أبرزها المرض.. محطات في حياة عايدة عبد العزيز

نوران عاطف

رحلت الفنانة عايدة عبد العزيز، عن عالمنا منذ قليل، عن عمر يناهز 85 عاما، وذلك بعد صراع مع مرض آلزهايمر استمر لسنوات عديدة.

تمتعت الراحلة حضور طاغ، وصوت مميز، كفيل لجذب انتباهك وإثارة شئيء من شعورك بالتأهب، لكن ليس لإجادتها أدوار الشر على طريقة محمود المليجي وتوفيق الدقن، لكن على طريقة الأم القاسية أو ناظرة المدرسة الحاسمة، للبطل الرئيسي لأي عمل سمات معروفة، ربما تدعمه أحياناً صفاته الشكلية والجسمانية، لكن لبروز فنان في أدواره الثانوية واستمراره دائماً قدرة تمثيلية وطاقة فنية كبيرة، ليستطيع إكمال الصورة النهائية للعمل.

ولدت الراحلة في 27 أكتوبر 1936، وحصلت على دبلوم المعلمين عام 1956، ثم التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت فيه عام 1959، وعملت بعدها كمدربة للفرق المسرحية المدرسية، وفيما يلي أبرز محطات حياتها.

زواج وسفر

تزوجت عبد العزيز من المخرج أحمد عبد الحليم وسافرت برفقته إلى لندن لاستكمال دراسته في الإخراج والتمثيل، تلقت هي خلال ذلك الوقت دورة تدريبية في الحركة المسرحية والصوت، عادت بعدها إلى مصر وقدمت عروض مسرحية مثل دائرة الطباشير، ولعبة السلطان، والقوقازية، روت عايدة أن خلالهم كانت كواليس العمل دائماً تحوي مناقشات وأفكار متبادلة لتطوير طريقة أداء العرض، مع نجوم مثل محمود ياسين أو نور الشريف.

أدوار لا تنسى

برزت عايدة عبدالعزيز سينمائياً في أفلام مثل خرج ولم يعد مع المخرج محمد خان حيث أدت باقتدار دور الزوجة القروية العالمة ببواطن الأمور، وأيضاً مع الفنان عادل إمام في فيلم النمر والأنثى في واحد من أشهر أدوارها كوجهٍ شريرٍ، كما ظهرت في دور المرأة الملتزمة التي أصبحت تقود الفرع النسائي لإحدى الجماعات الإسلامية السياسية بعد تاريخها كفتاة ليل في فيلم كشف المستور، لتعبر باقتدار عن ذلك التحول في مساحة لا تزيد عن مشهدين أو ثلاثة.

تواجدت عبدالعزيز تليفزيونياً بكثافة أكبر فظهرت في عدة مسلسلات خاصة الأدوار الصعيدية مثل مسلسل الفرار من الحب،زينب والعرش، كناريا وشركاه، قاتل بلا أجر، ودهشة الذي شاركت فيه بعد وفاة زوجها في أكتوبر 2013 والتي علقت على وفاته قائلة”: “أنا محطمة نفسيًا والحياة لم يعد لها معنى، وأشعر بالوحدة منذ أن فقدت زوجي وصديقي وحبيبي أحمد عبدالحليم، الذي كان كل شيء بالنسبة لي في الحياة، وبعد رحيله اكتشفت أنني لا أعرف شيئا ولا أستطيع أن أخطو خطوة بدونه، فهو كان النافذة التي أطل من خلالها على العالم”، فكانت مشاركتها في المسلسل بعد ترشيح من الفنان يحيى الفخراني في محاولة لإخراجها من حالتها النفسية السيئة.

وجع الرحيل

وعن علاقتها بزوجها الراحل صرحت عبدالعزيز لجريدة الوفد في 28 سبتمبر 2014:

“ربما أكون اشتهرت بصورة المرأة القوية الجبارة، إلا أنني في الحقيقة أضعف ما يكون، فعندما كنت أصور أحد هذه الأعمال أتقمص شخصية أمي، التي كانت قوية يخشاها الجميع، حتى عند زواجي بأحمد كان بسبب خوفى من أمي عندما رأت اسمي في الجورنال كممثلة، فقالت لي أنها ستقتلني لأنها أرادتني أن أكون مدرسة، خاصة بعد تخرجي فى معهد المعلمات.

