شادي سرور.. ظاهرة تستحق التجاهل

إيمان مندور تصرفات شادي سرور

بعد الجدل الكبير الذي أثير خلال اليومين الماضيين على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب إعلان اليوتيوبر شادي سرور، إلحاده وترك الإسلام، بعدما وصف ما تعرَّض له مؤخرًا بـ”العنصرية والجحود” التي كادت أن تودي به للانتحار، وأن الشهرة التي نالها في مصر كانت نقمة، أدت لانعدام الخصوصية والحرية في تصرفاته أمام المجتمع، نشر شادي فيديو جديد قبل قليل، أعلن فيه استمراره في الدين الإسلامي وتلقيه تهديدات بالقتل.

ولكن بعيدًا عن حقيقة تركه للدين، وهل لا يزال مؤمنًا بالإسلام أم بدين غيره أم ألحد ولم يعد مؤمنًا بإله ولا بشيء، نتناول تصرفات شادي سرور وما تعرّض له وأسبابه ودوافعه لهذا الأمر، وهل افتعل الأمر برمته رغبة في مزيد من الشهرة أم لا يزال تائها بين إدمان واستغلال السوشيال ميديا لصالحه.

المشاعر والأخلاق الإلكترونية

قبل نحو 4 أشهر أعلن “شادي” التوقف عن تقديم الفيديوهات، خلال فيديو أكد أنه “الأخير” له على السوشيال ميديا، بسبب ما يتعرض له من سباب وشتائم من المتابعين، مبديًا عدم رغبته فى الحياة، وأن الحل في الانتحار، وفي الحقيقة نال قدرًا كبيرًا من سخرية الجمهور، وتكاد تكون الآراء قد اجتمعت أنه “أخيرًا هنخلص من تقل دمه”، ولكن ظهرت فئة قليلة نسبيًا في العدد لكنها معروفة بآرائها في مثل هذه المواقف، ودافعوا عنه واتهموا الجمهور بإساءة الأدب تجاه شادي. لكن في الحقيقة ما مقياس سوء الأدب والأخلاق وكذلك المشاعر الإلكترونية؟

حسنًا، فلنعد لبديهيات ربما فُقدت خلال “هوجة الأفورة” الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ أولا المحتوى الذي يقدمه شادي في فيديوهاته الساخرة يراه قطاع عريض من جمهور مواقع التواصل بأنه سيئ و”سخيف” وصفات أخرى لا داعي لذكرها. هذا المحتوى “السخيف” يعرضه شادي منذ نحو 8 سنوات وحتى الآن للجمهور، وبالتالي من حق الجمهور رفض أو تقبل المادة المعروضة. لذلك كونك تقدم شيئًا سخيفًا وفي الوقت نفسه تلوم الجمهور على رأيه فأنت بذلك تفعل الشيء وعكسه.

ثانيا أنت اخترت عرض المحتوى على منصة مفتوحة لكل من شاء، ألا وهي مواقع التواصل الاجتماعي، وكون أحدهم يسُبك أو يسُب ما تقدمه فهذا شيء متوقع. أما كون عدد الشاتمين والمعترضين على ما تقدمه أضعاف أضعاف من يمدحونه، فهذا مؤشر ينبغي الالتفات له، لأنك تقدم منُتَج هدفه الجمهور، وبالتالي ينبغي مراجعة المحتوى كي تكسب المتلقي وتزداد الشعبية. أما إلقاء اللوم المستمر على أخلاق الجمهور “الإلكتروني” غير منطقي، لأن فكرة الأخلاقيات الإلكترونية نفسها غير منطقية سوى مع من تعرفهم بشكل شخصي لأنك تعرفهم حقيقةً ومسموح لك الاختلاف أو الاتفاق معهم، أما العامة فلا سلطة ولا سلطان ولا أحكام عامة تنالهم بأي شكل.

كيف تحقق مصلحتك بـ”التريندات”؟

سواء مدح الجمهور، “شادي”، أو اعترض على ما يقدمه وأساء إليه، فهو ينجح كل مرة في حصد ملايين المشاهدات التي تتحول لملايين الجنيهات التي يحصدها سنويًا، ولكنه تمكّن هذه المرة من حصد “تريند سلبي” لن يستطيع التخلص منه بسهولة بعد ذلك، فهو لم يقدم محتوى رديئًا كما يصفه البعض فحسب، بل نقل الأمر لجدل ديني وهو ما لا يتجاهله المصريون على الإطلاق، فلا القضايا الدينية ولا الجنسية يتم تجاهلها بسهولة، وقلما يتم نسيانهم، وبالتالي وضع نفسه في موضع جديد ومختلف وغير مناسب لما يقدمه على الإطلاق.

