل الفنانين وبالأخص نجوم الشباك، منهم بدا واضحا في التعامل مع انتقادات الجمهور على ‏مواقع التواصل بل والأخطر من ذلك حين وصل الأمر ‏لحد التطاول على فئة النقاد المحترفين عبر تصريحات ‏رسمية.

فمنذ متى ظهر هذا الفيروس في عقل الفنان حين ‏يتصور أن خلف انتقادات أعماله كتيبة من اللجان ‏الالكترونية والكائنات الفضائية والمؤامرات الكونية ‏والخطط الأمنية التي تتجمع لشن الحرب عليه؛ وهل سمعنا ذات مرة أن نور الشريف أو عادل إمام أو ‏أحمد زكي دخل في تراشق لفظي ووصلات سباب ‏عبر الصحف والمجلات أو التلفزيون لأن أحد النقاد ‏هاجم أفلامهم بضراوة؟ ومنذ متى دخلت عبارة (مؤامرة) في المعادلة بين ‏الفنان والناقد؟

والأغرب هو تصريحات هذا الجيل الواعد عن هذا ‏النقد بعدة كليشيهات ثابتة وجاهزة إليك بعضها:‏

هجوم غير مبرر - مؤامرة من منافسين - ماشافوش ‏الفيلم وبيتكلموا – السوشيال ميديا مش مقياس ومش ‏مسطرة – مصر كلها بقت نقاد.

‏2– كتيبة الدفاع والرد:‏

هذه الظاهرة تكاد تكون من تخصص أسماء معينة ‏تنبري للدفاع عن الفنانين الذين يتعرضون لهجوم نقدي ‏أو تقييم مزعج على السوشيال ميديا، فينصبون أنفسهم كتيبة دفاع ومحاماة للوسط الفني ‏بمجرد أن يدخل أحدهم بؤرة الضوء ويدخل التريند ‏ويوضع عمله الفني في مرمى سهام السوشيال ميديا ‏الحارقة والمتنمرة أحيانا بلا ضوابط.

مهمة الدفاع هذه باتت فرصة جيدة لبعض الفنانين ‏المقلين في أعمالهم نتيجة لأزمة الإنتاج الدرامي ‏وبيزنس المنصات وندرة الإنتاج السينمائي؛ فكيف يعوض غيابه عن الساحة ويظهر مجددا للجمهور إلا من خلال تصريح ناري مثير للجدل يدخل ‏به معركة لا ناقة له فيها ولا جمل.‏

وللموضوعية والأمانة علينا أن نكون منصفين ونعترف ‏بأن حكم السوشيال ميديا على الفنان غالبا ما يكون غير ‏عادل وقاسي ومتنمر ويضرب بلا قوانين تحت الحزام، ولكن في ذات القوت علينا أن نقر بقاعدة أشبه بميثاق ‏شرف أقسم عليها كل من دخل الوسط الفني ومجال ‏الشهرة بأن شرف الفنان وعرضه وحياته الخاصة في ‏مرمى النيران

فعليه أن يصمد ويواصل ولا يبال وإلا فليعرض عن ‏الأمر برمته.

إذن، فالنجم كريم فهمي، أحد جانات الدراما الموهوبين ‏واللامعين بقوة، ولا يحتاج للصعود على المسرح في ‏كل مشكلة للدفاع عن صاحبها وعليه التركيز في ‏طريقه الفني الذي يسير فيه بخطوات واثقة وناجحة.

‏3– نجوم للحفلات والأفراح فقط !‏

مجموعة من الفنانين الذين تعذر ظهورهم بشكل يضمن ‏لهم البقاء على مسرح الشهرة والنجومية ولديهم (فوبيا ‏الاختفاء) من المشهد ويخشون أفول نجمهم فيحرصون ‏بشكل ثابت ومنظم على حضور جميع مهرجانات ‏السينما في كل أنحاء مصر والعالم العربي، ولا يتركون ‏فرح ولا حفل عيد ميلاد نجم إلا ويكونون في طليعة ‏كاميرا السوشيال ميديا برقصة أو تصريح خاطف أو ‏فستان مثير

فتظهر الفنانة مع أصحاب الفرح أو بفستان مثير للجدل ‏في رقصة لطيفة أو لقطة ملفتة فتصبح بها حديث مواقع ‏التواصل لمدة شهر على الأقل.

