"تويتر" نجيب ساويرس.. أن يتحول حسابك الشخصي لمنصة إعلامية

إيمان مندور

أظهرت دراسة تحليلية لأنماط الاتصال الجماهيري أن منصات ووسائل الإعلام الجديد “النيو ميديا” ساهمت في إعادة تشكيل الساحة الإعلامية العربية بأكملها، لا سيما مع تراجع أهمية وسائل الإعلام التقليدية وتأثيرها وانتشارها، بسبب تزايد دور منصات التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية يومًا بعد يوم، حتى أن التعامل معها أضحى وسيلة من أهم وسائل تواصل المشاهير مع الجمهور، فتحوّل بعضها من مجرد حسابات شخصية لمنصّات إعلامية موازية ومستقلة للعديد من الأفراد، سواء كانوا من المشاهير أم غير ذلك.

الحساب الرسمي لرجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” كان نموذجًا جيدًا لتوضيح ما سبق ذكره، فالرجل الذي دخل الساحة الإعلامية قبل نحو 10 سنوات كمؤسس لقنوات ومساهم في صحف مصرية كبيرة أنفق عليها الملايين، لم يكن التواصل “الحقيقي المتبادل” بينه وبين الجمهور على اختلاف توجهاته إلا من خلال حسابه على “تويتر”، فيكتبون إليه ويسألونه ويتناقشون ويعرضون عليه أفكارًا ويطلبون منه دعمًا لها أحيانًا، وهو يتجاوب ويتفاعل ويرد مُستخدمًا أسلوبه الساخر المعهود في أغلب الأوقات.

نرشح لك: نجيب ساويرس: “أكل العيش مُر”

وسواء كان ذلك عن قصد أم لا، إلا أنه نجح في تحويل حسابه لمنصة إعلامية خاصة به، بخلاف العديد من المشاهير الذين لديهم فريق كامل للسوشيال ميديا، ورغم ذلك لم يحققوا تفاعلاً مثل “نجيب” مع متابعيه، لا سيما بعد موقفه اليوم من أطفال فيديو التهريب الذي أثار جدلًا كبيرًا منذ مساء أمس، حيث أعلن عبر “تويتر” عن توكيل محامي لهؤلاء الأطفال للتصالح مع الجمارك، ومن ثمَّ توظيفهم بعد ذلك، وهو ما تقبله الجمهور بحفاوة كبيرة.

إذن كيف نجح ساويرس في تحويل حسابه لمنصة إعلامية خاصة به، يعتمد عليها القرّاء والصحفيون كذلك في متابعة مواقفه وآرائه؟.. نحاول الإجابة عن ذلك في العناصر التالية:

1- يرد بنفسه على متابعيه ولا يوجد قائمون على حسابه سواه، وهو ما أكّده حينما تساءل البعض حول كيفية جمعه بين انشغاله بأعماله وبالرد باستمرار على المتابعين، فكان جوابه بأن حسابه لا يديره أحد غيره، لأن ردوده على الجمهور تعبر عن شخصيته ومشاعره ومبادئه، وإن فعلها أحدٌ غيره “يبقى غش” على حد تعبيره.. إذن تأكُد المتابع بأنك القائم على حسابك بنفسك يزيد درجة المصداقية لديه والحرص على المتابعة والمناقشة سواء بالقبول أو الرفض.

2- لا يقتصر حسابه على مجرد نشر تغريدات دون الرد على الجمهور أو إعادة نشر ما يقولونه، مثلما يفعل البعض، بل أغلب منشوراته عبارة عن “رتويت” لتغريدات الآخرين أو الرد على أسئلتهم.. وهو ما يدفع الجمهور لمزيد من التفاعل معه وانتظار رده، كأنه شخص عادي من بينهم وليس شخصية مشهورة.

3- يُكرر في حواراته دومًا أنه يحب “خفة الدم والهزار”، وهو السمت الغالب عمومًا على طبيعة الشعب المصري أصلًا، لذلك تغريدات “نجيب” وردوده الساخرة يتفاعل معها الجمهور بكثافة، بل يتم تداولها على الصفحات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل “فيسبوك” و”إنستجرام”.. ومن هذا المنطلق يتضح أن استخدام الأسلوب الأقرب للجمهور _حتى وإن كان ذلك طبيعة الناشر_ يقوي ارتباط المتابعين بالحساب وما يُكتب عليه.

4- تحوّل الحساب لمنصة إعلامية خاصة بـ”ساويرس” ليس لأنه لا يظهر كثيرًا في الإعلام مؤخرًا، ويعتمد الجمهور أصلا على متابعته عبر حسابه أكثر من اللقاءات التليفزيونية المليئة بأوضاع السياسة والاقتصاد، بل لأن “تويتر” يُعتبر أقرب وأسهل وسيلة للوصول لنجيب ساويرس لعرض بعض الأفكار والمشروعات عليه لدعمها، وهو ما استجاب له أكثر من مرة، ويتميز به عن غيره من المشاهير الذي لا يردون على الطلبات التي تُوجه إليهم عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

5- متواجد باستمرار على “تويتر” وينشر بصفة شبه يومية، حتى أن ردوده السريعة وتغريداته الكثيرة يرد عليها متابعون بـ”إيه يا عم نجيب ده إنت فاضي لتويتر بس”، وهو ما يقابله بردود ساخرة كالعادة، لكن المقصود هنا أن فكرة التواجد نفسها تجعلك في ذهن المتابع باستمرار، وإن غبت سيلاحظ الجميع.

في النهاية نُلخّص القول بأن نجيب ساويرس أجاد الترويج لشخصيته بين الجمهور على أنه واحد منهم رغم الفارق المادي الهائل بينه وبينهم، وحوّل حسابه على “تويتر” لجهة يعود إليها المتابع على الفور كلما علم أن أمرًا ما يخص صاحب الحساب قد وقع، لأنه يدري أنه سيرد هنا أولا، ومثلما نجح في تحويل تجارته البسيطة لاستثمارات هائلة بالمليارات، حوّل حسابه أيضًا لمنصة إعلامية تقربه من المتابعين، دون الحاجة لـ”أدمن”.