حقنة أنسولين في سياق الدراما..!

د.محمد صلاح البدري

يقف أحد الممثلين المعروفين ممسكا بسلاح ناري بينما تبدو على وجهه علامات الصرامة والغضب.. المشهد يبدو متوترا للغاية.. البطلة قد تموت -بل كل أبطال المسلسل قد يموتون- إذا ما تهور هذا الرجل.. وفجأة.. تنقض عليه تلك الممثلة لتحقنه في رقبته بحقنة أنسولين..!

نرشح لك: طارق الشناوي عن “فرصة تانية”: مفيش دور مكتوب كويس


المشهد هو جزء من إحدى حلقات المسلسل الدرامي “فرصة تانية”.. وبمعزل عن الفكرة المبتكرة في هذا النوع من الدفاع عن النفس.. وعدم وجود أي مبرر درامي لاستخدام حقنة أنسولين في مشهد مثل هذا.. إلا أن المشكلة الحقيقية أن الممثل قد سقط مغشيا عليه بمجرد أن لمسته الحقنة!! ليكتمل المشهد حين يقومون بشد وثاقه.. ثم إفاقته بقطعة شوكولاته فيريرو روشيه في فمه!!

لم يستغرق الأمر أي وقت ليسري الأنسولين في دمه أو يحرق السكر فيه.. لم يتعرض المريض للشعور بالدوار مع جفاف الحلق أولا.. ثم يبدأ في العرق المستمر والغزير.. حتى يصل للإغماء.. كل هذه الأعراض في نظر المخرج هي شكليات لا تخدم المحتوى الدرامي.. هو يحتاج أن يفقد الممثل وعيه فحسب..!

 

الأمر لم يتوقف عند هذا المشهد.. فالبطل في مسلسل آخر وهو “البرنس” تجده في العناية المركزة بالمستشفى في حالة سيئة.. ولكنك تجد لاصقات رسم القلب كلها قد اتصلت بيده وليس صدره.. والأسوأ أن “المونيتور” المجاور له يرسم نبضات قلبية بالفعل.. ليطبق الممثل الشاب محمد رمضان المقولة الشهيرة “قلبي في يدي”.. الله عليك يا “نمبر وان”!!

كنا قد تقبلنا منذ زمن فكرة أن تكون المحاليل الوريدية المتصلة بذراع الممثلين في اتجاه معاكس لاتجاه الوريد لأنها أكثر سهولة في وضع اللاصق الطبي عليها.. لدرجة أنني شككت ذات مرة في إمكانية تعليقها بهذا الشكل في الحقيقة وسألت أحد أساتذة العناية المركزة بالفعل.. ولكنني أخجل من ذكر رده على وقتها..!

الأمر نفسه ينطبق على ذلك المخدر الذي يمكن وضعه في منديل واستنشاقه.. فلم يتعرف عليه أي طبيب على ظهر الكوكب حتى الآن.. هو نوع نادر من المخدر لا تجده إلا لدى مخرجي الدراما فقط..!

المشكلة أن تكرار الأمر في كثير من الأعمال الدرامية يثبت أن أحدا لا يكلف نفسه بالسؤال عن الشكل الحقيقي لمرض ما.. أو حتي عن حقيقة وجود عقار مخدر بهذا الشكل.. الكثير من حالات جراحات المخ تجد المريض في أفضل حال ودون أعراض تورم المخ المصاحب لهذا النوع من العمليات.. والكثير من حالات الرعاية المركزة تجد المرضى يرتدون ملابسهم كاملة.. لدرجة أن الناس ينتقدون ما يحدث في الحقيقة ويقارنونها بالدراما.. فلماذا لا تبدو معظم المريضات بمكياج كامل مثل الفنانة ياسمين صبري؟!

الكثير من مسلسلات الدراما تحرص على وجود خبير لهجات لتصحيح اللهجة الصعيدية على سبيل المثال.. فلماذا لا تستعين بطبيب ليضبط لها تلك المشاهد التي تضرب العمل بأكمله في مقتل.. وتحول المشاهد شديدة التأثير إلى مجرد مشاهد كوميدية..!
أرجو ألا يخرج علينا أحدهم قبل نهاية رمضان بإعلان يخبرنا فيه أننا “في مدينتي” نستخدم الفريرو روشيه لإفاقة مرضي غيبوبة السكر!!

قنوات ومواعيد عرض مسلسل “فرصة تانية” لياسمين صبري