هناك مجموعة أسماء معروفة في الوسط الفني هم ‏نجوم متلألئة في فرح زواج ابن أخت النجم الفلاني ‏وخطوبة ابنة النجم العلاني، أين الأعمال؟ ..أين الإبداع السينمائي؟...أين التنافس ‏الفني؟ ...أين الزخم السينمائي؟ ...لا يهم، المهم هو أن ‏يظل النجم في بؤرة الضوء.

المثير للدهشة أن هذه المجموعة تمتلك من الجرأة ‏والثقة بالنفس ما يجعلهم يقفون بجسارة أما الكاميرات ‏ليلقوا بتصريح جدلي يدخلهم دائرة التريند، وفي حقيقة ‏الأمر لا يمتلك أحدهم في رصيده السينمائي أكثر من ‏فيلم أو مسلسل واحد شارك فيهما.‏

‏4– موضة سب الجمهور والنقاد

لن ينسى تاريخ الفن -وبكل أسف – التصريح ‏المتجاوز والغريب للكاتب الصحفي محمد الغيطي حين ‏وضع النقاد مسلسله (الضاحك الباكي) عن قصة وسيرة ‏الراحل نجيب الريحاني في الميزان ثم افترست مواقع ‏التواصل العمل بأنياب حادة لا تعرف المعايير ‏الموضوعية ولكنها عبرت بطرقها الخاصة وسلاحيها ‏المؤثران وهو (السخرية + الانتشار)‏، فلم يتحمل الكاتب النقد فسب الجمهور بأمه.

وتمر الأيام ويتكرر المشهد متصاعدا حين تضمن رد ‏النجم والمطرب التسعيناتي الكبير مصطفى قمر على ‏هجوم الناقد طارق الشناوي عليه تلميحا خارج حدود ‏اللياقة في تطور جديد وسابقة غير معهودة أن يشتم ‏الفنان الناقد، حتى ولو كان طارق الشناوي وفقا لكلام مصطفى قمر ‏يتعقبه شخصيا ولا يحكم بمعايير فنية سليمة فليس هذا ‏مبررا للتطاول، وجميعنا شاهد لقاءات وتسجيلات قديمة للإعلامية ‏سلمى الشماع وهي تهاجم أفلام النجم عادل إمام وهي ‏تحدثه وجها لوجه وهو يرد عليها بثقة ورقي ‏والابتسامة تملأ وجهه !!‏

ومؤخرا في حملة التنمر غير الرحيمة على الممثلة ‏الصاعدة الموهوبة حقا داليا شوقي، خرجت والدتها ‏ولم تكتف بحقها في الدفاع عن ابنتها ولكن تجاوزت ‏في حق الجمهور واتهمته بأنهم مثل (كفار قريش)، رغم أن داليا شوقي وحدها ردت باحترافية وأدب ‏كافيين لتجاوز الأزمة التي أشعلتها والدتها مجددا، فجمهور السوشيال ميديا غير رحيم وإقصائي إلى مدى ‏بعيد ونسى بالفعل أن هذه الصاعدة لديها موهبة حقيقية ‏قدمتها بقوة في حلقة من حلقات مسلسل (خارج ‏السيطرة) وقامت بدور نفسي مركب يستحق الإشادة.

أخيراً ...نحن أمام تحول جديد يتحرك ككرة الثلج ‏وتأثيره المرعب لم يتجلى بعد، ولكنه أمر لو تفاقم ‏داخل الوسط الفني سيفقد مجال السينما والإبداع في ‏مصر ريادته العربية.. فلننتبه ونتمسك بما تبقى من ‏قوتنا الناعمة.