حسام غالي.. أن تعتزل فتكسب كل النقاط الممكنة

محمد حسن الصيفي

إحساس مهيب، حسام غالي يجلس في المؤتمر الصحفي يتحدث ثم يجهش بالبكاء، وأنت تجلس أمام الشاشة فتختنق بالبكاء، تشعر أن صديقًا من أصدقاء رحلة العمر سيتركك ويسافر.

غالي يعتزل في مباراة استعراضية جميلة بين الأهلي وأياكس الهولندي وبحضور جماهيري جيد أو جيد جدًا، يبكي مرة أُخرى، يذكر والده وهو يتحدث قبل المباراة، يحتضن زوجته وولديه، تحتضن أنت ذاكرتك التي تقبض على صاحب الشعر الغجري والعينين الخضراوين منذ لقاء ريال مدريد الشهير مطلع الألفينات مع الأهلي، مرورًا بكل المشاهد التي ظهر فيها كنجم ولاعب استثنائي، بطولات إفريقيا .. فينورد .. توتنهام .. قميصه الذي ألقاه على الأرض، الجماهير التي تزأر عليه في انجلترا، خروجه من توتنهام .. الذهاب إلى ديربي كاونتي .. الخروج من إنجلترا بلا عودة ثم الذهاب إلى السعودية .. العودة للأهلي .. انبطاحه أمام الكرة وتعريض رأسه للخطورة ليزيح الكرة سنتيمترات معدودة من أمام أقدام لاعب الترجي، أهدافه، صيحاته .. قلبه المحترق بالقميص الذي يلعب له، ولا سيما الأهلي والمنتخب الوطني.

غالي يستحق

حسام غالي

في تلك اللحظة التي وقف فيها هذا الأسد الجسور في ملاعب الكرة القدم، قائد الفريق، وقائد المساحة الخضراء أينما حل وارتحل.. ليبكي، ثم يعود ليبكي اليوم مرة أخرى، غالي بكاءه عزيز وغالي ومتداخل ومعقد مثل صراعه الداخلي وموقفه.

غالي يشعر أنه لايزال قادر على العطاء، غالي الرجل العنكبوت في وسط الميدان يعلم أنه يستحق البقاء لعام آخر أو لعامين، غالي بمنتهى الصراحة “لا أحد يملأ عينه” الخضراء في عالم كرة القدم بسهولة، هو يعلم أيضًا أن الأهلي يحتاجه بشدة في هذه الآونة بعد خروج العديد من اللاعبين لإعارات للدوري السعودي في وسط الموسم، وأزمة السعيد التي ضربت عدة مسامير في نعش الفريق.

كل هذا يجعله يحترق، يغلي، يوشك على الانفجار، لكن هيهات، أين ستهرب من مقصلة البدري التي لم تترك رأس من رؤوس الكبار إلا و أطاحت به؟!

حسابات معقدة

وأخيرًا وبعد تفكير سيكتشف أنه لا مفر لك من الهروب من جحيم الجزار حسام البدري، فمقصلته قبلك طالت محمد شوقي ومعتز إينو وأحمد حسن وأخيرًا عماد متعب .

حسام غالي الغيور على قميص فريقه لا يملك عناد متعب ولا محاولات غيره في الخروج للعب في أندية الوسط أو أندية الخليج ليثبت أنه قادر، فهو قادر والجميع بالفريق الأحمر يعلم أنه قادر وأفضل بمراحل من محاولات البدري البائسة بصناعة نجوم من لاعبين محدودي الموهبة وفي تجربة متخبطة لا تعرف الوضوح.

غالي يمتلك شخصية لها حضور طاغي وقيادية على أعلى مستوى، لكن له قلب طفل، هذا القلب هو الذي اختار وتسيّد اللحظة وقرر أن يخصم “الكابيتانو” من مشواره عامًا أو عامين لتخرج الصورة كما خرجت اليوم، لاعب أحب الفريق وأفنى حياته الكروية أو أغلبها في قيادته وخدمته والدفاع عن ألوانه واعتزل في صفوفه وإرضاءًا لجماهيره وكذلك بنظرة مستقبلية فاحصة أنه سيشق طريقه عما قريب في الإدارة تمهيدًا للتدريب، أو حتى الإدارة من بابها الواسع وصولاً لكُرسي الرئاسة الذي لن تجد نفسك مستغربًا الفكرة فحسام غالي القائد والنجم والواجهة المشرفة أهلاً لها.

حسام غالي في آخر محطة له في ملاعب كرة القدم، تعلم كل الدروس الممكنة ليقف اليوم تصفق له جماهير بالآف لتمنحه أفضل ما يمكن أن تمنحه الجماهير يوم وداع الملاعب الخضراء.

نرشح لك: 7 لحظات سيتذكرها الجمهور لـ”الكابيتانو” حسام غالي