التورط اللحظي بالانفعالات

بدءًا من إعلان شادي سرور اعتزاله السوشيال ميديا قبل عدة أشهر، ثم تراجعه عن القرار، ثم تراجعه عن الانتحار، ثم إعلانه ترك الإسلام ثم تراجعه كالعادة مرة أخرى، يُثبت شادي أنه يتورط في تدوين انفعالاته اللحظية باستمرار، وكأنه يُقدم حياته الشخصية على طبق من فضة لكل من يشاء أن يأخذ منه، بل ويضع فيه ما شاء من انطباعات وتعليقات على هذه الانفعالات. فأنت بذلك عبّرت عن انفعالك بشكلٍ خاطئ فلا تلومن من أساء تقبله ورد بشكل خاطئ في المقابل. هذا إن أحسنا الظن لأبعد مدى بأنها انفعالات حقيقية وليست مفتعلة بهدف التريند ورفع عدد المشاهدات لزيادة الأرباح.

 

حزين.

حزين.

Posted by Shady Srour on Sunday, February 17, 2019

مسؤولية الانفتاح

شادي سرور دخل مجال تقديم الفيديوهات عبر السوشيال ميديا منذ سن مبكرة، في سن الثامنة عشرة تقريبًا، وحصل على شهرة مبكرة كذلك، ربما كان من الصعب وقتها تقبّل ضريبة الشهرة وفهم سلبياتها قبل إيجابياتها، لكن الخطأ في الخطوات يترتب عليه خطأ في النتيجة كأمر بديهي ومعروف، وكونه لم يدرك حجم مسؤولية الانفتاح على عالم “افتراضي” به ملايين المستخدمين، فهذا أيضًا ليس مبررًا لإلقاء اللوم على المتابعين وأنهم جمهور بلا رحمة كما يصفهم.

 

العنصرية ضد الاختلاف

مفهوم العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي يتخذ مسارات وطرق متباينة، منها ما هو معروف كالعنصرية ضد عرق أو جنس أو فئة معينة، ومنها ما هو عنصرية لصالح الذات ضد كل ما ومن يخالفها، فتجده يطرح وجهة نظر معينة ولا يقبل الاعتراض عليها بل ويندهش من رفضها من البعض، ويلوم الآخرين على عدم تفهمهم لما يقوله ويقدمه، وهذا ما فعله ويفعله شادي، يلوم الجمهور على عدم رضاهم عن ما يقدمه وكذلك تصرفاته؛ لا سيما بعد انتشار صور عديدة له بجانب سيارات فارهة اشتراها بأرباحه من الفيديوهات وهو ما سخر منه البعض، أو مع فتيات بأوضاع غير مقبولة أخلاقيًا، أو محتسيًا الخمر في أماكن غير مقبولة مجتمعيًا. ورغم كل هذه التصرفات إلا أنه لا يزال يرى الخلل في الجمهور وأنهم “جميعًا بلا استثناء” كما يقول ليس لديهم رحمة ولا أخلاق و”همجيين”، أي أنه جعل نفسه رقيبًا على الجميع دون قبول الرقابة المجتمعية عليه.

الهوس بالعالم الافتراضي

الكلام هنا بشكل عام وليس عن شادي سرور فحسب، لأن البعض أصبح يفقد الكثير من قيمته لدى المحيطين بعد تأكد هوسه بجمع أكبر عدد من اللايكات والتعليقات، حتى أن البعض أصبح يكتب ويعلق لنفسه مشيدًا أو ضاحكًا على ما كتبه، هذا فضلا عن من يستغلون فيديوهات أو منشورات الآخرين لجمع أكبر قدر من التفاعل. فمثلا بعد “بوست” ترك الإسلام الشهير لشادي سرور خرج مجموعة من اليوتيوبرز المعروفين لاستغلال التريند لصالحهم أيضًا وردوا عليه وعلى موقفه مما تعرض له، وحصدوا تفاعلا كبيرًا وسط الضجة التي لا تزال مستمرة.

 

 

في النهاية، وسواء اتفقنا أو اختلفنا في توصيف وتحليل نموذج شادي سرور وغيره من “مهاوييس الشهرة”، إلا أن التجاهل التام لهم هو الحل، وهذا الموضوع ليس تجاهلا نعم، لكنه تحليل لظاهرة تفاقمت خلال اليومين الماضيين مع شادي سرور ونتمنى أن تنتهي، سواء حدث ذلك بالتجاهل أو بسرعة تغير التريند الذي لا يرحم من سعى إليه، أو حتى تمنّاه..

تصرفات شادي سرور

نرشح لك: شادي سرور: أنا بعبد ربنا أحسن منكم!

شاهد: يوم مش عادي في ضيافة الإعلامية رنا عرفة