حميدة أبو هميلة تكتب: إعلانات رمضان ٢٠١٨.. نسأل الله العافية

أنغام تضحك بسعادة غامرة، أنغام التي نادرا ما تجد سببا للتفاؤل في أغنياتها “الاعتيادية”، أخيرا وجدت ضالتها في إعلان صندوق الزكاة، فما أجمل أن تكون فخورا وأنت تهتك ستر المحتاجين، وتكشف عن حاجتهم، هذا قعيد حلمه كرسي متحرك، وتلك بحاجة لأثاث للمنزل، وأخرون فقط يبحثون عن المياه النظيفة، ليس معنى ألا تجعل إعلانات التبرعات بعيدة عن الكآبة أن تحولها إلى سباق للابتسامات الفاقعة تلك، التي تشعرك أن “نشر” حاجات الناس أمر يدعو للاحتفال.

الإحساس نعمة، فقدها بعض ممن اتخذوا قرارا بصنع أغنيات مرحة جدا على مشاهد تظهر وجوه منهكة، ومريضة، وبلا مأوى، فعلها تامر حسني في إعلان مستشفى الأطفال، وأيضا استلم عدد آخر من المشاهير نفس الضحكة في إعلان القصر العيني.. تشعر من فرط المبالغة في الفرح أن أبطال تلك الإعلانات يحتفلون بإنهاء الفقر تماما في البلد، أو بالقضاء على الأمية بشكل كامل، لا يحتفلون بأن هناك كثير من المرضى وذوى الحاجة بحاجة إلى التبرع.. ياله من سبب غريب للسعادة والفخر في الحقيقة!

نرشح لك : حميدة أبو هميلة تكتب: مسلسلات 2018..الرجال من كلية الشرطة والنساء “نادية الجندي”!

من المطلوب جدا أن تعلن المنصات الخيرية عن نفسها بكل الصور لاستقبال التبرعات التي يستفيد منها بحق ذوي الحاجة، لكن شيئ من الرحمة لن يضر.

ما المشكلة في أن يتم الاستعانة بأشخاص يمثلون تلك الأدوار، أو حتى يحدث تمويه على وجوه الصغار والكبار الذين لديهم بالطبع معارف وقد يخجلهم ظهورهم هذا إن لم يكن الآن، فمفاجآت المستقبل كفيلة بوضعهم في موقف قد لا تسعفهم فطنتهم للتصرف فيه على الوجه الأسلم.

ما المشلكة أيضا بأن تقل مساحة الضحكة والواسعة هذه ولو قليلا.. يمكنكم بعث الأمل في النفوس بطرق أخرى غير الاستهتار بأناس هم بالطبع في غنى عن استعراض قلة حيلتهم.

إعلان مستشفى مجدي يعقوب هذا العام مثلا كان مبهجا جدا.. لم يكن كئيبا بالمرة، ولكنه ياللمصادفة خلا من كافة متطلبات “الشو” التي غلفت إعلانات كثيرة مشابهة، حتى إعلان “رسالة” الذي يدعو للتبرع بالملابس جاء حفيف الدم بل ومضحك فعلا، حيث تتحدث الملابس المهجورة من قبل أصحابها وتطلب بنفسها أن يتم التبرع بها.

الصغار والكبار يرددون إعلان مستشفى القلب وأيضا إعلان “رسالة”.. كذلك إعلان مستشفى “500 500” جاء فخما جدا، ومبهرا، ولكن كان هناك اتساق بين مضمون الإعلان وطريقة تقديمه، الأغنية كتبها أمير طعيمة ولحنها عمرو مصطفى، ومست بها شيرين عبد الوهاب القلب، كان هناك شجنا ووهنا في الأداء يليق بمشاهد لأصدقاء مخلصين يتبرعون من أجل الأمل بشفاء مزيد من المرضى، ويذكرون الكل بالترحم على أحمد زكي، ويشجعون غيرهم على الخير، لم نر ابتسامات زاعقة، ولا قصور في التفكير يجعل الأمر يبدو وكأنه احتفال بالأمراض.

لكن هل ضبطتم أحدا متلبسا بتذكر كلمة من إعلان تامر حسني أو أنغام، أو نظيراتها التي تبالغ في الأسى وتقبض الروح بتلك الضحكات غير المبالية؟!