أماني زيان تكتب: أولادنا في خطر

انتحر طبيب نفسي.. كيف وصل لهذه المرحلة المتأخرة.. كتب اكثر من مرة يلمح ويصرح عن مدى اكتئابه.. وأنه أصبح يزيد من جرعات أدوية الاكتئاب.. عبّر عن مدى الإرهاق النفسي والجسدي الذي تسببت فيه دراسة الطب.. وأن الأربعة شهور الإجازة هي أجمل أيام عمر أي طالب ينتهي من كلية الطب.

شاب لم يبدأ خطوة حقيقية في الحياة العملية.. في مقتبل العمر كما يقولون.. وما هو مقتبل العمر؟ هو البداية والبدايات هي دائمًا وأبدًا الأوقات المثالية للسعادة أو بالاصح البدايات هي الأوقات الوحيدة للسعادة.. لم ير هذا الشاب السعادة في البدايات! تُرى لِمَ؟

نرشح لك.. انتحار طبيب نفسي مُصاب باكتئاب

قرر إنهاء حياة لم تحيَ بعد! شاب وسيم طبيب له مستقبل واعد على الأقل اجتماعيًا ‘”الدكتور راح . الدكتور جه”

ستسعد أي شابة يتقدم للزواج بها.. سيكون وضعًا اجتماعيًا بارزًا ومحترمًا

لن اتساءل الحقيقة عن أسباب انتحاره.. ففي حياتنا هذه الأيام من السذاجة أن نسأل عن سبب الاكتئاب أو الانتحار!

لكن ما يشغل عقلي وقلبي معًا.. أن أحدًا لم يلاحظ! لا أم.. ولا أب! لا أخ ولا أخت، لا صديق ولا حبيبة!

كان يشكو على الفيسبوك من اكتئابه وعن رغبته في الانتحار.. هل كان يكتب في العالم الافتراضي لأنه لم يجد من يسمع له في العالم الحقيقي؟!

بالطبع كتب له البعض كلنا مكتئبون أو كبر دماغك.. أو شجعه آخرون بأنه يفكر أيضًا في الانتحار وأنه الراحة الأبدية!

لم تربت على كتفه يدٌ حقيقية.. لم يجد الحضن الحقيقي الذي يرتمي بداخله بهمومه ومتاعبه.. لم يجد آذانًا صاغية تنصت له بحب حقيقي وإهتمام فعلي.. تُرى.. أين كانوا؟ مشغولون بهواتفهم الذكية! ضائعون هم أيضًا داخل عوالمهم الافتراضية؟ معتقدون أنهم يعيشون والحقيقة أنهم هم أيضًا ينتحرون بالبطيء.. ففي يوم سيرفعون أعينهم عن تلك الهواتف ليجدوا أنفسهم وحيدون ضائعون لا ونيس ولا صديق حقيقي.

هذا الشاب الوسيم الناجح هل دخل كليته برضا كامل أم غُصب عليها لكسب واجهة اجتماعية!! فقد كان يشكو صعوبة الكلية في أكثر من بوست.

الخلاصة أننا غير سعداء لماذا؟ لأننا لا نتحرك بحرية في حياتنا.. نحن مقيدون بسلاسل وأغلال تختلف حسب طولها من واحد لآخر ومن أسرة لأسرة لكننا في النهاية مربوطون بالعادات والتقاليد والشكل الاجتماعي..الذي أصبح الشباب بعد ذلك يهرب منه لمواقع التواصل الاجتماعي.. ليحاول أن يجد المساحة التي يتحرك فيها كما يحب.. لكنه يكتشف في لحظة أنها وهم وأنه وحيد.. ضائع.. مخنوق يحتاج لهواء وحب فلا تستطيع هذه الحديدة حتى لو كانت ذكية إعطائه لها..

على رأي المثل الإهتمام ما بيطلبش.. لكن آن الأوان نطلبه ونزن أيضًا في طلبه.. أولادنا في خطر.

شاهد| أبرز المشاهد السينمائية للفنان حسن حسني