تحليل نفسي لمسلسل "كامل العدد"

كامل العدد

نرمين جودة كامل العدد

وكالعادة يهل علينا رمضان مصحوبا بسباق درامي يتبارى فيه شركات الإنتاج المصرية والعربية لنقديم أفضل ما لديهم من أعمال تليق بهذه المنافسة الجبارة فرمضان موسم مشاهدة هام لصناع الدراما، فالأسرة المصرية والعربية تتجمع بعد تناول الفطور حول التلفاز لمشاهدة ما يتراءى لها من أعمال والحقيقة يهتم صناع الدراما بتنوع أنواع الدراما المقدمة ما بين التاريخية والاجتماعية والوطنية والكوميدية.

في هذا العام تعددت الأعمال الكوميدية التي اهتمت بالقضايا الاجتماعية وكان من بينها مسلسل كامل العدد الذي توقفت عنده كثيرا لأهمية موضوعاته حيث ناقش عدة موضوعات نفسية واجتماعية وتربوية مهمة جدا، ورغم تعقيدها إلا أن صناعه قدموها بصورة مبسطة وسلسة مما جعله السهل الممتنع. نذكر فيما يلي أهم الأبعاد النفسية الاجتماعية بالعمل

نرشح لك: اتهام صناع مسلسل “كامل العدد” بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية لصلاح جاهين

الشعور بعدم الأمان

إن حاجة الفرد إلى الشعور بالأمان هي من الحاجات الأساسية التي تولد مع ولادة الفرد. ويشبع الطفل هذه الحاجة من خلال تواجده في بيئة اجتماعية مستقرة بصفة عامة وأسرة مستقرة بصفة خاصة. والمسلسل قدم لنا نموذج الأم التي تزوجت مرتين ونتج عن كل زيجة طفلين ولأن علاقة الأم مع أزواجها السابقين غير سوية فهي مضطرة للعمل لتوفير متطلبات الحياة، وهذا ما جعل الأبناء في حالة صراع بين التفهم للظروف الحياتية المفروضة عليهم والشعور اللا واعي برفض هذا الواقع وزاد هذا الصراع النفسي عندما قررت الأم الزواج للمرة الثالثة والذي أدى إلى شعور بإن الأم مصدر الأمان الوحيد لديهم سيفقدونها وسيفقدون معها الأمان واعتقدوا أن اهتمامها بهم سيتناقص وسيؤول إلى الزوج الجديد، هذا أدى إلى تفاقم الشعور بعدم الأمان والميل إلى العدوانية مع الأقران وظهر ذلك جليا من الخناقات المتكررة بين الابن وزملائه بماتشات كرة القدم وتنمر الابنة على زميلاتها بجروبات الواتساب.

الشعور بالاغتراب وفقدان الهوية

بعد عودة أبناء الدكتور أحمد من أمريكا بليلة زفافه وانتقالهم إلى بيت الأسرة الجديد الذي يجمعهم مع زوجة أبيهم الجديدة وأبنائها وقرار الأب باستقرارهم بمصر وإلحاقهم بمدرسة أبناء زوجته، لم يستطع أبناء أحمد الاندماج بسهولة مع المجتمع الجديد المفروض عليهم وشعروا بالاغتراب فلقد اعتادوا الحياة بأمريكا وكونوا بها حياتهم الخاصة والاختلاف الثقافي بين المجتمع الأمريكي والمجتمع المصري ولد لدى الابنة فريدة ما يشبه الصراع الحضاري فعندما غدر بها صديقها بأمريكا لم تجرؤ على البوح لأحد بحزنها خوفا من تعرضها للنبذ والعقاب ولولا تفهم الأسرة والتعامل بذكاء مع الأمر جعل في استطاعتهم أن يساعدوها على اجتياز هذه الأزمة، وهنا أظهر العمل الدرامي أهمية التفاهم الأسري وإدراك الأسرة أن اختلاف البيئة الثقافية لأمريكا التي نشأت بها ابنة أحمد منذ صغرها عن البيئة الثقافية لمصر من الطبيعي أن تؤديإلى عدم التوافق الاجتماعي لابنته، وبالتالي فهي بحاجة إلىى دعمها واستيعابها لإعادة دمجها بالمجتمع المصري وضرورة احتواء الأبناء حتى في المواقف التي قد تكون مرفوضة اجتماعيا.

العدوانية

وكان السلوك العدواني نتاج طبيعي للمشاكل النفسية والشعور بعدم التوافق النفسي عند الأبناء فجاء تخطيط الأبناء لتدمير الأسرة الجديدة هو أبشع جرم يمكن أن يرتكبه أبناء بحق أسرتهم، خاصة وأن كل من الأب والأم يبذلان قصارى جهدهما لتوفير حياة سعيدة لجميع الأبناء.

دور الأسرة والتنشئة الاجتماعية

لم يتغافل العمل الدرامي أهمية الأسرة الكبيرة والأجداد في تربية الأحفاد، فالجد تيمور استطاع أن يعيد شمل الأسرة في أكثر من موقف وكذلك الجدة تونة التي كانت ترعى الأحفاد في غياب الأباء والجدة عايدة التي اكتشفت موهبة حفيدتها بل وساعدتها على تقديمها بحفلة المدرسة بصورة مبهرة والجد الذي شجع ابن زوجة ابنه على النجاح بالمدرسة مقابل السماح له بالعمل بمصنعه في الإجازة الصيفية، كلها نماذج مهمة لأجداد أثروا بصورة إيجابية على تربية الأحفاد.

العمل رغم أنه قدم فى صورة وجبة خفيفة سعلة الهضم مبهجة للنفس إلا أنه عمل عميق توغل في أغوار نفس الطفل ليقرع للأباء جرس إنذار بضرورة الاهتمام بنفسية الطفل وأنه يدرك ويتأثر ويعاني مثله مثل البالغ تماما، العمل من إخراج خالد الحلفاوي وتأليف يسر طاهر ورنا أبو الريش وبطولة إسعاد يونس ودينا الشربيي وشريف سلامة وآية سماحة وتميم عبده وأحمد كمال وألفت إمام.