مهرجان الجونة VS فيلم هندي.. الجونة يخسر!

إنجى الطوخى

*

أنتجت شركة “ياش راج فيلم” أحد أهم وأعرق شركات أنتاج الأفلام الهندية مؤخرا فيلم بعنوان “صنع في الهند” وهو فيلم يدعو لدعم الصناعة الوطنية الهندية من خلال قصة حب بسيطة بين زوج وزوجة مكافحين.

“سينما أجازة.. وأجازة سينما”

في مصر كان مهرجان الجونة السينمائي 2018 فى دورته الثانية محاولة لدعم السياحة المصرية، كما عبرت وزيرة السياحة المصرية رانيا المشاط بأنه جزء من سياحة الترفيه في مصر، وأعلن منظموه، ولكن هل نجح المهرجان ذلك بالفعل؟ في أن يقدم جمهورًا سينمائيًا جديدًا أو يضخ استثمارات عائدها في صالح السينما أو تحول المهرجان ليكون قبلة لنجوم السينما العالمية؟

الإجابة ليست بوضوح الأسئلة المثارة، فأصحاب المهرجان من آل ساويرس في النهاية رجال أعمال بحثهم عن دعم صناعة وطنية مثل السينما المصرية يماثله بحث عن تحقيق أرباح تواجه حجم الإنفاق على المهرجان، وإقامة المهرجان في المنتجع السياحى الخاص بهم في الجونة خير دليل على ذلك، حيث البعد التام عن جمهور السينما الحقيقى

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: يوم الدين.. عن قسوة مجتمع

وهى الإجابة أيضا على نقطة تقديم جمهور سينمائي جديد ففى الجونة سيقتصر الاحتفال على صناع الأفلام المشاركة في المهرجان وعلى النجوم الذين تمت دعوتهم من قبل إدارة المهرجان، دون أن يكون من حق الجمهور العادى العاشق للسينما الإطلاع على أفلام المهرجان، وهو ما يجعل الوضع أشبه بفيلم مخرجه هو الممثل وهو كاتب السيناريو وهو الجمهور الذي يصفق في النهاية لنفسه!

قبلة نجوم السينما العالمية والمصرية

والمتابع للمهرجان بشكل سطحى سيشعر بالفعل أنه أصبح قبلة لنجوم السينما العالمية والعربية، بسبب هذا الكم الهائل من النجوم الذي ظهر على السجادة الحمراء أمام عدسات المصورين، أبرزهم أوين ويلسون كليف أوين وسيلفسترستالونى، ولكن شيئا فشيئا سيختفي ذلك الشعور بعد أن يعرف أن هؤلاء النجوم لم يأتوا إلا بعد حصولهم على مبلغ مالى ضخم، فضلا عن تسهيلات السفر والإقامة وعناصر الترفيه خلال فترة الإقامة.

كما أن التركيز على جمع أكبر عدد من النجوم خلال أيام المهرجان أضر به أكثر مما نفعه، فقد تحولت السجادة الحمراء إلى ما يشبه “catwalk” أو عروض أزياء للنجمات بعد أن تسابقن في ارتداء أكبر عدد من ملابس السهرة.

كما تحولت -السجادة الحمراء- إلى عروض “شو” لبعض النجوم من الرجال بهدف تسليط الأضواء عليهم وكسب مزيد من الشهرة، مما عرض المهرجان لانتقادات لاذعة من الجمهور العادى الذى رأي فيه مهرجانًا سينمائيًا بلا سينما، وانتقادات الكثير من النقاد الذين رأوا أن التركيز الأكبر كان على ملابس النجوم وسهراتهم الخاصة مقارنة بالتركيز على أفلام ومناقشات المهرجان.

سينما من أجل الإنسانية

كان الشعار الذي رفعه مهرجان الجونة هذا العام، ولكن كانت المفارقة أن المشكلات التى صادفت المهرجان كانت تتناقض مع هذا الشعار وأحيانا كانت ضده، تصريح المخرج ومصمم الافيشات خضر محمد خضر بأن المهرجان كانت فكرته، ولكنه تعرض للسرقة من قبل منظمى المهرجان الحاليين بشرى وعمرو منسي وكمال زادة بالإضافة إلى آل ساويرس، تسبب في حالة من التشويش والارتباك لدى متابعى المهرجان خصوصا مع عدم وجود رد من إدارة المهرجان لعدة أيام، وتحول الأمر إلى قضية رأي عام على وسائل التواصل الاجتماعى.

