شغف وطموح للأبد ما دام القطبان هنا

هدير عبد المنعم ـ تكتب عن مشجع كرة القدم

مشجع كرة القدم دائما يبحث عن الانتصار، عن اللحظة التي يقفز فيها قلبه قبل قدميه من السعادة ويشعر وكأنه يحلق في السماء حد وصوله إلى النجوم فيصبح واحدا منها أو أكثر من ذلك إذا كان من مشجعي الأندية العملاقة المعتادة على الانتصار فقد يحجز له ناديه موقعا مميزا، ويجعله “هو والقمر جيران”.

تصور مشجعي ناديي الأهلي والزمالك أن يوم السابع والعشرين من نوفمبر الماضي هو الأهم في تاريخ وحاضر ومستقبل الناديين، وأن ما بعده لن يكون له قيمة، فالفائز لن يفوز بمجرد مباراة ديربي أو نهائي البطولة القارية الأولى والأهم ويتربع على عرش القارة، بل سيمحي جميع هزائمه الماضية بل ويعتبر الأفضل فيما تبقى من المستقبل القريب والبعيد.. وعلى العكس فالخاسر لن تشفع له انتصاراته الماضية ولا الآتية مهما حدث.. إذن طرف سيظل سعيدا وآخر حزينا إلى الأبد ولن يهم أحدهما شيء فيما هو آت من بطولات ومباريات.. هنا سينتهي الطموح فلا أثمن ولا أغلى من تلك البطولة ولن يعادلها شيء.

نرشح لك: أحمد توفيق المخرج “المظلوم” في تريند لن أعيش في جلباب أبي

مر 9 أشهر على هذا اليوم، فاز الأهلي وخسر الزمالك.. وبالفعل فرحة عارمة هنا وحزن كبير هناك، مع تصور البعض بأنه فقد الشغف، فلن تتغير مشاعره مهما حدث من فوز أو خسارة، فاز الأهلي بعدة بطولات (كأس مصر وكأس السوبر الأفريقي وحقق الميدالية البرونزية بكأس العالم للأندية، ثم عاد وفاز بدوري أبطال أفريقيا للمرة الثانية على التوالي والعاشرة في تاريخه) بالطبع شعر جمهوره بالسعادة ولكن ظلت فرحة ليلة السابع والعشرون من نوفمبر هي الطاغية حتى صدق بعضهم أنه فقد الشغف بالفوز وشعر أنه مقصر في الاحتفال بتلك الإنجازات التي يحققها الأهلي.

على الجانب الآخر، كان الوضع ليس بجيد في نادي الزمالك، فالبطولات المذكورة سابقا والتي حققها الأهلي في المقابل خسرها الزمالك -ماعدا الميدالية البرونزية في كأس العالم للأندية لأنه لم يشارك بالبطولة بعد خسارته أمام الأهلي نهائي دوري أبطال أفريقيا 2020 -، بالطبع حزن جمهور الزمالك لتلك الخسائر ولكن ليس كحزن ليلة السابع والعشرين من نوفمبر.

وقد يكونوا محقين، فلم يحدث في التاريخ أن التقى الأهلي والزمالك في نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا، وبنسبة كبيرة قد لا يحدث مرة ثانية في المستقبل القريب، لذا هو حدث فريد صعب أن يعيشه الفرد مرتين، فالفائز لن يشعر بنفس السعادة مرة أخرى، حتى أن جمهور الأهلي يحتفل بذكرى الفوز كل أسبوع ويوم 27 من كل شهر، وحقهم فأن تحقق البطولة التاسعة أفريقيًا في تاريخك والتي غابت عنك لمدة 7 سنوات وعلى حساب غريمك التقليدي، أي قدر جميل هذا؟ أيضا الخاسر ليس لديه فرصة لتعويض خسارته، هي مباراة، بطولة، نهائي القرن وديربي القارة الذي لن يتكرر.

ورغم ذلك كل هذه الظنون نسفها درع بطولة الدوري المصري هذا العام، وأثبت عدم صحتها، فالشغف ما زال هنا، حاضرا بقوة، القلق يضرب قلبك على نتيجة المباراة والخوف من فقدان نقطة في سباق الدوري فتصاب بأرق وصداع يفتك برأسك فتزداد رغبتك في الفتك بجميع من حولك، تكتشف أنك تريد البطولة بشدة خصوصا أنها من المنافس التقليدي وأنك لم تشبع بعد، لم تكتفِ، ولن ينتهي النزال بأي بطولة حتى لو كانت كأس المجرة وليس كأس أفريقيا، انتهى الدوري وفاز الزمالك فاحتفل بشدة، وحزن جمهور الأهلي الذي لا يشبع ولا يقبل الخسارة (هم كذلك ولن يتغيروا ولعل هذا سر إحرازهم البطولات؟ لا أحد يعلم السر إلى الآن.. فلم يحقق أحد أو حتى يقترب من عدد بطولات الأهلي ولو من بعيد، تلك حقائق لا آراء).

نستنتج مما سبق أن الطموح الوحيد الذي لا ينتهي هو طموح الجمهور، اللاعب يتغير طموحه بين تحسين أدائه في الملعب للانتقال لفريق أفضل، قد يكون هدفه صناعة تاريخ وتحقيق بطولات أو جني الأموال، قد يكتفي من المنافسة ويرغب باللعب للمتعة فيذهب لفريق لا ينافس على البطولات ويريح رأسه، ويبقى الجمهور لا يكل ولا يمل، ولا يترك فريقه تحت أي ظرف ولا ينتهي أو يتغير طموحه، دائما يريد أن يرى فريقه منتصرا، ولا يهم أي شيء آخر في العالم، قد لا يستوعب البعض ممن لا يشجعون كرة القدم هذا الشعور ولكنه شعور عظيم وسامِ.. ومن لا يشجع كرة القدم تفوته متعة التحليق في السماء عند النصر ولكنه رُحم من الحزن والاكتئاب وأمراض الضغط عند الخسارة.. تحيا الأندية بجماهيرها.. تحيا الأندية وجماهيرها وفقط.

مشجع كرة القدم