محمد وليد بركات يكتب: مقام الأستاذية

الأستاذية قيمة قبل أن تكون وظيفة، الأستاذ ليس فقط المُدرس في المدرسة أو الجامعة، بل الأستاذ هو القائد والقدوة والمعلم القادر على غرس القيم في تلاميذه قبل المعارف والمهارات، والتأثير في مجتمعه ومن حوله تأثيرًا إيجابيًا، أو كما قال الدكتور مصطفى محمود: “قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته”.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: يوم الدين.. عن قسوة مجتمع

كثيرا ما كنت أتساءل.. من قدوتي وأستاذي؟، كان أبي أستاذي الأول في الحياة، ثم أخبرتني الآية الكريمة بأن لنا في نبينا -صلى الله عليه وسلم- “أسوة حسنة”، ثم أسرتني شخصية سيدنا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- بهذا المزيج الفريد من القوة والعدل والرحمة والحزم، ثم عرج على عقلي أساتذة كبار بكتاباتهم التي أسهمت في تشكيل عقلي ورؤيتي إلى التاريخ والسياسة والثقافة والعالم من حولي، كالدكتور طه حسين، والعقاد، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، والدكتور مصطفى محمود، ومحمد حسنين هيكل.

كما أمتعت وجداني فنون صبحي ولينين الرملي على المسرح، ووحيد حامد ويوسف شاهين وصلاح أبو سيف في السينما، وكذلك رامي، وحسين السيد، ومحمد حمزة، وجاهين، والأبنودي، والموجي، وبليغ، وعبد الوهاب، وعمر خيرت، والست، والعندليب، في عالم المغنى والموسيقى.

ولا أنسى أساتذتي في المجال المهني، من عملت معهم أو تعلمت منهم أصول العمل الصحفي وقواعده، ومهاراته ودقائقه.

هذا كله ناهيك عن أساتذتي في المدرسة والجامعة، الذين يطول المقام جدًا بذكر مآثرهم ومناقبهم واحدًا واحدًا، والدروس المستفادة علميًا وسلوكيًا منهم، خلال رحلة ما زالت ممتدة لنحو واحد وعشرين عاما حتى الآن.

لقد وجدتني تلميذًا في مدرسة كل هؤلاء، وغواصًا في بحورهم من العلم والفكر والخبرة والمتعة المشروعة، وباحثًا عن “القيمة” لدى كل منهم، وهكذا وجدتني أتخلص شيئًا فشيئًا من أستاذية الشخص الأوحد، إلى أستاذية “القيمة”.

نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: الأستاذ محمود عوض

العلم.. أستاذ ينير الطريق، ويرفع الستار عما خفي عنا من أسرار الكون، والتخصص فيه أستاذ ومرشد وهاد، أما الفهلوة والحذلقة وادعاء العلم بكل الأمور هو جهل بكل الأمور.

العدل.. أستاذ يكشف غمّة الظلم، ويقيّم المُعْوَج، ويرد الكائدين.

العمل.. أستاذ يرتقي بالنفس، ويحفظ الكرامة، ويزيد الإنتاج، ويسجل بصمة حياة صاحبه في هذه الحياة.

المنطق.. أستاذ وموجّه ودليل، يقود العقل إلى الطريق السليم والمنهج القويم خشية أن يضل، ويوفر الوقت والجهد والمال.

الدين.. أستاذ يُطمئِن القلب الحائر، وينقذنا من شرور الملذات، ويُلَجّم الشهوات الثائرة والنفوس الأمارة بالسوء.

الأخلاق.. تحفظ إنسانيتنا، وتنظم معاملاتنا وعلاقاتنا، وتكفل لها الحيوية والاستمرار.

هؤلاء جميعا أساتذتي.. أفاخر بهم، واهتدي بهداهم، أدعوك -عزيزي القارئ- إلى أن تتخير بعضهم أو تتبعهم جميعًا، وتذكر دائمًا أنّ الأستاذية مقام رفيع لا يبلغه إلا من يستحقه.

لا أحد ينجح بمفرده.. ملف خاص عن “الأستاذ”

نقدم لك| مصطفى راشد يتحدث لإعلام دوت أورج عن حضوره مهرجان الجونة