عمرو قورة يكتب: صراع "النمبر وان" في السينما المصرية

بعيدًا عن المعركة الدائرة بين المنتج وليد منصور منتج فيلم “البدلة” من جهة، ومحمد رمضان وكريم السبكي من جهة أخرى، على صفحات الفيسبوك؛ يجب أن نتحرك لنخلق نظامًا واضحًا لتحديد إيرادات الأفلام، حتى يعرف كل شخص مقدار نجاحه، وأيضًا ليستطيع المنتجون التخطيط لأفلامهم القادمة، بناءً على معلومات وبيانات وتاريخ.

مشكلة الإيرادات لها شقين؛ الشق الأول أن الجهة المنوطة بإصدار الأرقام والاحصائيات، هي غرفة صناعة السينما، ولها مميزاتها وعيوبها، بسبب المجاملات والأغراض الشخصية لبعض الأعضاء، وبالتالي فالمقياس الحقيقي هو ضريبة الملاهي، التي تحتسب على كعوب التذاكر المباعة. وبالتالي إن صدرت أرقام الإيرادات من قبل الضرائب؛ فهي أقرب للواقع ويمكن الاعتماد عليها.

الشق الثاني هو أن الفيلم الذي يحقق مليون جنيه؛ قد يشاهده عدد أقل من الفيلم الذي حقق إيرادات أقل، وذلك بسبب وجود سينمات وسط البلد والمناطق الشعبية، حيث يكون سعر التذكرة أقل من سعر تذكرة سينمات المولات التجارية، وبالتالي قد لا يعكس رقم الإيراد، عدد المتفرجين الحقيقي.

نرشح لك: عمرو قورة يكتب: مسلسلات غيرت وجه الدراما (1).. ذا سوبرانوز “The Sopranos”

عدم حسم الموضوع يؤدي إلى ما نراه من عبث وتلاسن بين الأطراف، كل منهم يعتمد على مصدر، والمصدرين فيهما أخطاء، وبالتالي تؤدي الضبابية إلى قيام المواقع باختراع أرقام لترضي هذا النجم وهذه النجمة، وتتوه الحقيقة بين الادعاء والادعاء المضاد ولا أحد يعلم أين الحقيقة بالضبط.  وفي اعتقادي فإن غرفة صناعة السينما يجب أن تبادر وتتفق مع مصلحة  الضرائب على إصدار تقارير يومية بالدخل وبأعداد المشاهدين.

أما مشهد السينما عامة في العيد؛ فهو مشهد مبشر بالخير،  فإيرادات الأفلام من يوم ١٦ أغسطس وحتى ٢٣ أغسطس تخطت الـ 40 مليون جنيه، والرقم قابل للزيادة. وهذا يجعل صناعة السينما تنتعش من جديد، ويجب أن تشجعه الدولة بتسهيل مهمة إصدار التصاريح ومعاونة أجهزة الأمن في حفظ النظام في نطاق أماكن التصوير، وكلنا رأينا أفلامًا تجري فيها مطاردات في شوارع نيويورك ولندن، وكيف تغلق الشرطة حيًا بأكمله لساعات طوال لكي يستطيع صناع الفيلم القيام بعملهم، وما أقصده أن هذا هو دور الدولة، وليس مجرد تحميل لها بالأعباء.

هذا العيد تم طرح ٧ أفلام جديدة، وهي “الديزل” و”البدلة”، و”تراب الماس” و”الكويسين” و”بيكيا” و”سوق الجمعة” و”بني آدم”؛ وهي مليئة بالنجوم المحببين للمشاهد، محمد رمضان، تامر حسني، أمينة خليل، أكرم حسني، عمرو عبد الجليل، ريهام عبد الغفور، يوسف الشريف. أسماء كلها رنانة وبينهم ٣ أبطال لهم عشاق لا يعدوا ولا يحصوا وهم محمد رمضان وتامر حسني ويوسف الشريف، وكان من الطبيعي أن يتنافسوا على الصدارة، ولكن!

سأبدأ بيوسف الشريف الذي يحقق أرقام يوتيوب في رمضان أعلى من أي فنان آخر، وله عشاق ومتابعين بالملايين، فكيف يأتي في المركز الخامس بعد “تراب الماس” و”الكويسين”؟ والفيلمين المتصدرين؛ “الديزل” و”البدلة”، من الواضح أنهم متقدمون بمسافات عنه. فماذا حدث لجمهور يوسف الشريف؟ وأين ذهبوا؟  ظاهرة تستحق الدراسة.

صناع فيلم “تراب الماس”، أقدموا على خطوة في منتهى الذكاء، عندما بدأوا العرض يوم ١٦ أغسطس، قبل العيد ببضعة أيام، وجمعوا ٤ ملايين جنيه بدون أي منافسة.

والغريب أن الفيلم مع صعوبته على جمهور العيد، لا يزال محافظًا على المركز الثالث في الإيرادات مع دخول الأفلام الباقية للمنافسة، وهذا دليل على أن السينما الجيدة لها جمهورها ولها قدرة على الربح.

“الديزل” و”البدلة” يتبادلان الصدارة، وهو أمر منطقي لأن الأبطال هم نجوم الشباك، فلا عجب هنا، و سنرى ماذا سيحدث بعد العيد ومن سيحتفظ بالصدارة ويفوز في النهاية بلقب “نامبر وان” المنشود.

نرشح لك: عمرو قورة يكتب: مسلسلات غيرت وجه الدراما (٢) – لوست / Lost (الجزء الأول)

ولو كان عندي أمنية، فهي أن يتعقل أطراف النزاع على لقب “نامبر وان”، بعض الشيء، والتوقف عن الفضائح، الصدارة والنامبر وان والتراشق اللفظي، أمور لا داعي لها، فالفيلمين نجحا نجاحًا مبهرًا، وكلاهما سيحقق إيرادات كبيرة للمنتجين، فأرجو الهدوء وسماع صوت العقل، حتى لا تكون الجنازة حارة والميت نامبر وان.

أما فيلمي “سوق الجمعة” و”الكويسين” فلقد ظلما بالعرض بين كل تلك الأسماء الرنانة “والغلطة من دي بفورة” كما يقال، كان من الأفضل الانتظار لموسم الكريسماس أو إجازة نصف السنة، “إنما حانقول ايه؟ نصيب”، ولكن هذا لا يمنع أن فيلم “الكويسين” يحقق أرقامًا معقولة بالرغم من المنافسة.

أما فيلم “بيكيا” فهو بطولة محمد رجب، الذي يقوم بالتمثيل خلسة، ويظهر كل فترة بفيلم ولا ينجح، ولكن سبحان الله دائما يجد منتجًا ينتج له، الله أعلم بالسبب، وهذا ليس تقليلا من محمد رجب، لكن قد يكون مكانه شاشات التلفزيون وليس السينما لأن اسمه لا يجذب الجمهور لدفع النقود لمشاهدته.

يجب على صناع السينما أن يعملوا سويا لحل مشكلة غموض أرقام الإيرادات، وتحليل الظواهر التي ذكرتها في موسم العيد، وأعتقد أننا يجب أن نخلق مواسم أكثر ونصنع أفلامًا أكثر.. ودمتم.

نرشح لك: عمرو قورة يكتب: ماذا ينتظر العاملون في الإعلام المصري؟