شاهد: "رسائل نساء صغيرات" تروي كيف اغتال زواج القاصرات طفولتهن

رباب طلعت

“الزواج مش لعبة”.. رسالة قاسية نقلها فيلم مؤسسة “أبعاد” القصير، غردت بها نساء صغيرات، أو طفلات رُمين بسبب الفقر، والجهل، والاضطهاد في أيدي مغتصبين مستترين تحت ستارة الزواج، لتتحول كلٍ منهن، من طيرٍ تغزل أجنحته الصغيرة للتحليق في فضاء الأحلام، لأسيرات في سجون التجارب الدرامية والنفسية الدامية، تلك المحابس التي وضعهن فيها أبائهن، وأداروا ظهورهم لهن.

مؤسسة أبعاد اللبنانية، المعنية بقضايا المساواة بين الجنسين -الذكر والأنثى- أطلقت من منطلق دفاعها عن المرأة، وتنديدها بالانتهاكات النفسية والجسدية التي تتعرض لها، فيلمًا قصيرًا، يروي تجارب قاصراتٍ تزوجن مبكرًا بمخالفة السن القانوني للزواج، تحت عنوان “Letters From Little Brides”، “رسائل من عرائس صغيرات”، يمكن أيضًا وصفهن بالـ”Birds” السجينة، وفيما يلي يقدم “إعلام دوت أورج” تحليلًا له:

1- استعان فريق عمل الفيديو بالرسوم المتحركة المرسومة، على خلفية سوداء، تجسد الواقع المظلم الذي عاشته بطلات الفيديو، اللاتي لم يظهرن، حتى بأصواتهن، فقط كن حاضراتٍ بقصصهن، واللون الأبيض الذي رسمها، لأن الغرض ليس التشهير بل التحذير.

نرشح لك : لأول مرة.. إليسا تكشف عن إصابتها بمرض خطير

2- لم تكن الخلفية فقط هي السوداء، بل الموسيقى التي كانت وبالرغم من بساطتها، قابضة للروح، استوحت الكثير من أصواتها من العالم المحيط بالضحية، من ضربات الملعقة على فنجان القهوة، أوراق الأشجار المتساقطة كأحلامهن، وتساقط المياه، وصوت الفتيات وهن يلعبن بمرحٍ طفولي، كما يجب أن يكن.

3- لم يكشف الفيلم عن أي معلومة عن الفتيات، فقط قصص تروى، بدأت بـ”زوجي بيقلي اتركي بقى الألعاب صرتي كبيرة”، في إشارة للفجوة الكبيرة بين حقيقة أنهن ما زلن أطفال، وأكذوبة أنهن أصبحن زوجات كبيرات!

4- “باعوني بيع” هكذا عبرت صاحبة القصة الأولى عن نفسها، هكذا رأت تضحية والدها بها لسد ديونه، أما الثانية، فتزوجت بـ”عباية سودا”، فلم تستقبل حياتها الجديدة كما تفعل الفتيات بفستان زفاف أبيض أملًا في هناء العيش مع زوجها، وكأنها رمزية لأنها على مشارف “تجربة سودا”.

5- “لهلا بحس إني ولد صغير، ما حبيت إني إكبر، الكبر صعب”، رفضت بطلات الفيلم فكرة أنهن كبرن، وسرقة أعمارهن فجأة دون تمهيد، خاصة من أنجبت منهن مستنكرين فكرة أن تربي طفلة أطفال، كيف تربيهم وهي لم يكتمل نضوجها؟!

6- “ما توقعت إني أكون غلطت غلطة عملي”، حتى من كانت منهن موافقة على الزواج مبكرًا، وكانت تنتظر العرس، وأن ترى نفسها مثل الفتيات الكبيرات بفستان زفاف كأميرات الكارتون، وجدت أنها مطالبة بأشياءٍ لم تفقهها، حتى إنها صارت تكره “العلاقة الزوجية” التي لم تفهم معناها، وتكره كل من حولها، ولا تجد السلام إلا بعدما يذهب الجميع وتبقى مع ابنها.

7- “الزواج ذل، أنا مني عايشة هلا”، “أكتر ليلة خفت فيها بحياتي، فكرت إني بموت، اتعذبت، جسمي تعبني، ما عاد بدي عيش”، لم يغفل الفيلم عن استعراض أشكال العنف الجسدي سواء بالضرب أو بالاغتصاب المقنن تحت اسم الزواج، بالقتل النفسي والإنساني الذي تتعرض له فتيات في عمر الزهور.

8- “ما بعرف ربي ولاد، عم بظلمهم كتير، أوقات ما بيسوا شي وبضربهم”، هنا ظهر العنف العكسي، الذي تصبه الفتيات اللاتي تحولن فجأة ودون تأهيل لأمهات، فتصبح طفلة مطالبة بتربية أطفال، مثلما عبرت عن نفسها قائلة: “أنا ولد صار عندي ولدين مسؤولية كبيرة، أنا ولد كيف يعني صير عندي ولد؟”.

9- “كيف يعني كيف صرت حامل؟”، كشفت تلك الجملة عن عدم التأهيل النفسي، والثقافي، للفتاة، أي أنها ترمى في النار دون تمهيدها لما هي مقبلة عليه، فتدخل في دوامة من الأسئلة التي تكتشف إجابتها عن طريق الصدمة.

10- “كان بدي سقط، ما بدي يكون عندي بنت، ما بدي بنتي تعيش متلي، بيقولوا حظ البنت لإمها”، تلك الجملة ناقوس الخطر الذي دقته إحدى بطلات الفيلم، متنبئة بأن تظل جريمة زواج القاصرات مستمرة في مجتمعاتٍ بعينها، تلك التي خرجت منها، فلن يتغير شيء.

11- “جربت إني طلق بس ما قدرت، هددني ياخد بنتي مني ويخبرهم إني بشتغل بالدعارة”، كانت الخاتمة القاسية لروايات ضحيات زواج القاصرات، اللاتي لا يمتلكن القوة، ولا الدعم لتنفيذ رغبتهم في الطلاق، والهروب من الهلاك الذي رُمين فيه دون رغبتهن، خوفًا من الحرمان تارة، فعاطفة الأمومة تغلب، أو من الفضيحة، من يدافع عنها؟!