محمد حكيم يكتب: يوميات مراسل.. حريق الحزب الوطني وحكمة أمي!!

مارس 2011

بقلق سألته: “هو الدخول فيه مخاطرة كبيرة؟ يعني المبنى ممكن يقع؟”. فرد هو بحزم: “أنا مش مهندس يا فندم، أنا بقولك المبنى آيل للسقوط، لو مصمم تدخل يبقى على مسئوليتك الشخصية”.

القاعدة المهنية تقول: لا تخاطر حافظ على سلامتك والفريق المرافق قدر المستطاع، لكن الشغف الصحفي يقول خاطر ولا تفوت الفرصة، خصوصا إذا آتيحت لك الفرصة لتكون أول مراسل تليفزيوني يدخل مقر الحزب الوطني بعد احتراقه.

الطابق الأرضي من مقر الحزب الوطني كان محترقًا تمامًا لكنني ما أن اقتربت من السلالم المؤدية للطابق الثاني، حتى لمحت أسياخ حديد اكلتها للنيران بعدما أسقطت الحرارة ما كان يغطيها من رخام وإسمنت، فهمست في أذن زميلي المصور: “بركات شكل الوضع خطير، ده مش تكليف عمل، لو مش عاوز تطلع معايا هات الكاميرا وأنا حطلع لوحدي”.

“عيب عليك، الرب واحد والعمر واحد، اتوكل على الله”.

نرشح لك: محمد حكيم يكتب: يوميات مراسل.. تكييف في الزنزانة!!

الطابق الثاني كان متهالكًا جدا، كنت أتحرك بحذر شديد، عندما وقعت عيني على قاعة لجنة المتابعة الإلكترونية بالحزب فلم أصدق عيني.

كنت قد رأيت تلك القلعة لأول مرة منذ شهور قليلة مضت، بالتحديد قبل انتخابات برلمان 2010 بأيام، قدموها لنا بوصفها أكبر لجنة متابعة إلكترونية عرفتها مصر، قيل أن لديها من الإمكانيات ما يجعلها قادرة على متابعة العملية الانتخابية لحظة بلحظة وإصدار تقرير نصف يومي عنها.

القاعة كانت معدة بأحدث الأساليب التكنولوجية الحديقة: أجهزة كمبيوتر ولاب توب وهواتف أرضية، وشبكة واي فاي وغيرها. الآن هي قاعة بائسة الرماد يكسوا حوائطها والسقف، أما أرضياتها فهي آيلة للسقوط.

فجأة تكون في ذهني شكل التقرير النهائي، فأنا ما زلت محتفظا بالمواد المصورة للقاعة قبل الحريق، سأضعها الى جانب الشكل الحالي وبعد الحريق، وأصنع بالتناقض الرهيب بينهما مرافقة صحفية ممتازة.

“هذه القاعة هي أفضل مكان لتسجيل الاستاند ابر”.. قلت أنا محدثا زميلي المصور، وبينما بدأ هو يبحدث عن مكان آمن يثبت فيه الكاميرا لبدء التصوير، مددت أنا يدي إلى جيبي أخرج ورقة كتبت فيها أرقاما عن القيمة المادية لمقر الحزب وعن أهم الأفكار المطروحة للاستفادة به سواء تركه كمتحف يخلد أحداث يناير وقصة الحزب، أو ترميمه والاستفادة به كمبنى إداري، أو هدمه وتحويله لفندق أو بيعه لمستثمر، وبينما كنت أرتب في عقلي هذه المعلومات لأصيغ منها الجمل التي سأقولها أمام الكاميرا؛ وقعت عيني عليه!

نرشح لك: محمد حكيم يكتب: يوميات مراسل.. كاميرا سرية في دولاب المخدرات!!

لا أعرف كيف نجت هي وحدها من الحريق الرهيب الذي أكل شيء في المكان، هل لأنها صنعت من خامات ممتازة تقديرا لمكانة الرجل الذي كتب اسمه عليها، أم أن إرادة عليا قدرت الحفاظ عليها لتبعث برسالة لكل من يرآها.

اللوحة كانت مطموسة قليلا بفعل الحريق، لكن الكلام واضح “مكتب أمين التنظيم المهندس أحمد عز”.

( أنا: ألو .. ايوه يا أمي، أنا في مقر الحزب الوطني القناة، اختارتني اغطي المؤتمر للعام بتاع الحزب، تعرفي أنا شوفت مين النهارده! شوفت أحمد عز أمين التنظيم، سبحان الله هو جسمه قليل شوية بس إيه ما اقولكيش، أهم واحد في الحزب حتى أهم من صفوت الشريف نفسه، بيقولوا عليه مهندس الحزب الجديد، ولابس بدلة غريبة الشكل، بيقولوا بتتفصله مخصوص في فرنسا، وبيتعمل منها قطعة واحدة، تخيلي انت مكتبه هنا في الحزب حيكون شكله ايه، مكتب الكبير بقى”.

(أمي: يا ولدي: الكبير هو الله، ما تتغرش بالمظاهر ولا تتخدع فيها، وافهم الدنيا صح، واللي انت شايفه كبير ده، ممكن بكرة يبقى ما يبقاش له قيمة، والمكتب اللي نفسك تشوفه، ممكن بكرة ما تطيقش تدخله)

نرشح لك: محمد حكيم يكتب: يوميات مراسل.. ترزي بدرجة مطرب وملحن!!

لا أعرف لماذا تذكرت المكالمة السابقة، وأنا انظر لمكتب أحمد عز المحترق؛ رغم أنها دارت بيني وبين أمي منذ أكثر من عامين بالتحديد نهاية عام 2009عندما شاركت لأول مرة في تغطية مؤتمر الحزب الوطني، ولم أفق منها إلا على صوت زميلي المصور “خلاص يا حكيم أنا جاهز للتصوير، راجعت المعلومات علشان تسجل؟”.

أنا: جاهز، بس مش حقول حاجة من المعلومات، لأنها تحصر للموضوع في قيمة مقر الحزب المادية كمبنى، وأنا شايف الموضوع أعمق من كده، حريق المبنى رمز لمعنى إنساني مهم هو اللي يستحق اركز عليه؛ علشان التقرير يلمس كل الناس ويوصلهم”.

حديث الكاتب والناشر كريم الشاذلي على هامش حفل توقيع كتاب “الملك والكتابة ” للكاتب محمد توفيق

حديث الكاتب والناشر كريم الشاذلي على هامش حفل توقيع كتاب "الملك والكتابة .. حب وحرب وحبر" للكاتب محمد توفيق

حديث الكاتب والناشر كريم الشاذلي على هامش حفل توقيع كتاب "الملك والكتابة .. حب وحرب وحبر" للكاتب محمد توفيق Mohamed Tawfikكريم الشاذليKarim AlshazleyDar Ajial – دار أجيال للنشر و التوزيع#الملك_والكتابة#صوت_الميديا

Posted by ‎إعلام دوت أورج – e3lam.org‎ on Tuesday, September 18, 2018