حكم نشر الشائعات في زمن الأوبئة

 

أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر، برئاسة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الجمعة، بيانًا بشأن الأحكام المتعلقة بتداعيات فيروس “كورونا المستجد”.

ذكر البيان توضيح بخصوص الأحكام المتعلقة ببعض المسائل، ذات الصلة بأزمة كورونا، منها حُكم نشر الشائعات أو المعلومات دون الاستيثاق منها وخصوصًا في زمن الأوبئة.

جاء رد هيئة العلماء، في البيان: “نشر الشائعات والترويج لها أمر مذموم في الشريعة الإسلامية؛ لأنه عمل غير أخلاقي، لما يستبطنه من جريمة الكذب، ومن بلبلة الناس، وتشكيكهم في ضرورة تماسكهم والالتفاف حول ولاة الأمور في مواجهة هذا الوباء، وهو أساس القوة لأي مجتمع. وقد نبَّه القرآن الكريم لخطر هذه الفئة من الناس، وقَرَنهم بالمنافقين ومَرْضى القلوب، وتوعدهم جميعًا بالهلاك: “لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا” [الأحزاب: آية 60]، والمرجفون هم مروجوا الشائعات بلغة العصر، لذا أمر الشرع الحنيف بحفظ اللسان، والتأكد من الكلام وما يترتب عليه من مفاسد قبل نشره وترويجه في المجتمع.

وقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” [الحجرات: آية6] . ففي هذه الآية الكريمة أمر إلهي صريح بالتثبت من الكلام عند سماعه، والتحقق من صدق قائله؛ حتى لا يُؤدِّي التسرُّع في الحُكْم بدون تبين إلى النَّدم بعد فوات الأوان.

وقد عدَّ القرآن الكريم نقل الكلام بدون تثبت من شأن المنافقين؛ حيث يقول تعالى عنهم: “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا” [النساء: آية 83] . ففي هذه الآية الكريمة إنكار على من يبادر إلى نقل الأخبار قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها.

ونخلص من هذه النصوص القرآنية الصريحة إلى أنه يجب شرعًا على كل شخص يسمع كلامًا أن لا يُبادر إلى نشرِه وترويجه إلَّا بعد التأكُّد من صِحَّته، وصِدْق المصدَر الذي نقله إليه، هذا إن كان الخبر صادقا ولا يترتب عليه ضرر بالأفراد أو المجتمعات، أما إن كان الخبر كاذبا أو صادقًا لكنه يترتب على إشاعته ضرر بالأفراد  أو المجتمعات فإنه لا يجوز ترويجه أو الحديث به.

والواجب في مثل هذه الظروف التي تمرُّ بها البلاد أن يترك شأن الإخبار بما يتعلق بأمر الوباء للجهات المختصة والمسؤولة، فهي المنوط بها أمر إرشاد الناس وتوعيتهم في مثل هذه الظروف، وليس من حق المسلم ولا غير المسلم أن ينشر الخوف أو الفزع بين الناس بحال.

نرشح لك: “كبار العلماء”: كل مَن يَدعو الناس لتجمعات للاستغفار والدعاء معتد على الشريعة