السيبراني.. تشريح لمجتمع السوشيال ميديا بحس ساخر

إسلام وهبان

صدر حديثا للكاتب الصحفي، والمدير التنفيذي لليوم السابع، أكرم القصاص، كتاب “السيبراني.. أضغط هنا”، عن سلسلة “كتاب الهلال” التابعة لمؤسسة دار الهلال، والذي يتناول فيه عالم السوشيال ميديا، وأبرز الظواهر التي طرأت على حياتنا اليومية بفعل صفحات التواصل الاجتماعي.

نرشح لكشرط الأديان والقيم يثير الجدل حول “القومي للترجمة”


ويرصد “القصاص” في كتابه كيف أصبح العالم الافتراضي واقعا ومؤثرا في مناحي الحياة المختلفة، بل ومهيمنا على كثير من السلوكيات والمعاملات، ليس للأفراد فحسب، بل المؤسسات العالمية والدول الكبرى، كما يحلل من خلال فصول الكتاب التسعة العديد من القضايا المتعلقة بالمجتمع الشبكي، وكيف يمكن للبعض استغلال الجهل التكنولوجي لدى الكثيرين لتحقيق مصالح خفية.

 أنت مش أنت على “فيس بوك”

يتناول الكتاب في فصله الأول أنواع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف تتباين تصرفاتهم وفقا لميولهم واتجاهاتهم، وكيف تختلف هذه التصرفات بشكل أوى بآخر لدى شريحة كبيرة منهم عن الواقع، وكيف يستطيع البعض تصدير صورة معينة للجمهور أو لمتابعيه من خلال استخدام أساليب دعائية وترويجية تساعد في خلق صورة ذهنية غير حقيقية عنه.

كما يوضح الكاتب الفارق بين الصديق الحقيقي و”الفريند” على الفيس بوك، وكيف أثر هذا الفارق على معاملاتنا وسلوكياتنا الاجتماعية، فأصبحت اللايكات أو التعليقات والرسائل الجاهزة بديلا عن الزيارات والمحادثات التلفونية في المناسبات المختلفة، وأصبح الحكم على حياة الأشخاص من خلال الصور والمنشورات.

 من المتحكم؟

تقارير وإحصائيات عالمية عديدة يتعرض لها الكاتب بالتحليل والرصد، عن المؤثرين على السوشيال ميديا، وكيف تستغل جهات عدة الكم الهائل من البيانات الشخصية التي توفرها المنصات الإلكترونية، لتحقيق مصالح اقتصادية أو سياسية، ومن المتحكم في هذه البيانات وإدارتها، هل صناع وملاك هذه المنصات هم المسيطرون مثلما حدث على موقع “تويتر” من إزالة عشرات الآلاف من الحسابات الوهمية التي يستخدمها سياسيون ومشاهير في مختلف دول العالم للتحكم في توجهات الرأي العام، أو تورط منصات أخرى في التلاعب في التوجهات الانتخابية، وغيرها من القضايا التي شغلت الرأي العام الدولي، ووضعت علامات اسفهام كبيرة حول إدارة هذه المنصات.

أيضا يتناول الكتاب فكرة “الجاسوسية بالطوعية”، وكيف أصبحت هواتفنا المحمولة وبعض التطبيقات أداة للتجسس على كل حركة وكل كلمة تتفوه بها ألسنتنا، إما لأغراض تسويقية ودعائية، والتحكم في توجهاتنا الشرائية، أو لأغراض أخرى مثلما حدث في كثير من التسريبات، أدت بشكل أو بآخر لفضائح دولية.

 الإنفلونسرز أو نجوم الواقع الافتراضي

من بين الظواهر التي قام الكاتب بتحليلها بين دفتي كتابه، “الإنفلونسرز” أو المؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي، ويفرق الكاتب بين صناع المحتوى أو من يقدمون محتوى جاد وهادف، وبين من يحاول لفت الانتباه إليه وجذب المتابعين بأي وسيلة حتى ولو كان من خلال الفضيحة، كما يتناول أيضا استغلال الكثير من المنصات الالكترونية لفبركة الأخبار أو نشر عناوين ملفتة للوصول لعدد أكبر من المتابعين واستخدام كلمات مثل “شاهد قبل الحذف” أو “سري للغاية” فقط للحصول على قراءات ومشاهدات أعلى.

ويرصد الكتاب العديد من النماذج التي صنعها عالم السوشيال ميديا وجعل منها نجوما، ثم هدمها سريعا أو يؤول مصيرها للاختفاء ولا نعلم عنها شيء بعد ذلك مثل “شاب الفريسكا”، وغيرها من الشخصيات التي ظهرت واختفت دون سبب واضح، ويوضح الكتاب أن حوالي 5% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي هم من يطرحون أفكارا جديدة، فيما يردد 95% من المستخدمين هذه الأفكار ويرددونها ويكون تابعين لهم.

 مزج بين الأسلوب التحليلي والساخر

رغم تناول “السيبراني” للعديد من الإحصائيات والظواهر المتعلقة بالمنصات الإلكترونية، وسوق المعلومات، إلا أن الكتاب يبتعد عن الشكل الأكاديمي التقليدي في العرض، بل يمزج بين تحليل الظواهر وتناولها بأسلوب ساخر، يجعله أقرب للقارئ العادي، حيث يطرح أكرم القصاص العديد من الأفكار بشكل فكاهي أقرب إلى الحكي، من خلال قصص وأمثال شعبية يستدل بها في طرح أفكاره. كما أن استخدام لفظ “السيبراني” يجعل هناك حالة من النوستالجيا لدى القارئ تعيده إلى بداية دخول الإنترنت لمصر والتعرف على الإنترنت والعوامل الجديدة من خلال الذهاب للسيبر، وهو ما يجعل القارئ يشعر بالفارق الشاسع بين الماضي وما وصلنا إليه حاليا.

“السيبراني” محاولة جادة لفهم وتحليل عالم السوشيال ميديا بمزاياه وعيوبه، ويطرح العديد من الأسئلة الهامة حول مدى قدرة العالم على التصدي لسلبياته، وهل سيقودنا هذا العالم إلى حرب جديدة من نوع آخر؟