رائد عزاز يكتب: هؤلاء يتحملون مسؤولية قتل المكسيكيين

على الرغم من إن التحقيقات الرسمية لملابسات حادث الواحات المأساوي مازالت جارية ولم تعلن نتائجها النهائية بعد، إلا أن كل عناصر المنظومة السياحية المصرية تبارت في توجيه الاتهامات لبعضها البعض سعيًا وراء التنصل من المسؤولية والخروج بأقل الخسائر الممكنة سواء من الناحية المهنية أو الشخصية.

حقيقة ما حدث طبقًا للأوراق الرسمية وشهادة الشهود هي: المجموعة السياحية المنكوبة كانت تضم 16 فردًا مكسيكي الجنسية – بعضهم يحمل أيضًا جواز سفر أمريكي – جاؤوا إلى مصر بغرض زيارة الآثار في مدن القاهرة والواحات والصعيد، طبقًا للبرنامج الموضوع تحركوا أول أمس من مقر إقامتهم بأحد فنادق الهرم متجهين إلى الواحات البحرية برفقة المرشد السياحي/ نبيل الطماوي ومعه أحد أفراد شرطة السياحة المكلف بالحراسة والتأمين.

وسيلة الانتقال كانت 4 عربات من ذوات الدفع الرباعي ثلاثة منها تحمل رخصة سياحية والرابعة ملاكي، المسافة تبلغ حوالي 350 كم على طريق أسفلتي ممهد لا يوجد على جانبيه أي خدمات أو كافتيريات باستثناء واحدة يتيمة اسمها (الرست) يرفض الجميع التوقف عندها لسوء خدماتها وقذارة دورات المياه التي بداخلها.

حوالي الساعة الثانية ظهرًا وقبل الوصول إلى فندق الواحات بحوالي 70 كم اتخذ المرشد قرارًا بالخروج عن الطريق العام والتوغل داخل الصحراء لمسافة 2 كم – في قول آخر 50 كم – من أجل الراحة وتناول وجبة الغذاء فضلاً عن إعطاء الفرصة للسياح من أجل التقاط صور تذكارية لهذه المنطقة التي تتمتع بمناظر طبيعية خلابة للكثبان الرملية… السيارات الأربع وقفت إلى جوار بعضها على شكل مربع وبدأ الجميع في إخراج أكياس الطعام، لكن في هذه اللحظة قامت طائرة عسكرية بقذفهم من أعلى ظنًا بأنهم مجموعة إرهابية، فكانت النتيجة هي وفاة 8 مكسيكيين و4 مصريين فضلاً عن تعرض الباقي لإصابات متنوعة.

سأتناول معكم بالتحليل أدوار كل المشتركين في هذه الفاجعة ومسؤولية كل منهم عما حدث:

1 – الجيش المصري

كان يقوم بتمشيط هذه المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية بحثًا عن عناصر إرهابية قامت بخطف أحد رجال البدو المتعاونين مع الحكومة، وبالتالي يمكن اعتبار هذا المكان منطقة عمليات عسكرية محظورة لا يجوز للمدنيين التواجد بها، فلاسفة الإعلام وجهابذة صفحات التواصل الاجتماعي أدانوا عدم قيام الطائرة بالتأكد من هوية الهدف أو إطلاق طلقات تحذيرية من أجل التنبيه قبل فتح النيران! من المعروف أن الطيار العسكري المكلف بمهمة قتالية يشاهد الأهداف من مسافة عالية ومن خلال (مونيتور) صغير لا يحدد الملامح أو الملابس بل التحركات فقط وبالتالي فإنه يصبح غير قادر على التمييز بدقة لهوية الأشخاص المستهدفين… الأوامر الصادرة له في مثل هذه الحالات والظروف هي (الضرب في المليان) لأي كائن متحرك دون توجيه تحذيرات من شأنها إعطاء الهدف فرصة الهروب أو المقاومة. القوات المسلحة لا تتحمل مسؤولية ما حدث لكن يجب عليها تقديم اعتذار رسمي عن الخطأ غير المقصود مع دفع تعويضات للضحايا.

