أحمد عصمت يكتب: ساديو ماني واليوم العالمي للتحقق

عقب مباراة مصر والسنغال الأخيرة بتاريخ 29 مارس 2022؛ انتشرت مرة أخرى منشورات على فيسبوك لدعم ساديو مانيه لاعب ليفربول ومنتخب السنغال ورصدت -بنفسي- حوالي 27 منشور عند أصدقاء، بعضها كان منشوراً بشكل متتالي تارة عن ديانة اللاعب اللاعب وأخرى عن الهاتف المحمول لمانيه بجانب منشورات عن كيف تحول من الفقر إلى أن يصبح لاعباً عالمياً وحول رفضه لتواجد زوجته في المباريات كي لا تنكشف على أجانب … إلخ.

ورغم انتشار الشبكات والمجموعات والمؤسسات والصفحات التي تعمل على كشف الخلل المعلوماتي إلا أنه -وحتى الآن- لم يتم التعامل بالشكل الكاف مع تلك المنشورات خاصة وأن بعضها غير حقيقي بالمرة وبعضها مدسوس.

تلك المنشورات ليست بجديدة ولكنها طفت على السطح منذ مباراة المنتخب المصري أمام نظيره السنغالي في بطولة أمم أفريقيا “لعب المنتخبان ثلاث مباريات في بطولة أمم أفريقا وتصفيات كأس العالم في أقل من شهرين”؛ بعضها أعيد تدويره والبعض تمت إعادة صياغته ودس قصص مختلقة ونشرت وتشاركها كثيرون.

تناقشت مع الأستاذ الدكتور حسين أمين؛ أستاذ الإعلام والصحافة ومدير مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، حول فكرة التحقق ذاتها وإعادة تدوير المحتوى ومستويات الثقة في الأخبار وخرجت بالتالي:

1- نحتاج إلى التروي قبل نشر ومشاركة الأخبارعلى اختلاف أنواعها وكذلك نحتاج للتروي في الحكم على المنشورات وقرائتها بتركيز ثم إعادة قرائتها قبل الحكم عليها.

2- علينا تحييد إنحيازتنا في الحكم على المنشورات بشكل عام والتعامل معها كمعلومات يجب التأكد من صحتها.

3- نحتاج إلى إعادة التفكير في عملية التحقق من المعلومات ذاتها وإضافة خطوة “تحقق ما قبل النشر” كخطوة تكميلية قبل نشر نتيجة التحقق. تزامن هذا النقاش مع حلول الثانى من أبريل حيث يحتفل العاملون في مختلف مجالات الصحافة والإعلام بـ “اليوم العالمي للتحقق” International Fact-Checking Day؛ وهو يوم إحتفائي يهدف لجذب الانتباه إلى أهمية مجابهة انتشار الخلل والاضطراب المعلوماتي المعروف بالدارجة بإسم “الأخبار الكاذبة” وهو المصطلح الذي لا أفضل استخدامه لأسباب يطول شرحها لا مجال لها هنا.

يحاول المحتفون بذلك اليوم – وأنا منهم – وضع الأمور في نصابها الصحيح وحماية الجمهور العام من المعلومات المضللة و/أو المفبركة وكما هو واضح فالاسم جلياً بذاته، فإن مدققي المعلومات يساعدون في حماية سمعة الأخبار من خلال التحقق منها ومنع نشر المعلومات المضللة و/أو المفبركة.

يقود الإحتفاء باليوم العالمي للتحقق “الشبكة العالمية للتحقق” التابعة لـ “معهد بوينتر للدراسات الإعلامية” ومقرها الرئيسي سانت بيترسبرج بفلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية مع عدة شركاء حول العالم.

وتجدر الإشارة إلى أهمية التاريخ، 2 أبريل حيث يقع في اليوم التالي “يوم كذبة أبريل” الذي يأتي في الأول من أبريل في إشارة بذكاء إلى ثنائية “التزييف في مقابل الحقيقة” أو “الجيد في مقابل الرديء”.

في هذا اليوم، تتجمع مختلف المؤسسات الإعلامية حول فكرة توحيد الجهود والموارد التي تمكنها من تقديم النصائح والدروس للطلاب والجمهور حول طرق تحديد ووقف انتشار المعلومات المضللة والمفبركة.

منذ العام 2016 عام الانتخابات الأمريكية والتي استخدم فيها المرشح الرئاسي آنذلك “دونالد ترامب” مصطلح “الأخبار الكاذبة مروراً بجائحة الكوفيد-19 وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية وما بينهم من معارك اقتصادية ألقت بظلاها على العالم بأسره وأججت الصراعات وكان الخلل المعلوماتي بأشكاله المختلفة سلاحاً أساسياً في تلك المعارك من خلال نشر أخبار وموضوعات ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعى ثم انتقالها لتنشر على مواقع إخبارية معروفة أو غير معروفة بما يشير إلى التغير الكامل لتدفق ودورة حياة المعلومات التي لم يتم التحقق منها وهو تغيير يستلزم بالتبعية تغييرًا في الطريقة التي يتعامل بها الصحفيون والمؤسسات الصحفية مع المحتوى.

يبدو أننا ورغم العمل المستمر منذ سنوات فى مجال التحقق من المعلومات والتربية الاعلامية؛ ينبغى علينا أن نؤكد دوماً أن معركة الخلل المعلوماتي هي معركة وعي جمعي وشعوب قادرة على فرز الغث من السمين وهو تحدي مجتمعي ووعي ليس فقط للصحفيين أو العاملين في صناعة الإعلام والترفيه وإنما للمواطنين أيضاً.