إلى محمد رمضان: هل تطاردك لعنة التطبيع أم الطيار؟!

إيمان مندور
إلى محمد رمضان

في تغطيتها لمؤتمر أدباء مصر في الأقاليم، في دورته التاسعة بالأقصر، كشفت مجلة “أدب ونقد” في عددها الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 1994، وتحت عنوان “عجلة التطبيع الرسمية ومتاريس المثقفين”، تفاصيل ما دار في المؤتمر بين وزير الثقافة آنذاك فاروق حسني، وبين الأدباء والمفكرين، حيث تصدى الوزير للرد على مسألة التطبيع مع إسرائيل التي يرفضها الأدباء والفنانين، مذكرا بأن التطبيع موجود في الزراعة والاقتصاد ومحسوب “حسبة جدعنة”.

وأشار الوزير إلى سؤال السفير الإسرائيلي الدائم له عن وضع إسرائيل في خريطة الثقافة المصرية، وكان رده بأن كل مرحلة لها سلاحها ولم تبدأ معركة الثقافة بعد، وهذا القرار ليس فرديا، ولكنه يرتبط بالمثقفين أنفسهم. ومن هنا دعا وزير الثقافة الأدباء لمعاودة التفكير مرة أخرى في مسألة التطبيع لأنه قادم و”هيجيله يوم”، على حد تعبيره.

نرشح لك: مدفوعة الأجر.. تفاصيل عن الدكتوراه الفخرية لمحمد رمضان

ويبدو أن هذا اليوم يقترب بشدة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت مقاومة التطبيع _ لا سيما بعد التطورات الأخيرة في المنطقة_ تواجه مأزقا حادا يتطلب إعادة بناء وسائل المقاومة الفكرية، وصياغة أساليب ردع واضحة من النقابات الفنية، خاصة بعد واقعة الفنان محمد رمضان في نوفمبر الماضي، والتي كانت بمثابة مؤشر الخطر الحقيقي لمدى تطور القضية، فالفنان الذي يسامر إسرائليين ويلتقط صورًا معهم، ثم يرفض الانتقاد موضحا أنه “يهمه الإنسان ولو ملوش عنوان”، لم يعد التعامل الجماهيري معه كما كان في السابق.

تبعات التطبيع

في كل مرة يتم انتقاد محمد رمضان فيها منذ ذلك الحين يتم التذكير بواقعة التطبيع، فمثلا في البيان الذي أصدره المركز الثقافي الدولي الألماني بالأمس بسحب الدكتوراه الفخرية التي منحها لرمضان لأنهم لم يكونوا على علم بواقعة التطبيع ولا الطيار أشرف أبو اليسر، نجد أننا وبعيدا عن كون المركز مشبوه بالأساس وليس جهة رسمية أصلا لمنح مثل هذه الشهادات، لكن لمّا أرادوا تبرئة أنفسهم وجذب التعاطف استخدموا سلاح رفض التطبيع، فهو شرف حتى وإن قيل من باب الادعاء، وكذلك واقعة الطيار أشرف أبو اليسر، التي لا يوجد إنسان صاحب قلب وعقل واعي سينحاز فيها لجانب النجم على حساب الطيار المكلوم.

في قصة محمد رمضان نجد أنه في البداية كان الهجوم على المحتوى الذي يقدمه من عنف وبلطجة، رغم شعبيته الكبيرة، تلاه انتقاد التصريحات المستفزة واستعراض الممتلكات بطريقة لافتة، لكن الآن لا يكاد يظهر في مناسبة أو يحدث موقف ما حتى نجد التعليقات لا تخل من التذكير بصوره مع الإسرائليين ثم واقعة الطيار الذي مات مقهورا بسبب غرور الفنان، بل ربما تكون الواقعتان أحد أهم أسباب إحجام الجمهور عن متابعته في الموسم الرمضاني الماضي، حتى وإن ادعى غير ذلك، بل أيضا لم يظهر في أي لقاء تليفزيوني على الشاشات المصرية منذ تلك الأزمة وحتى الآن، سوى في برنامج واحد عبر القناة التي كانت تعرض مسلسله الرمضاني، إلى أن جاء ظهوره بالأمس عبر فضائية لبنانية.

فنان ضد التغيير!

في قضية التطبيع، نجد أن محمد رمضان سبقه كثيرون، لكن لم يكن أي منهم في عصر السوشيال ميديا، وما تتميز به من أمواج التريندات التي تعلو وتهبط على الدوام، وبالتالي تظل وصمة التطبيع رهن مزاج الجمهور، إن شاء أطلقها وإن شاء تغاضى عنها. أما قضية الطيار فستظل لعنة تطارده في كل مكان، مثلما قال الإعلامي عمرو أديب.. لكن في كل الأحوال محمد رمضان لا ولن يشعر بأي أزمة طالما أجره يزداد يوما بعد يوم، وطالما تهافت المنتجين عليه لا يزال مستمرا، فالرجل أعلنها صراحة في حوار تليفزيوني “لن أغير طريقتي حتى وإن رأيتموها مستفزة طالما تسبب لي نجاحات وشهرة أكبر.. سأغيرها فقط حال تأثيرها على نجوميتي”.

رمضان يحسبها بالأجر، والأجر مرتبط بالنجومية، والنجومية تعني اهتمام الجمهور، والجمهور غاضب لكنه يشاهد ويتابع، إن توقف الجمهور عن المتابعة تأثرت باقي السلسلة وصولا للأجر.. وبالتالي لا أمل في إفاقة محمد رمضان مما هو فيه إلا بغياب شعبيته، حينها فقط سيتوقف ويتأمل ويُعمل عقله قائلا “ماذا فعلت؟!”، لكن هل هناك أمل أصلا في وصوله لهذه المراجعة المصيرية، أم ستمنعه لعنات التطبيع والطيار من بلوغ هذه اللحظة إلا بعد فقدان كل سبل تدارك الأخطاء والنجاة؟!.. الأيام ستكشف ذلك.