2 – وزارة السياحة

يقودها كهنة من الموظفين الحكوميين الروتينيين الذين لا يعنيهم سوى تستيف الأوراق والابتعاد بكل ما أوتوا من قوة عن أي مشكلة قد تهدد مناصبهم أو مكتسباتهم الشخصية… معظم هؤلاء لا يهتمون بدورهم في التنشيط والترويج بل يتصارعون فقط على السفر إلى المؤتمرات الدولية الخارجية من أجل تلميع صورتهم الباهتة والحصول على بدل السفر. عقب الحادث بوقت قليل خرجت علينا المتحدثة الرسمية باسم وزارة السياحة لتتلو علينا بيانًا رديئًا مهترئًا لا يحمل بين طياته سوى تبريرات ساذجة ومعلومات مغلوطة تلقي كل اللوم على شركة السياحة المصرية والمرشد المرافق؛ تحت دعوى أنهم خالفوا التعليمات ولم يحصلوا على التصريحات المطلوبة! السيدة الفاضلة لم تتفوه بكلمة أو إشارة نحو تقصير وزارتها الفادح ولا عن التخبط والعشوائية الذي يغلف أدائها.

3 – شرطة السياحة

غالبية العاملين بها جاؤوا إليها عن طريق الوساطة باعتبارها قطاع مريح ومربح تكثر فيه الهدايا والإكراميات.

قيادات شرطة السياحة ادعت أن شركة السياحة قدمت لها بيانات مغلوطة عن عدد أفراد المجموعة ونوع المركبة المستخدمة وهو ما يطرح عددًا من الأسئلة المنطقية: هل كانت القيادات تعلم أن هذه المجموعة متجهة إلى منطقة خطرة بها اشتباكات وعمليات عسكرية؟

إذا كانت تعلم فهي مصيبة وإذا كانت لا تعلم فالمصيبة أكبر… كيف سمح ضابط السياحة الموجود بالفندق بتحرك هذه المجموعة رغم مخالفاتها؟ لماذا وافقت الأكمنة الأمنية المنتشرة على طول الطريق على مرور هذا الركب رغم وجود تضارب بين التصريح الموجود والواقع الحقيقي؟ ما هو دور فرد الأمن المرافق ولماذا لم يجبر المرشد والسائقين على الالتزام بالطريق المفروض وعدم الخروج عنه؟

الإجابات كلها ستؤكد وجود تقصير فادح من شرطة السياحة التي تعمل بمفردها دون التنسيق مع أحد.

4 – المرشد السياحي

يشهد الجميع بكفاءته المهنية وبأخلاقه الإنسانية الرفيعة التي جعلته محل احترام وثقة طوال مشواره المهني الذي تجاوز 24 عامًا. المرحوم بإذن الله نبيل الطماوي كان يقوم بدور هام في جلب السياح إلى مصر عن طريق علاقاته الشخصية ومجهوده الوافر بالداخل والخارج وهو الدور الذي فشلت وزارة السياحة وقيادتها في القيام به رغم الإمكانات الكثيرة المتاحة لهم! خروجه بالسيارات عن المسار المرسوم أمر معتاد يقوم به جميع المرشدين دون استثناء جهارًا نهارًا دون أن يعترض أحد من الشرطة… أعلم أنها مخالفة للتعليمات الشفهية لكن أين القانون أو اللوحات الإرشادية التي تحرم القيام بذلك… الواقع يؤكد أننا نبحث دائمًا عن كبش فداء وحبذا لو كان بين يدي الله لا يستطيع الدفاع عن نفسه.

5 – شركة السياحة

(ويندوز أوف إيجيبت): الطرف الأضعف الذي عليه أن يفتدي الكبار ويتحمل أخطاء وخطايا كامل المنظومة.

الشركة استخرجت موافقة رسمية من شرطة السياحة بعمل هذه الرحلة لكنها لم تحصل على تصريح مماثل من الوزارة باعتباره مجرد روتين لا يقدم أو يؤخر مصيره دائمًا الحفظ داخل أرشيف الوزارة… نعم الشركة تتحمل بعض الأخطاء لكن هل من العدل أن (تشيل الليلة) وحدها ويفلت الآخرون دون عقاب؟

كل عناصر المنظومة تعيش في جزر منعزلة عن بعضها دون وجود لأدنى درجات التنظيم والتنسيق بينها… الخاسر الأوحد هو الاقتصاد المصري الذي سيستمر في فقدان أحد أهم عناصر تمويله وهي السياحة… هل يتحرك رئيس الجمهورية شخصيًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك إضغط هنا

اقرأ أيضًا:

رائد عزاز يكتب: طبيبة تشيلسي الساخنة!

رائد عزاز يكتب: حكام مصر بين الأهلي و الزمالك!

رائد عزاز يكتب: اللهم بلغت..اللهم فأشهد!   

رائد عزاز يكتب: الإعلام الرياضي.. عدو ولا حبيب؟

رائد عزاز يكتب: ضحكني شكرًا!

رائد عزاز يكتب: محمد وعبد المسيح ..عن أسباب تجاهل اللاعب المسيحي

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا