هشام المياني يكتب: عندما قال الإرهابيون للحكومة "بلي قانونك وإشربي ميته"

نقلاً عن جريدة المقال

17 أغسطس 2015 الرئيس عبد الفتاح السيسي يصدر قانون مكافحة الإرهاب.

الحكومة التي أعدت القانون وخاضت معارك من أجل إصداره تهلل وكأنها أتت بالنصر المبين.

خلاص يا شعب إفرح الحكومة جاتب الديب من ديله وأدرت قانون الإرهاب.

الشعب بيتفرج ومذبهل يعني إيه كده الإرهاب خلاص بح؟

الحكومة الشطورة العسلية بتأكد إن طالما القانون صدر خلاص طبعا مفيش حاجة اسمها إرهاب.

المشهد بدا هكذا خلال اليومين الماضيين عبث ثم عبث ثم عبوث.

عبث من الحكومة والدولة التي من الواضح أنه لا عارفة تحكم ولا حتى عارفة تبرر سبب فشلها في الإدارة والحكم.

الحكومة متصورة إن الإرهابي أو من يقومون بالتخطي وتنفيذ العمليات الإرهابية يجلسون أولا فيقرأون الدستور ثم القوانين ويخططون عملياتهم في إطار النصوص الدستورية والقانونية، وأنه بمجرد ما يقرأوا مواد قانون الإرهاب هيخافوا ويقولوا القانون ده صعب قوي ومش هنعرف نعمل عمليات إرهابية بسببه.

ثم يستمر عبث الحكومة فترد على من ينتقدون التضييق على الصحفيين في قانون الإرهاب فتقول إن الصحافة غير مستهدفة إطلاقا وإحنا هدفنا منع دعم الإرهاب.

بالطبع هذا عبث لأن النصوص الخاصة بمحاسبة الصحفيين في القانون -الإنجاز المبين الذي أنجزته حكومتنا الغراء- لا معنى لها سوى أن الحكومة تكافح الصحافة او تكافح ممن ينشرون عن العمليات الإرهابية ويوصلون الحقائق للرأي العام، أي كان الحكومة تكافح من ينشر عن الإرهاب بدلا من أن تكافح الإرهاب نفسه.

الست حكومة عايزانا ما ننشرش عن فشلها في مواجهة الإرهاب أو كيفية مواجهته بحق وبفكر خلاق وعايزانا سكتم بكتم وما ننطقش بكلمة عن تقصيرها ونسيبها هي والإرهابيين يصطفلوا مع بعض وإحنا الشعب اللي بنكتوي بنار الإرهاب دهم الناش حق نقول ده صح ولا غلط أو فلان قصر وفلان ما قامش بواجبه، او نستنى سيادتها لما تحاول تكتب لنا مبررات لفشلها عشان تقولهالنا ومالناش حق حتى نناقش المببرات البلهاء دي أو حتى نواجهها بحقائق تخالفها.

وقلنا كتير وكتبنا وصوتنا اتنبح من كثرة الصراخ عشان تنتبه الدولة والقائمين عليها إلى أن الإرهاب مش محتاج قوانين جديدة عشان نقضي عليه، لان الإرهابي ما خافش من قوانينك الموجودة واللي هي بالمناسبة شديدة وصعبة برضه بس ما فيش حد بينفذها صح ولا حكومة عرافة شغلها ولا أظنها أساسا عارفة نصوص القوانين دي.

لكن الرد المرة دي جه من الإرهابيين أنفسهم، فبعد يومين فقط من صدور قانون الإرهاب وقبل حتى الشعب ما يخلص قرايته ولا الحكومة تنتهي من فرحها به وتبريرها له، وجدنا الإرهابيين بيطلعوا لسانهم للحكومة وبيقولولها بلي قانون واشربي ميته.

وكمان الضربة المرة دي مش في أي مكان والسلام، لا الضربة جاءت في أهم جهاز بالداخلية والحكومة مفترض أن مهمته كشف مخططات الإرهاب، جهاز الأمن الوطني، يعني جهاز المعلومات واللي مفترض إنه بيجيب دبة النملة وهي ماشية على الأرض.

الضربة هذه المرة جاءت فجر أمس ضد فرع الأمن الوطني بشبرا الخمية في محافظة القليوبية.

وصراحة هذا أبلغ رد وتدليل للحكومة عشان تقتنع غن مواجهة الإرهاب مش محتاج قوانين ولكن محتاج شغل بجد وخطط وعدم نوم، لأنه من الواضح إن القانون خلى الحكومة تنام زيادة وكانت متصورة إن الإرهابيين هيناموا هم كمان وهيخافوا.

والعملية دي بتقول كمان إن الإرهابيين مصحصحين وبيخططوا من زمان وبيراقبوا اجهزتنا وهي تغط في نوم عميق وضربوا أهم جهاز بيجمعى معلومات عن الإرهاب والإرهابيين.

يا ترى بقى الحكومة هتقتنع وتقر بأن الأزمة فيها هي وفي عدم قدرتها على المواجهة والتخطيط والتفكير بعقلية الإرهابيين لا بعقلية الموظفين؟

يا ترى الحكومة قعدت مع نفسها وقالت أنا عايزة قوانين تاني وكفاية اللي عندي انا عايزة مسئولين يشتغلوا بجد ويشوفوا شغلهم؟

يا ترى هتعترف بالتقصير وتحاسب نفسها والمقصرين فيها؟

يا ترى اقتنعت إن الأزمة في مواجهة الإرهاب مش في النشر عن الإرهاب؟

أتمنى إن الحكومة فعلا تقعد كده وتراجع ما لديها من ترسانة قوانين تملأ أدارج مسئوليها وموظفيها اللي متأكد إن مفيش حد منهم بيبص في القوانين دي، وتسال نفسها كانت عملت إيه كل القوانين دي لما قانون الإرهاب هيعمل؟

ومع هذا فأنا أشك في استيعاب هذه الحكومة فقيرة الفكر والخيال لهذا الدرس، ولا أستبعد أنها تشغلنا أياما وشهورا أخرى في المطالبة بنصوص قانونية أخرى وتشعل معارك بين فئات الشعب بينما الإرهابيون مشغولون فقط بكيفية تدميرنا ويخططون لذلك طوال الوقت ولا ينشغلون بقوانين حكومتنا ولا يعبأون بها.

اقـرأ أيضـاً:

هشام المياني يكتب: وزير الداخلية يدهس دولة القانون بأقدام توفيق عكاشة!  

هشام المياني يكتب: المرحوم عضوا في لجنة الأداء الإعلامي

هشام المياني: قناة السويس الجديدة والفرخة التي تبيض الذهب

هشام المياني: خبراء السيسي يحاربون الإرهاب بالحب وموائد الإفطار!

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا