محمد حسن: "أنتَ مين"

بعد موقعة السبت الماضي “إنتِ مين” وما صاحبه من أجواء تذكرت واقعة تعود إلي عام 1998 ، حين كنت في الصف الأول الإبتدائي ، حين صفعني علي وجهي الزميل “عبد الرحمن عبد العزيز عبد الشافي” في الفُسحه صفعة كدت أسقُط علي الأرض من فرط قوتها أو حتي من فرط ضعفي لا أدري ، صفعني دون سابق إنذار أو اشتباك أو سبب واضح ، الصدمة وقتها كانت مُربكة ، طفل مثلي بمواصفات درويش مستقبلي لم يفهم معني هذا التصرف ، ولم يدرك تحديداً معني الألم الذي ستتركه الصفعه سوي بُقعه استمرت في ذاكرتي بعد مرور ما يقارب سبعة عشر عاماً !

تلقيت الصفعه وانتهت الفُسحه وعدت إلي مقعدي هادئاً حتي عدت إلي أُمي بخدٍ منفوخ من الورم……..واكتشفت فيما بعد ضخامه الأمر

نبهني الزميل العزيز إلي حفلة الحياة ، نبهني إلي طبع الدرويش ، نبهني إلي أن الفُسحة ليست فُسحة بل هي أشبه بحلبة المُصارعة ، بعد مرور الأيام والسنين دخلت الحلبة مرةً أُخري رغماً عن إرادتي ولازلت درويش وارتدي سبحتي جالساً في كهفي واضعاً يدي إلي جانبي رافضاً حتي الدفاع عن وجهي الذي لم يبرح يتعافَ من ورمٍ متكرر

ليست قوة بل ضعف وربما عشي ليلي في طريقٍ خطير لايوجد به عموداً واحداً

اعترف بفشلي في كل المعارك والمبارازات والمبارايات الكلامية ، اعترف بالجبن في تسديد اللكمات في المبارة للمنافس حتي ولوكان مصاباً أو في شدة الإعياء

سأوجه إليه وردة حتي ولو تصاعدت ضحكات الجمهور !

كتبت عن المرأة الأسبوع الماضي وكان ما كان واليوم أتحدث عن شريكها في الحياة “الرجل” ، كل الظروف توافقت لأتحدث عنك يا بطل ، لن اسألك “إنتَ مين” لأني أعرفُ تماماً ، لكن سأوجه إليك كلمات إقرأها جيداً حتي لانصبح كالنعام الذي يدفن رأسه في الرمال .

إن كنت من الذين سيأتي ذكرهم فاعلم ان التناقض قد جعلك من أشباه الرجال مجرد مسخ دون جوهر الرجولة ومعدنها النفيث

يأتي الديكتاتور كأكثر النماذج إنتشاراً في الشرق الأوسط الذي يفعل كل شئ مهما بلغت دناءته تحت مظلة واحدة “أنا راجل” أُحب أن أُكمل لك العبارة لاُسقط مظلتك الوهمية “أنت راجل ناقص”

بينما يجلس الكائن الهُلامي أمام الشاشة أناء الليل وأطراف النهار يكافح من أجل كلمة رضا ويطارد أي اُنثي مهما كانت
يضيع عمره ونظره ومنظره أمام نفسه بسبب رغبته الجامحه في مطاردة غرامية علي الشاشة

يأتي في المرتبة الأكثر سوءاً الذي ينتقد بشدة سلوكيات مواقع التواصل ، دائم الشير لمصطفي محمود فتُنصّبَهُ شيخاً جليلاً بالنهار ، ثم يقتحم كل اللينكات التي تشعل غضب النشطاء ليلاً في الظلام فتُنصّبَهُ سُبكي صغير في مجتمع ذكوري عاشق لكل أنواع اللحوم الرخيصة لأنه محروم منها بسبب ارتفاع الأسعار فأكتفي بالركض خلفها علي الشاشة !

أما الكائن الذئب الذي يمتلك مرونة تفوق مرونة فلافيو في ضربات الرأس فتجد رقبته تدور 180 درجة لتُصوّر كل الجالسات في الأتوبيس أو المترو وتجد نظرته نظرة متحرش بدرجة إمتياز مع مرتبة الشرف

سائق الميكروباص الذي يُخلي المقعد الأمامي دائماً لينتظر أُنثي جميلة تنبهر بقدراته الفائقة في القيادة وتضرب قلبه الحزين بقوة مصطفي كامل فيتحول الكاسيت من تلقاء نفسه لحكيم أسطورة التسعينات “إيه الحلاوة دي ، إيه الشقاوة دي”

أما الكائن الذي يتعامل مع زميلاته في الجامعه بشهامه مُحسن سرحان وما يلبث عندما يعود لأختهِ الجالسة في المنزل فيخلع القناع لينتقل لدور محمود مرسي أُبشرك بنهاية زكي رستم في فيلم “أين عُمري” ؟!

أيها الأب والزوج والأخ القاسي ، سي السيد ذهب ولم يعد حتي أمينة أصبحت أُسطورة تمردت عليها المرأة منذ حين
ما سبق مجرد نماذج عشوائية ضمن عشرات النماذج والوجوه التي أساءت لمجتمع كامل وعرضت الكل لتهمة “المجتمع الذكوري” الذي أصبح الكتابة عن الفضيلة فيه أمر أشبه بحارس مرمي يتصدي لكرات من اللهب دون حتي دون قُفّاز يوهمه بالأمان !

أيها الرجال القابعين خلف الشاشات ، والمطحونين بلقمة العيش ، الجالسين علي المقاهي حتي الصباح ، التاركين كل الهموم لتلك المسكينة دائماً في المنزل ، عودوا إلي منازلكم يرحمكم الله ، عودة الروح لجسدٍ مات ولم يعد أحد يملك أمل لعودته

عودوا واهتموا ، لا مانع أن يربّي أحدكم نفسه بالتوازي مع أبناءه

شاركوا التفاصيل واسمعوا الحكايات ، لا أحد يريدك أن تكون عبد الحليم أو أن تشتري بوكيه لزوجتك أو حتي لبنتك فربما أُصيبت بإنهيار من الصدمة ، لكن إبتسامة خفيفة ونصف ساعة تقضيها في المنزل بصحبة العائلة ومجموعة من الحكايات بلا هدف بصحبة كوب من الشاي بالنعناع أفضل من أي شئ أخر ، ربما أفضل من كل كلمات هذا المقال.

اقرأ أيضًا:

 محمد حسن: “إنتِ مين ؟”  

محمد حسن: ساعة العُسرة

محمد حسن: عائلة أحمد رشدي

محمد حسن: توابع فوائد القرنفل

 محمد حسن: اللص المدهش محمد صلاح  

 محمد حسن: مصر على الشيزلونج

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا