مروى جوهر تكتب: هذا الرجل أحبه (4).. فتحي عبد الوهاب

عند متابعته فى مسلسله الأخير عن رواية “أبو عمر المصرى”  لعز الدين شكرى فشير، لم أستطع إلا أن أقف مكانى أمام التليفزيون وأصفق له بحرارة،  فهذا ممثل نضج حد العبقرية فى الآداء، استطاع الدخول فى أعماق الشخصية التى لا أستطيع أن أراه يمثلها، إنما يعيشها بكل تفاصيلها، يرتدى كما تُحب الشخصية ويجلس كما لا بد أن تجلس، يضحك كما هو مناسب لها، ذلك التقمص الذى جعله يأكل اللحم نيئاً لأن الشخصية ترى أن ذلك منطقى، فهى قطعة لحم حمراء طازجة شهية يأكلها كما تأكل الشخصية الكثير فى الحياة، وإن كان ولا بد أن أهنئ السيناريست “مريم نعوم” و المخرج “أحمد خالد موسى” على هذا العمل المُتقن.

نرشح لك – مواعيد عرض أبو عمر المصري #مسلسلات_رمضان_2018

أعود لتلك الأبعاد التى أضافها ” فتحى عبد الوهاب ” لدور رجل الأعمال “سمير العبد”، هذه الملامح التى جسدها وردود الأفعال لم تكن إلا نتاجاً لخبرات كثيرة ثرية متراكمة  بدأها قبل سنة 1998، كنت أراقبه منذ سنوات وبالتحديد منذ عام 2010 فى دوره فى فيلم “عصافير النيل” عن رواية الكاتب المتميز “إبراهيم أصلان” وإخراج “مجدى أحمد على”، والذى نال عنه جائزة أحسن ممثل فى مهرجان القاهرة السينمائى، عندها تساءلت لماذا لا تبحث هذه الموهبة عن النجومية المطلقة؟ لكنه لم يكن يسعى إليها، كان يأخذ خطوات وإن لم تكن سريعة فهى ثابتة، فى طريق لم يكن سهلاً بين أبناء جيله وبين أجيال جاءت بعد ذلك لا يهمها من أمر الفن إلا الشهرة والفلوس، لكنه ببراعة أثبت أن الموهبة فى الفن أهم لبقاء الفن، عندها سعت النجومية إليه فى بطئ لكن فى ثبات، لكى تظهر موهبته فى أوجها فى موسم رمضان 2018.

هو شخصية مُنفردة لا تراها كثيرًا بيننا، ففى حواره مع الاعلامى محمود سعد قال: “فى التمثيل بتعمل كل حاجة مجاناً. كل حاجة مسموحة إنك تعملها فبتعمل حالة تطهير لطيفة”، وهو كما يحب أن يُقال عليه مشخصاتى أكثر من أن يُقال عليه نجم لأنه يرى مردود اجتهاده فى مدة التصوير فى زمن يُضاف إلى عمره من الشخصية التى يؤديها، وهذه نجومية متفردة لا يمتلكها الكثيرون، وهو من يرى أن من يمتهن التمثيل ولا يحبه فهو “فايته كتير قوى”، وأن لا بد أن يحب كل ممثل مهنته جدًا ليستمتع بها، هذه هى فلسفته.

“فتحى عبد الوهاب” واحد من قليل استطاع أن يفهم ما يجب عليه أن يفعله، وفعله بحرفية شديدة على مدار مشواره الفنى الطويل، مثل لكل من يحاول فى طريقه ولا يجد ما يستحقه، فقط عافر وثابر وإاجتهد، افهم ما تتطلبه هذه المرحلة من حياتك ولا تسعى إلى النجومية بل اجعلها تسعى إليك.