أحمد فرغلي رضوان يكتب: يوم الدين.. عن قسوة مجتمع

الجميع يوم الدين “يوم الحساب” سيكون سواسية امام الله، هكذا يقول أحد هؤلاء الذين أصابهم القدر بعجز أو مرض مثل بطل الفيلم “بشاي”، يقول تلك الجملة فهي أمله في حياة أفضل بعد أن قست عليه الدنيا.

نرشح لك: مي سعيد تكتب: فتى أحلامي

فيلم “يوم الدين” من الحالات السينمائية المصرية الخاصة جدًا، ومغامرة جريئة من المخرج أبو بكر شوقي في أولى تجاربه التي تستحق التقدير، فالسينما كما هي للترفيه والمتعة عليها مسؤولية اجتماعية، وهنا يشير الفيلم لضرورة الرحمة والتعاطف مع من حالتهم كحال أبطال الفيلم، فسخرية و”تنمر” المجتمع أحيانًا كثيرة تصل لقسوة قد تقضي على إنسان!.

الفيلم إنساني جدًا ويشحن مشاعر المشاهد خلال رحلة الثنائي الساذج “بشاي وأوباما”، اللذان يخرجان للمرة الأولى للحياة الطبيعية خارج المستعمرة، معتمدين على وسيلة نقل “عربة كارو” يجرها الحمار “حربي”، لكن المفاجآت غير السارة كانت في انتظارهما خلال طريق رحلتهما الطويلة على نهر النيل حتى محافظة قنا، رحلة دافعها البحث عن الأهل، ربما يجدوا لديهم الحب والأمان، ورغم النهاية المفاجئة إلا أنّهما شعرا بسعادة الوصول لما يريدان معرفته عن أهلهما، وأيضًا اكتشفا جوانب أخرى أهمها “الرضا” بنصيبهما في هذه الدنيا، وكذلك توطدت علاقتهما الإنسانية أكثر فأصبح بشاي وكأنه “أب” للصبي أوباما.

وصلت المغامرة السينمائية لفيلم “يوم الدين” لمخرجه لأبعد مدى، حين قرر أنّ يكون بطل الفيلم شخصية حقيقية، وربما كان ذلك مقبولًا لو أنّه يصنع فيلمًا وثائقيًا، لكنه قرر أنّ يكون بطله “راضي جمال” مريض الجذام الحقيقي، ولم يفكر في إحضار ممثل محترف ووضع الماكياج فوق وجهه، لكن المخرج وكاتب السيناريو أبو بكر شوقي اختار أنّ يقترب لأقصى درجة ممكنة من “الصدق” في فيلمه الأول “يوم الدين”، فجاء براضي ليكون بطل الفيلم، الذي تتعاطف معه بشدة منذ المشهد الأول، بل واللافت أيضًا أنّ المخرج استعان ببعض أصحاب العاهات الجسدية ليلتقيهم بطلا الفيلم، وهؤلاء هم من يساعدونهم على مشقة الطريق!. ولا أعرف لماذا اختار المخرج هنا أنّ يكون البشر الأسوياء جميعهم من أصحاب القلوب القاسية، بالطبع لا نختلف أنّ هناك قسوة “كبيرة” في المجتمع نشاهدها في التعامل مع مثل هؤلاء المرضى من نفور منهم، لكن في المقابل هناك أيضًا من يتعاطف معهم ويقدم لهم المساعدة، لذلك كانت القسوة التي صدّرها الفيلم عن المجتمع صادمة للغاية ومبالغة.

العناصر الفنية للفيلم كانت على مستوى عال جدًا، الموسيقى كانت مميزة جدًا ومعبرة، رغم أنّها صاخبة احيانا، التصوير بواسطة المصور الأرجنتيني الشهير “فيديريكو سيسكا” الذي ساهم جدًا في نجاح الفيلم بكادراته الرائعة والممتعة للطريق خلال رحلة أبطال الفيلم، وأيضا كان يعرف متى يقترب من وجه “راضي” وهو ممثل غير محترف، لكنه نجح في جعل المشاهد يتعاطف معه كثيرا ويحبه دون “نفور”، لكن الصورة أحيانا افتقدت “للروح”، خاصة في وجود مجاميع الممثلين إلى جانب حوارهم “الضعيف”، ويعد الحوار والمونتاج في الفيلم من أضعف عناصره.

كان يجب على أبو بكر شوقي الاستعانة بسيناريست، أعتقد كانت التجربة ستكون أفضل خاصة على مستوى الحوار، الذي جاء “ضعيفا” في مشاهد كثيرة مليئة بالمشاعر والأحاسيس لم تصل للمشاهدين كما يجب، واعتمد المخرج أكثر على صدق تعبيرات “وجه” بشاي، لذلك سرد الفيلم كان ضعيفًا.

أيضًا ضعف التمثيل كان واضحًا في مشاهد كثيرة، وكان راضي جمال أكثر تلقائية وصدقًا من الصبي الصغير أحمد عبد الحفيظ، الذي كان بحاجة لتدريب أكثر.

في النهاية “يوم الدين” فيلم جيد جدًا، فهو مزيج من الدراما والمغامرة ويحمل مشاعر إنسانية راقية، ونجح في الحصول على تعاطف الجمهور وأيضًا ابتسامته مع خفة ظل “راضي”، وكذلك تعرضه للدين كان طبيعيًا وذكيًا، بالتأكيد المخرج أبو بكر شوقي يحمل موهبة سينمائية كبيرة تجعلنا ننتظر عمله المقبل.

أحمد شوقي رؤوف يكتب: “نظرة ومدد”.. شهادة لا جرح فيها!