بعد صفقة الشراكة الجديدة بين أبل وسبوتيفاي.. ما عواقب ذلك على الناشرين؟

أسماء مندور

بعد الإعلان عن برامج الاشتراك المدفوعة، بين شركتي أبل وسبوتيفاي، في وقت سابق من هذا العام، كشف البعض عن مخاوفهم من أن ينتهي المطاف بعمالقة التكنولوجيا بالسيطرة على السوق وخنق نمو المشاريع بميزانية أصغر.

لكن في المقابل، اعتبر أخرون هذه علامة إيجابية، لأن هذا، على حد قولهم، يعني أن صناعة البودكاست تبتعد، تدريجيًا، عن الاعتماد البحت على الإعلانات، وأن المستهلكين على استعداد للدفع مقابل محتوى عالي الجودة. بمعنى أن تحرك عمالقة التكنولوجيا نحو تحقيق الدخل من البودكاست يمكن أن يكون فرصة لوسائل الإعلام لبناء مزيد من الصفقات والشراكات، وزيادة نسبة الإيرادات.

نرشح لك: خطة جوجل لإرضاء دعاة الخصوصية دون تعطيل نشاطها الإعلاني

الوصول للناس

بالنسبة للعلامات التجارية الإعلامية التي لا تقدم عروضها مجانًا، كان البث الصوتي يمثل دائمًا تحديًا لها. ولجعله قابلاً للتطبيق، لجأ الناشرون لاستخدام الصوت كطريقة جديدة للوصول للناس، لتوزيع أعمالهم على نطاق أوسع، والاشتراك في منتجات أخرى.

تقديم المحتوى الصوتي، يساعد القراء أيضًا على اكتشاف من يقف وراء القصة، وإنشاء علاقة وطيدة، والتفاعل مع محتوى آخر. وهذا لا ينطبق فقط على الجماهير الأصغر سنًا، بل لاحظت العديد من المؤسسات زيادة في نسبة المستمعين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا. كما تتيح استضافة خدمات البودكاست على النظام الأساسي للناشر الوصول إلى بيانات الجمهور، التي ستتردد أبل أو سبوتيفاي في مشاركتها، على الرغم من أنها لا تزال تستضيف أربعة من برامجها الصوتية على هذه المنصات.

خدمات الاشتراك

يمكن رؤية الاتجاه السائد في عالم البث الصوتي نحو الخدمات الشخصية القائمة على الاشتراك في أماكن أخرى. على سبيل المثال، في العام الماضي، اشترت أمازون  تطبيق Wondery، وهو تطبيق مستقل لإنتاج البودكاست، مقابل 300 مليون دولار. يستخدم هذا التطبيق ميزات مخصصة للتوصية بملفات البودكاست الأخرى التي تهم المستخدم، على غرار نتفليكس. ولكن حتى مع دعم أمازون، من المعروف أنه من الصعب اختراق سوق البودكاست بسهولة، بسبب هيمنة bbc وتطبيقات الأصوات الأخرى.

وفي نفس السياق، تحاول شركة Crowd Network، وهي شركة بودكاست مقرها مانشستر، أسسها أربعة مديرين تنفيذيين سابقين في هيئة الإذاعة البريطانية، تعطيل سوق البث الصوتي من خلال استثمار البودكاست الذي ينشئونه ويمتلكونه من خلال الرعاية والإعلان والإنتاج والعروض الحية.

في هذا الصدد، يقول الرئيس التنفيذي للشركة، مايك كار: “الحجم الهائل للمحتوى الذي تنتجه هيئة الإذاعة البريطانية، ومزاياها التسويقية، وحقيقة أن المستهلكين يتجهون نحو البث الصوتي لـ bbc، التي تستضيف فقط برامج البودكاست الخاصة بها، تجعل إمكانية اكتشاف الفرص والعروض الجديدة تحديًا حقيقيًا”.

استراتيجية الإيرادات

على صعيد آخر، لا تقتصر إيرادات البودكاست على الإعلانات فقط، لكن يمكن أيضًا تحقيق الدخل من المحتوى من خلال التعاون والرعاية والتبرعات والعديد من الأساليب الأخرى. ونظرًا لأن الاعتماد على الإعلانات أصبح إستراتيجية محفوفة بالمخاطر وعفا عليها الزمن، بشكل متزايد، فإنه يتعين على الناشرين الكبار والصغار تنفيذ الاستراتيجيات التي تولد إيرادات من مصادر متعددة.

هناك الكثير من الأفكار المحتملة للاختيار من بينها، حيث قامت دراسة بحثية بتقديم أمثلة، ذات ارتباطات تشعبية، عبر 12 قطاعًا، بما في ذلك الإعلان والرعاية والمحتوى ونماذج الأعمال والشراكات والتجارة الإلكترونية. لذا تعد المدونات الصوتية وسيلة جذابة للمعلنين، لأن هذا يخلق فرصًا لبيع الإعلانات، سواء قرأها المضيفون أو كإعلانات منفصلة، والتي توجد عادةً في بداية ومنتصف ونهاية البودكاست.

وبالنظر إلى الاستثمار المستمر في هذه الوسيلة من المعلنين، إلى جانب استهلاكنا المتزايد لهذا النوع، أصبح البث الصوتي سوقًا مؤثرًا، لم يعد بإمكان الناشرين غض الطرف عنه.