أما المشكلة الأخرى فكانت وفاة الصحفية هند موسي رئيس قسم الفن بصحيفة التحرير خلال عودتها من تغطية المهرجان، بعد اختيار آل ساويرس خدمة “كريم” لنقل الصحفييين ذهابا وإيابا للمهرجان، توفيرا للنفقات الكبيرة اذا اختاروا الطيران وسيلة لنقل الصحفيين، التحقيقات كشفت أن سائق السيارة كان يعانى الإجهاد الشديد اذا كان قد وصل لتوه إلى الجونة، وبدون الحصول على أى قسط من الراحة انطلق في رحلة العودة إلى القاهرة مع مجموعة من الصحفيين منهم كانت “هند”.

نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: الأستاذ محمود عوض

العبرة فى قصة هند وخضر أن الشعارات أحيانا تبقى مجرد كلمات على الورق، فخضر زعم أن اعتراضه الأساسي أنه تعرض للسرقة ممن اعتبرهم أصدقاءه وجعل علاقاته الإنسانية بهم في المقام الأول قبل حسابات البيزنس –بحسب كلامه – مما آثار موجة كبيرة من تعاطف معه على السوشيال ميديا، أما قصة هند فتكشف مدى رخص الحياة الإنسانية بحسابات رجال الأعمال فيمكن التوفير فى ثمن تذاكر الطيران تقليلا للنفقات أما المقابل هو التضحية بحياة إنسان.

نقاط ضوء فى مهرجان الجونة

رغم ما سبق فهناك نقاط ضوء فى مهرجان الجونة لا يمكن إنكارها، أهمها هو الدعم الذي يقدمه صناع المهرجان للسينمائين والذى وصل إلى 170 الف دولار للأفلام في مرحلة التطوير، وهو رقم بلا شك سيفيد عدد كبير من المخرجين الصغار ممن لا يزالون في بداية طريقهم.

كذلك استقدام نجوم عالميين لم نكن نراهم من قبل في مصر لهم ثقل في مجال التمثيل مثل “كليف اوين” أو”أوين ويلسون” كانوا من الفنانين الذين تم تكريمهم، كذلك فى أعضاء لجان التحكيم الثلاث للأفلام الروائية الطويلة والوثائقية والقصيرة كان هناك أشهر صناع السينما العالمية مثل المدير الفني لمهرجان “برلين” كارلو شاتريان، ورئيس مهرجان “ترايبيكا” فردريك بوير، ومدير البرامج بمهرجان “ساندانس” هايدي زويكر، وأخيرا عرض أحدث أفلام السينما العالمية وخصوصا الأوروبية حيث وصل عدد الأفلام المشاركة خارج المسابقة الرسمية إلى 18فيلما.

فيلم هندى VS مهرجان الجونة!

فى النهاية يأتى فيلم “صنع فى الهند” لتكشف كيف يمكن للسينما تقديم الدعم الحقيقى للمجتمع بلا أى صخب أو بهرجة لا معنى لها، فلم يفكر صانعوه فى كيفية الاستفادة من وراءه أو كم الأرباح التى سيحصلون عليها، فالفيلم الهندى جاء لدعم حملة أطلقتها الحكومة الهندية منذ عام 2014 بنفس الاسم هو “صنع فى الهند” والهدف هو دعم الصناعة الوطنية الهندية وخصوصا صناعة المنسوجات أى أن صانعوه ظلوا أربع سنوات يخططون لخروج الفيلم للنور.

كما أن الشركة رأت أن دورها لا يتوقف عند قاعات السينما فقط، بل يمتد لكل مكان فى الهند فبدأت تروج لأصحاب تلك الصناعات من مختلف أنحاء البلاد مهما كان الديانة أو الطائفة – الهند بها أكثر 100 ديانة ومذهب- لتذهب إليهم وتصورهم وتنقل تلك الصورة إلى مختلف أنحاء العالم بالتنسيق مع نجوم الفيلم، كما تم تصوير مقطع فيديو قصير للاحتفال بالذكرى الـ 150 لميلاد الزعيم الهندى الشهير “المهاتما غاندى”، فربط الفيلم التاريخ بالحاضربالمستقبل بصناعة وطنية مهمة، ووحد أبناء وطن كبير يصل عدد سكانه إلى مليارات من خلال فيلم واحد، وهو ما لم يستطيع فعله مهرجان كامل يؤكد صناعه أن هدفهم الأساسى هو دعم صناعة السينما والسياحة المصرية!

نقدم لك| أبرز قرارات المنع التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في 2018