كيف استخدمت الصين وسائل الإعلام لتحسين صورتها بعد أزمة كورونا؟

أسماء مندور

كشف تقرير جديد نشره، الاتحاد الدولي للصحفيين، هذا الأسبوع، عن أن صورة بكين العالمية قد استفادت من وباء كورونا، على الرغم من أن منشأه في مدينة “ووهان” الصينية، وبينما تراجعت صورة الصين في أمريكا الشمالية، إلا أن التقرير أفاد بأن تغطية الصين أصبحت أكثر إيجابية في وسائل الإعلام العالمية منذ بداية الوباء.

في ذروة جائحة كورونا، وُضعت صورة الرئيس الصيني في وسط العاصمة الصربية، بلجراد، على لوحة إعلانات كُتب عليها “شكرًا لك”. كانت اللافتة مُقدمة من صحيفة شعبية تابعة للحكومة الصربية، ردًا على إرسال الصين الإمدادات الطبية إلى صربيا، وتحول الأمر إلى قائمة طويلة من عروض الشكر المؤيدة للصين من الدول في جميع أنحاء العالم أثناء الوباء في شكل دعاية علنية أو رسائل إعلامية أكثر دقة.

نرشح لك: أهمية مسايرة الصحافة للعالم الرقمي

اتفاقيات شراكة المحتوى

لطالما حاولت الصين نشر صورة إيجابية عن نفسها في وسائل الإعلام الأجنبية، مع منع التغطية المتحيزة، وإعادة توجيه انتباه العالم إلى الإخفاقات الغربية. للقيام بذلك، دخلت بكين في اتفاقيات مع وسائل إعلام أجنبية من خلال عروض مخصصة للوصول والمصادر والمعلومات، وهي تصدر دعايتها إلى المؤسسات الإعلامية الأجنبية من خلال اتفاقيات شراكة المحتوى ومذكرات التفاهم مع وسائل الإعلام التي ترعاها الدولة.

كما عرضت بكين أيضًا جولات مدفوعة التكاليف لجميع الصحفيين العالميين، والهدف من ذلك هو أن تقوم وسائل الإعلام الدولية بتوصيل الرسائل الصينية بلغاتها الخاصة في صفحات منافذ الأخبار الخاصة بها، حيث قامت الصين بتنشيط قنواتها الإعلامية في الخارج، مما أدى إلى إغراق المنافذ الأجنبية بعروض إخبارية محلية ودولية باللغات المحلية في محاولة لنشر قصص إيجابية حول إدارتها للوباء.

كما ساعد هذا الفراغ، في تغطية وسائل الإعلام الأجنبية للصين، إلى زيادة الطلب على الأخبار من القنوات الحكومية الصينية، وتم ملء هذا بالمحتوى الذي ترعاه الدولة والمتوفر بالفعل من خلال اتفاقيات شراكة المحتوى.

استخدام الدعاية

في صربيا، تم تسجيل 30 ألف تغريدة، مصدرها حسابات صربية، تحتوي على كلمتي الصين و صربيا، حيث أشادت تلك التغريدات بالمساعدات الصينية وانتقدت الاتحاد الأوروبي لافتقاره إلى المساعدة أثناء الوباء. تم إنتاج أكثر من 70٪ من المحتوى بواسطة شبكة ضخمة من حسابات حكومية موالية لصربيا، وخلال مناقشة مائدة مستديرة للاتحاد الدولي للصحفيين، قال صحفي إن حكومة الرئيس ألكسندر فوتشيتش، رئيس دولة صربيا، تقوم بالعمل لصالح الصين.

طوال فترة الوباء، تم الترويج للمساعدة الطبية الصينية من خلال وسائل الإعلام الصربية الرئيسية على أنها “هدايا”، على الرغم من رفض الحكومة الصربية الكشف عما إذا كانت قد دفعت مقابل تلك المساعدات، حيث أن مثل هذه التغطية لها تأثير إيجابي واضح على صورة الصين.

في نفس السياق، وجدت إحدى الدراسات التي أجراها معهد الشؤون الأوروبية أن 40٪ من المواطنين يعتقدون أن الصين هي أكبر مانح للمساعدات الطبية في البلاد، مقابل 17٪ فقط صوتوا لصالح الاتحاد الأوروبي. كما كشف تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين أن الدول التي تتلقى لقاح كورونا الصيني من المرجح أن تغطي تعامل الصين مع الوباء بشكل إيجابي.

في نفس السياق، أفاد ثلثا الدول المتلقية للقاح الصيني أن التغطية أصبحت أكثر إيجابية خلال العام الماضي، وقالوا إن الاتجاه السائد في وسائل الإعلام الوطنية لديهم كان “تحرك الصين السريع ضد كورونا ساعد البلدان الأخرى، كما فعلت دبلوماسيتها الطبية”.

محاولات خرقاء

وعلى صعيد آخر، وصف معظم الإعلاميين المحاولات الصينية للسيطرة على وسائل الإعلام الوطنية الخاصة بهم بأنها محاولات خرقاء وغير فعالة، ففي إيطاليا، تحدث الصحفيون عن أن البلاد لديها “الأجسام المضادة الضرورية” لتحديد الأخبار المزيفة، بينما في تونس، قالوا إن الصين “ليس لها تأثير على المحتوى الصحفي”، وفي صربيا، اعتبرت الدعاية الصينية ليس لها أهمية.

أخيرًا، على الرغم من تعدد الآراء، إلا أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن جهود الصين تُحدث “تأثيرًا حقيقيًا” في العديد من البلدان حول العالم، حيث تعيد ببطء، ولكن “بثبات”، رسم المشهد الإعلامي لصالحها في كل مرة.