مينا فريد يكتب: بين السما والأرض (1)

كل سنة وانتم طيبين.. كل سنة وانتم لسّه عندكم القدرة على الحلم

الحقيقة بعد ما تلقيت دعوة بعتز بها من إعلام دوت أورج للكتابة في رمضان وسط مجموعة من الكتاب القريبين لقلبي، فكّرت في الموضوع الأمثل للكتابة، لم أجد حقيقة ما يسيطر على فكري أكثر من الكتابة عن شريحة الأبطال.. زملائي في العمل.. من يجلسون بجواري في المترو.. من نراهم في الشوارع.. من يجلسون في القهاوي ونوادي البلاي ستيشن.. حتى المشهورون على السوشيال ميديا.. كل من يحاولون تحسين دخلهم من صفحات على الإنترنت أو لا يكتفون بعمل واحد ليحققوا أحلامهم، هؤلاء الذين يمتلكون “كريديت كارد” فارغ، وأكثر من نصف ممتلكاتهم لا يملكونها فعليا.. من هم بين السماء والأرض.

نرشح لك: مواعيد عرض عوالم خفية لـ الزعيم #مسلسلات_رمضان_2018

ترددت كثیرا قبل الكتابة عنهم أو عنا، عن هذا الجيل المعایر من الأجیال الأكبر منه أنه “جيل مايص”، لم يحضر أي حرب، جیل الفیسبوك، والإنترنت، والدلیفري والسھولة في الحصول على أي شيء، جیل الھروب والغضب، جيل لم يكتب جوابات غرامية أو عانى حتى يحصل على نظرة رضا ممن يحبها، جيل المظاهر والتكلف.

ربما هم على صواب في كثير من هذه النقاط؛ لم نحضر حروبا بالشكل الذي یحكي عنه أھالینا، لكن الحقیقة أننا في حرب یومیة.. حرب البقاء، حرب الهوية، حرب التصنيف.. مقالات رمضان هذا العام عن الشريحة الوسطى من الجيل الأوسط، رمانة ميزان المجتمع، من يجاهدون للهرب من القاع وبالكاد.. أنوفهم أعلى سطح البحر.

هذا المقال هو مجرد فهرس لما بعده، وما بعده ليس بحثا اجتماعيا قدر كونه بحثا لما بداخل أي مواطن متوسط عادي.

قبل الحديث بالتفصيل عن نقاط محددة قررت آخذ رأي هشام منصور، صديقي المذيع والمخرج والكاتب الساخر، هشام بالمناسبة من أهم من تكلّموا عن هذه الطبقة بشكل ساخر..

– من أيام برنامج “العلم و الإيماو” على اليوتيوب، مرورا بفيلم “كدبة كل يوم” لحد برنامج “آخر الليل” على النهار، وإنت مهتم جدا بإنك تناقش مشاكل الطبقة المتوسطة والجيل المتوسط فيها، ده شجعني جدا أخد رأيك قبل ما أكتب عن الطبقة المتوسطة عموما.. بداية كده تفتكر إيه حدودها؟

بص الطبقة المتوسطة مالهاش حدود، ممكن يبقي راكب BM وعليه أقساط وديون، وممكن يبقي راكب أوبر أو كريم ومعاه مليون جنيه في البنك، وممكن يبقي بيركب الهوا زينا كلنا. تعريف الطبقة المتوسطة إنه شخص مش معاه كل حاجة، معاه شقة تمليك، بس ماعهوش عربية، أو معاه عربية بس مأجر، أو معاه شقة وعربية بس ماعهوش فلوس في البنك، هو لازم يبقي عنده حاجة ناقصة.

– يعني لو هنتكلم عن الطبقة المتوسطة مهم نوصل برضه بين الطبقة العليا والطبقة الأقل، عشان الطبقة دي ما تقدرش تصنفها بسهولة.. محتاج شوية عشرة عشان تحدد، طيب إنت شايف نفسك فين؟ هل لا زلت تنتمي ليها أصلا؟

طبعا أه.. إنت عارف أنا ابن الطبقة المتوسطة وفخور بانتمائي ليها، اتولدت في الحدود الأولية ليها من تحت، وكافحت لحد ما وصلت السقف الأعلى منها، هي مشكلتها إنها الخروج منها مش سهل، ده بالإضافة لأني اتجوزت وطلقت ومضيت عقود وشروط جزائية ولحد قريب أوي كل الفلوس اللي كنت بعملها كنت بسدد بيها، يعني فعليا لسة بقول يا هادي. بس مش همثل يعني، أنا بحاول -سوري في الكلمة يعني- أنطر نفسي من حدود الطبقة المتوسطة، أول ما بتخرج منها الموضوع بيبقي أسهل، بس أنا أحوالي المادية كده كده متقلبة جدا، ممكن أبقي غني أسبوع وأفلس شهر.. وعادي مش بهتم أوي المهم أكون مبسوط

وخلاص.

– كأنك مدحت صالح في أغنية المليونيرات، بالمناسبة أنا شايفها الأغنية اللي بتمثل الطبقة دي

أنا ما أعتقدش في أغنية بتمثل طبقة علي قد ما هم مطربين بعينهم؛ يعني عمرو دياب هو نجم الطبقة المتوسطة لأنه طالع من وسطهم والناس عاشت معاه تطوراته الشخصية والمادية وكانت فرحانة ليه أكتر من فرحه هو شخصيا، عمرو هو سفرية إسكندرية والصيف والحب والكفاح والفركشة وأزمات الطبقة المتوسطة في العلاقات بشكل عام.

