أحمد الصاوي: حكاية من دفتر الصحافة

وأنت تتابع التغطيات الصحفية للأعمال الدرامية والبرامجية فى رمضان، لا بد أن تتوقف بإعجاب كبير أمام ما يقدمه الموقع الشاب «إعلام.أورج» من تنوع فى التغطيات والإجابة عن الأسئلة الشائعة، والوصول إلى النجوم الحقيقيين لهذا الموسم وإثبات أن نجوم الصف الثانى فى الدراما وأبطال الإعلانات الرائجة ربما كانوا أكثر تأثيرا وحضورا وقبولا من نجوم الصف الأول.

هذه التغطيات التى تتم بقدر عال من المهنية والتخصص المطلوب والواعى بفريق شاب محدود العدد والإمكانات، يحزنك أن تجدها ذاتها فى صحف ومواقع أكبر من حيث الإمكانات والتمويل وعدد العاملين، دون إشارة إلى مصدر هذه المعلومات. وهى ظاهرة باتت أوضح وسط هوس «الترافيك» الذى يحرّك المواقع ويجعلها فى تغطيات وأخبار بعينها تبدو كأنها ينقل بعضها من بعض.

ولأننا فى رمضان شهر الحكايات فلا يمكن أن أحكى لك هذه الحكاية التى جرت وقائعها فى عام 2010 حين كان مدير التحرير فى صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، روبرت طومسون، يطالع موقع الصحيفة المنافسة «نيويورك تايمز»، ليفاجأ أن تقريرا اقتصاديا مهمًّا، كتبه زاكرى كووى، المحرر الاقتصادى، منشورا على موقع «نيويورك تايمز» يتضمن أجزاء مماثلة تماما لتقرير تم نشره على موقع «وول ستريت جورنال» قبل ساعات من نشر تقرير كووى.

قطعًا تستطيع أن تتخيل مدى انزعاج طومسون مما حدث، وتتوقع رد فعله، لكن الحقيقة أن طومسون لم يبادر بتوجيه محررى صحيفته إلى كتابة موضوع صحفى فى «وول ستريت جورنال» الصحيفة، أو الموقع، للتشهير بـ«نيويورك تايمز» واتهامها بسرقة مهنية حدثت فعلا، ولم يكن انزعاجه مبنيا على ضرر مادى مباشر حدث لصحيفته وحقوقها الفكرية، بقدر ما كان انزعاجه مهنيا ذا علاقة بقواعد المهنة المستقرة التى يجب أن لا تُخترق فى مؤسسة بعراقة «نيويورك تايمز» لأن معنى ذلك هو امتداد الاختراق إلى صحف أخرى لتنهار، بالتالى القيم المهنية التى تقوم عليها الصحافة الأمريكية.

لك أن تعرف أن كل ما فعله طومسون أن أرسل خطابا إلى مجلس تحرير «نيويورك تايمز» يحكى فيه الواقعة دون تعالٍ أو شماتة، ويربط كل ذلك بمخاوفه المهنية، ولم يستقبل زملاؤه فى «نيويورك تايمز» الأمر باستهزاء أو تعالٍ أو مكابرة، وإنما بدؤوا على الفور تحقيقًا فى الواقعة أثبت صحتها، كما توصلوا إلى عمدية ارتكابها، وإلى وقائع أخرى مماثلة حدثت ولم يكتشفها أحد.

وعلى الفور تقرر إيقاف زاكرى كووى عن العمل، وتم استدعاؤه للتحقيق بحضور ممثل عن مجلس تحرير «نيويورك تايمز»، والشركة الناشرة، إلى جانب نقابة العاملين بالصحف داخل نيويورك، وناقشوا معه الإجراءات التأديبية اللازمة قانونًا، لكن كووى حسمها بتقديم استقالته.

حتى هذه المرحلة، لم تنشر صحيفة أمريكية هذا الخبر بما فيها المتضررة «وول ستريت جورنال»، وبادرت «نيويورك تايمز» بنفسها لإعلان ذلك، ونشرت خبرا مقتضبا عن استقالة كووى بعد قيامه بنسخ فقرات من مقالات من موضوعات نشرتها «وول ستريت جورنال» ووكالة «رويترز» واستخدمها فى النشر مرة أخرى بنصها دون إشارة إلى المصدر، حفظًا للحقوق الفكرية.

وفى اليوم التالى للنشر خرجت المتحدثة باسم شركة «نيويورك تايمز» ديان ماكنولتى، لتقول إن إدارة النشر فوَّضت هيئة التحرير لاتخاذ ما يلزم للحفاظ على معايير حماية الشفافية، كما وزعت خدمة المبيعات الصحفية فى «نيويورك تايمز» الخبر فى إطار خدماتها المدفوعة التى تقدمها لعدد كبير من الصحف فى العالم، وفى منطقتنا العربية.

هناك فى أمريكا.. المنافسة الصحفية على أشدها، وربما لا ترحم المتراخين والمتهاونين، لكن هناك قواعد عامة، وخطوطا عريضة عليها اتفاق عام، ويجرى تطبيقها كممارسات مهنية واضحة، لا كشعارات للاستهلاك القيمى، هم متنافسون فى ميدان، لكنهم قبل كل ذلك شركاء فى صناعة ومهنة، ولديهم مصالح مشتركة فى نمو الصناعة وتطورها، وأيضا فى الحفاظ على القواعد المهنية الحاكمة للضمير الصحفى الجمعى.. لذلك كان الأمر فى مجمله ليس مجرد تعامل صارم مع خطأ وإنما حماية لمهنة يقتلها تدريجيا الاستسهال والانفلات وتهاوى الأخلاقيات.

نقلاً عن جريدة “التحرير”

 

شاركنا الرأي حول ما هي القناة التي تحرص على متابعتها وقت الإفطار؟ للمشاركة أضغط هنـا

اقرأ أيضًا:

الفرصة الأخيرة لتنفيذ حكم حبس أحمد موسي

 إتصالات تعيب فودافون و العيب فيها

8 معلومات عن إعلان عمرو عبد الجليل  

12 معلومة عن أسامة عبد الله نجم إعلان كرنش

حقيقة ظهور حارس منتخب هولندا 90 في إعلان فودافون

“حماية المستهلك” يوقف بث إعلان شيبسي FOX

 إبراهيم سعيد يعترف بسبب طرده من معسكر المنتخب في 2002  

خالد منصور يحاول الانتحار في “التجربة الخفية” ‎

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا