مينا فريد يكتب: بين السما والأرض (2).. الحكاية الأولى (نادي القتال)

في المقال السابق كان النقاش عن الطبقة المتوسطة.. يقول الكاتب السوري حسين العودات في تعريفه للطبقة المتوسطة: “من الصعب تحديد معايير صارمة لتوصيف الطبقة الوسطى، سواء المعايير الاقتصادية أو السلوكية أو ما يتعلق بسلم القيم، فالطبقة الوسطى هي في الأساس طبقة بين طبقتين..  إحداهما عليا والأخرى دنيا، ويمكن أن تصعد منها شرائح للطبقة الأولى، أو تتدهور للطبقة الثانية، لأنها في النهاية “منزلة بين المنزلتين”. 
 

 

القاعدة الأولى في نادي القتال.. ألا تتحدث عن نادي القتال.. لكننا سنفعلها

 

سنة 1999 صدر فيلم اسمه نادي القتال، عن رواية لتشاك بولانيك بنفس الإسم، بتحكي عن موظف عادي – بلا إسم- في شركة سيارات ، عنده -زي كل اللي في المستوى المادي الخاص بيه -النزعة الإستهلاكية .. بيحب يشتري لبس ماركات معروفة .. عفش بيت مميز ، وبيشرب قهوته من أماكن مشهورة ..بإختصار حياة مستقرة عادية و نجاح متوسط في الشغل .. بلا مشاكل .. عدا مشكلة واحدة … الأرق… مش بيعرف ينام خالص.. مش عارف هل جرّبت إحساس عدم النوم لأيام ولا لأ .. بس وقتها بيختلط الواقع بالخيال بالحلم…
بيبدأ يدوّر عن حلول للمشكلة دي.. اللي شايفها مشكلة كبيرة ومؤلمة.. بيقابلها سخرية من الطبيب المعالج الخاص بيه اللي بينصحه لو فاكر إنه متألم… يروح جلسات العلاج النفسي لمرضى السرطان…
بيجرب يشارك و بيخفي إنه مش مريض زيهم .. بس لأول مرة بيبكي معاهم .. وبيرجع ينام بعمق .. الحياة بتستمر بالطريقة دي لحد ما في مرة بيقابل واحد في الطيارة.. هو النقيض بتاعه .. فـ بيبدأ يتابعه، ويعيش معاه ف مكان عشوائي .. بيتحول من شخصية استهلاكية لشخصية استغنائية وبيبدأ في تجربة جديدة .. التنفيس عن كل غضب بالقتال .. بيبدأ يكوّن مجوعات بتضرب بعض .. كلهم من نفس الطبقة، ومن أعمار متقاربة، وبمستويات مختلفة .. اللي شغال في مطعم، واللي شغال في شركة، واللي ماكملش تعليمه .. كلهم بيتقابلوا بليل ويضربوا بعض… بقوة، وبعنف، وبغضب.
بتبدأ المجموعات دي تنتشر، وتنتشر في المدن الكبيرة الرئيسية، وبيبدأ حلمهم يكبر إنهم يقضوا على الاستهلاكية في المجتمع فـ بتتحول لجماعة فوضوية أو إرهابية … و بيتحول الشاب اللي مشكلته كانت الأرق .. لأب روحي لمجانين بفكره… المشاهد الأخيرة في الفيلم بتكتشف إنه ماقابلش حد في الطيارة.. والنقيض بتاعه ده هو نفس الشخص .. مشهد قتله لنقيضه بطلقة من داخل فمه للخارج بعد صراع مؤلم بالضرب بينه وبين نقيضه…. و تفجير الأبراج الخاصة بشركات الإئتمان عن طريق أتباعه هو مشهد النهاية.

بالمناسبة المشهد العبقري للصراع بين الشخص ونقيضه بالشكل المؤلم اللي كان في الفيلم، تم تمثيله بشكل هزلي في مسلسل في رمضان الماضي عن طريق محمد ثروت

عودة للرواية .. الحقيقة إن من أكتر جمل الرواية الملهمة هي دي :
“أنت تبتاع الأثاث وتقول لنفسك: هذه آخر أريكة أحتاج إليها في حياتي. ابتع الأريكة، وبعد عامين أنت راض بأنه مهما حدث فعلى الأقل قد ظفرت بأريكتك، ثم طاقم الأطباق المناسب .. ثم الفراش الأمثل .. الستائر .. البساط .. ثم تجد نفسك حبيس عشك المفضل، والأشياء التي اعتدت أن تمتلكها تمتلكك الآن”.

“الإعلانات جعلت هؤلاء القوم يطاردون السيارات، والثياب التي لا يحتاجون إليها. هناك أجيال ظلت تعمل في وظائف تكرهها فقط لتستطيع شراء أشياء لا تحتاج إليها.. لا توجد حروب عظيمة في جيلنا ولا كساد عظيم .. لكن لدينا حرب عظمى للروح .. لدينا ثورة عظمي ضد الثقافة. الكساد العظيم هو حياتنا”.

“نحن أطفال التاريخ الأوسطون الذين ربانا جهاز التليفزيون وقال لنا إننا يوماً سنصير مليونيرات، ونجوم سينما، ونجوم موسيقى روك، لكن هذا لن يحدث. ونحن الآن نستوعب الحقيقة”
نادي القتال .. كرواية تمت ترجمتها من أحمد خالد توفيق … و لكنها ترجمة مهذبة جدا لأ أنصح بقرائتها … أحمد العايدي استوحى روح الرواية في رواية أن تكون عباس العبد أيضا …
هذا كل شئ عن الرواية/الفيلم.
 
أسمعك تسأل ما علاقة الرواية أو الفيلم بنا؟ هي رواية كاتبها كان يهدف لشريحة محددة لتلقي فكرته و هم من تعدوا الثلاثين في المجتمع الأمريكي.
الحقيقة أن هذه الرواية بشكل ما هي نحن.. أنا و أنت أعضاء في نادي القتال ..
لو كنت من الطبقة المتوسطة .. سأريك العضوية الخاصة بك في نادي القتال ..  غدا في المقال القادم
لا تنسى .. القاعدة الأولى في نادي القتال ..


للتواصل مع الكاتب من هنا