– بمناسبة أغنية المليونيرات، الأغنية دي فيها وصف حقيقي دقيق لخيبة الطبقة المتوسطة من ناحية الاستهلاك وده واضح دلوقتي وانت شايف إن أكتر ناس بتهتم بالماركات في اللبس والظهور في توب الأغنيا هما الطبقة المتوسطة.

ده صحيح.. أكبر مشاكل الطبقة المتوسطة هي ثقافتها الاستهلاكية، إحنا الشعب الوحيد اللي بيشتري الخضار والفاكهة بالكيلو مش بالعدد، اللي بيدفع خمسين جنيه في إزازة مياه معدنية عشان قاعد في مكان، والوحيد اللي نزولته من البيت بفلوس. مشكلته التانية هي محاولات الهروب والتنصل من طبقته، كل واحد بيحاول يبان أغنى ومكسوف من طبقته جدا للأسف، صاحب التاكسي

بيتنك على الأسطى، والأسطي بيتنك على الصنايعي، والصنايعي بيتنك على الصبي، وصاحب البيت بيتنك على كل دول، اللي صحابه الأغنى منه بيتنكوا عليه، وكل واحد بيحاول يصرف ويستهلك فلوسه في مظاهر الغرض منها الهروب من شكل الطبقة، يعني تلاقي واحد مقسّط آيفون وهو ما عندوش عربية، ويدفع قد كده في ماركات لبس عشان يقدر يختلط بالمجتمع الأعلى وينكر طبقته وهكذا، حتي الشريحة العليا في الطبقة الوسطى نفسهم بيحاولوا يتعرفوا على اللي أغنى منهم. الإفيه الوحيد إن كل أصدقائي اللي حقيقي أغنيا مش بيصرفوا في الرفايع اللي أغلب الطبقة المتوسطة بتستهلكها، مش بيشتروا إزازة مياه

حتي برة البيت، وخروجهم قليل أو في بيوت، ذكاء في الصرف، عكس الناس اللي بتشتكي من قلة الفلوس دايما.

نرشح لك: مواعيد عرض طايع لـ عمرو يوسف #مسلسلات_رمضان_2018

– بالمناسبة أنا شايف كمان إن الجواز بيمثل معضلة كبيرة للطبقة المتوسطة كضغوط مادية أو نفسية أو اهتمام بنظرة الناس عموما.. انت شايف موضوع الجواز ده إزاي؟

شايف إن الأهالي بكل صراحة بيضيعوا عمر ولادهم وزهرة شبابهم في مظاهر كدابة، مش المفروض يبقي في بنت فوق سن التلاتين ولم تمارس الجنس قط في حياتها لمجرد إن الجنس ده مرتبط بدولاب معين لطقم أطباق معينة، في حين إنها ممكن تعيش أسعد أيام حياتها في حضن واحد بتحبه في شقة متواضعة ويبنوا سوا. ثقافة المجتمع بتحط قيود علي كل أشكال السعادة وبتخلق الكبت برغبة في المظاهر، وتلاقي الناس ماشية في الشارع محبطة، ما طبعا،

ده واحد عنده ٣٥ سنة وما لمسش واحدة، لازم يبقي محبط ويكسر عليا ويمشي عكسي، ما هو تعبان يا همام يا أخي..

– وصلنا للكنافة.. تفتكر إيه الكنافة اللي بتمثل الطبقة المتوسطة؟

نوع الكنافة اللي بيمثل الطبقة المتوسطة هي الكنافة اللي بتقف علي إيد الراجل وهو بيفرشها علي صاج متسخن ويلمها ويديهالك، أي نوع من أنواع الحشو المستخدم فهو بيحدد فقط حالتك النفسية، الكنافة بالمانجة غالبا معناها إنك بتبحث عن السعادة، الكنافة بالنوتيلا معناها غالبا إنك مريت بظروف صعبة كتير في حياتك، الكنافة بالريد ڤيلڤيت غالبا معناها ءنك شخص مش حقيقي في تعاملاتك مع الناس، والكنافة بالشربات والكريمة غالبا معناها إنك شخص راضي وقنوع.

نرشح لك: مواعيد عرض ليالي أوجيني #مسلسلات_رمضان_2018

– طيب إيه رأيك في طريقة تناول الدراما المصرية للطبقة المتوسطة.. انت شايف إيه أكتر مسلسلات اتعرضت في السابق مثلت الطبقة دي صح غير ونيس طبعا؟

ونيس طبعا عظيم.. بس مؤخرا أعتقد أبو العروسة وسابع جار نجحوا في الموضوع ده، كان فيه زمان عائلة شلش ده كان حقيقي جدا، في حاجات كتير بس دول اللي فاكرهم.

*هستنى رمضان ونشوف هيمثلوا الطبقة دي في إيه، كده تقريبا أنا حددت المقالات اللي جاية هتبقى عن إيه.. تسلم يا هشام وألف شكر. ثانية.. هشام انت فتحت الماية اللي ب 50 جنيه؟