وعندما التحقت بالمعهد العالى للفنون المسرحية في سنة أولى تعرفت علي أحمد وهو كان في السنة الرابعة وكانت قصة الحب، وتزوجنا ومن يومها لم نفترق إلا بعد موته، فابنتي متزوجة وتعيش في ألمانيا، وابني له حياته الخاصة ومسئولياته، وأنا تعودت ألا أكون حِمل علي أحد حتى أقرب الناس إليّ.”

تكريمات ولكن

حصلت عايدة عبدالعزيز على عدة تكريمات منها جائزة التفوق في عيد العلم من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والتي تعبر عن أن ما أهلها لها هو الدراسة المستمرة، كما حصلت على تكريمات من وزير الثقافة وأكاديمية الفنون، بالإضافة إلى تكريمها كأحسن ممثلة عن دوريها في “رحلة المليون”، و”زينب والعرش”، وأفضل ممثلة دور ثان عن فيلم “خرج ولم يعد”.

في نفس السياق نظمت وزارة الثقافة في سبتمبر 2016 تكريم لها بالمسرح القومي بحضور رواده مثل الفنانة سميحة أيوب والكاتب محفوظ عبدالرحمن والمخرجة أنعام محمد علي والفنانين كمال أبو رية ورشوان توفيق، حيث تم عرض فيلم تسجيلي بعنوان “جوستكا المسرح المصري” لعرض مشوارها الفني، نسبة لدور جوكستا الذي جسدته في مسرحية عودة الغائب مع الفنان محمود ياسين.

وفي حوار لها بعد التكريم أوضحت أنه شهادة من الجمهور والنقاد بمشوارها وقيمتها برغم شعورها أنها لم تأخذ ما تستحقه، لكنها بشكل عام غير مهتمة بالجوائز الفنية حيث كرّست الجزء الأكبر من حياتها لزوجها وأولادها ولم تهتم بالترويج إعلامياً لنفسها، لكن ما قدمته من أعمال مسرحية تم تقديرها من قبل المهتمين بالفن ومن يقدروه بشكل حقيقي وليس المهتمين بمن يحسن تلميع نفسه وتقديمها للإعلام.

وعن الأعمال الأقرب لقلبها أوضحت عبد العزيز أن عودة الغائب وهارون الرشيد والرجل الذي عاد من أدوارها المحببة، كما أن دور رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير في فيلم حائط البطولات، كان من الأدوار المستفزة لها لتعقيده.

معاناتها مع آلزهايمر

كان شريف عبد الحليم، نجل الفنانة عايدة عبد العزيز، قد أعلن منذ عامين عن أنها أصيبت بمرض ألزهايمر منذ فترة عقب وفاة والده الفنان أحمد عبد الحليم منذ 9سنوات، موضحا أن حالتها كانت مستقرة وهذا أفضل شيء لهذه الحالة المرضية.

أضاف “عبد الحليم” خلال مداخلة هاتفية في برنامج “التاسعة” على القناة الأولى أن عايدة عبد العزيز لا تتذكر الأحداث القريبة، وإنما تتذكر الأحداث القديمة، موضحا أنها تنسى ذكرى وفاة والده وتنسى أنه توفي وتسأل عنه باستمرار وعندما تعلم بوفاته حالتها تسوء.

أكد أنه لا يوجد أحد من الوسط الفني يسأل عنها بعد رحيل الفنانة رجاء الجداوي، لافتا إلى أن النقابة تتواصل معهم بالسؤال وتم دعوتها لحضور العديد من المناسبات الفنية في السابق لكن تم الاعتذار بسبب إصابتها بكسر في الحوض مما أثر على حركتها، مشددا أنه رفض ظهورها إعلاميا حتى لا يراها متابعيها بهذه الحالة.