كيف كان مبارك "الزوج"؟.. سوزان تتحدث عن أسرتها

إيمان مندور

توفي اليوم الثلاثاء الموافق 25 فبراير 2020، الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، عن عمر يناهز الـ 92 عاما.

يعيد “إعلام دوت كوم” نشر هذا الموضوع عن علاقة السيدة سوزان  بـ “الزوج” حسني مبارك

زوجات الملوك والرؤساء عادةً ما يكنّ محط انتباه الجميع، نظرًا لما يمثلنه من جانب هام في حياة الحُكّام وفي السيطرة أحيانًا على بعض القرارات، ويزداد الانتباه إليهن إذا اندمجن في شؤون الدولة ومتطلباتها؛ فيتعاظم دورهن ومساحات الحديث عنهن في الصحافة والإعلام، وحتى بين المواطنين عمومًا. لذا نجد السيدة الأولى للبلاد تكتسب شعبية مماثلة لزوجها بالضبط، وكأنهما وجهان لعملة واحدة، فإما محبوبان وإما خلاف ذلك، فقيمتها مستمدة منه وهي جزء يكمله لكن لا ينفصل عنه ولا يتصرف منفردًا.

سوزان ثابت حرم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من أكثر نماذج زوجات رؤساء مصر إثارة للجدل، ليس من خلال أقوالها وما يظهر منها من أفعال على الملأ، ولكن لما تردد حولها في الكواليس منذ أن كان زوجها حاكمًا وحتى بعد تنحيه. وانقسمت الآراء حولها؛ فكانت تارة السيدة القوية التي تتدخل في إدارة شؤون البلاد حتى يرث نجلها الحُكم، وتارة أخرى السيدة الودودة المثقفة المحبة لوطنها في نظر البعض، ولا دليل على هذا أو ذاك سوى روايات الشهود أصحاب المدح والذم أنفسهم.

ولأن أكثر ما قيل عن أسباب فساد عصر مبارك هو تدخل زوجته في أمور الدولة، كان لا بد أن نستعرض جوانب عديدة في حياة قرينة الرئيس الأسبق، وتحديدًا فيما يتعلق بأسرتها، لكن هذه المرة ليس من خلال روايات الشهود سواء من مؤيديها ومعارضيها كما عهدنا، بل من خلال حديثها عن نفسها، ورأيها في مبارك كـ”زوج”، وكيف كانت ترى نفسها كـ”زوجة رئيس وأم وحماة وجده”.

 

بداية التعارف

تحت عنوان “حوار البساطة والصدق” نشرت مجلة “نصف الدنيا‏” في عدد السبت، السادس من مارس لعام 2004، حوارًا مع سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية، تحدثت خلاله عن مبارك “الزوج” وليس الحاكم، موضحةً أن زواجها منه لم يكن تقليديًا، ‏بل تبدأ قصتهما مذ كان‏ مُدرِسًا لشقيقها “منير” في القوات الجوية‏، وعندما تخرج أخوها قام بدعوة أستاذه لتناول العشاء,‏ وبالفعل وافق وزارهم في منزلهم، ثم تعددت دعوات العشاء، مشيرةً إلى أنه من هنا جاء التعارف الأسري وليس “زواج صالونات” مثلما يقولون.

 

زوج مثالي!

عن وصفها لمبارك في لقاءاتهما الأولى قبل الارتباط تقول: “ما لفت نظري في أول مرة رأيته فيها أناقته، طبعًا غير بدلة الطيران التي كانت تلمع، كل حاجة مضبوطة، وسيم، كلامه متزن، إنسان عنده ثقة في النفس، عزة، قاعد كده عظمة في نفسه.. واتجوزته وأنا صغيرة.. بعدها بقول له أنت خطفتني‏..‏ يقول لي أنتِ اللي خطفتيني”، لافتةً إلى أنها في العشر سنوات الأولى من الزواج كانت زوجة وأمًا فقط بلا عمل ولا استكمال دراسة ولا أي شيء أخر، بينما الزوج لم يكن حاضرًا غالبية الوقت‏ بسبب ظروف عمله، وعندما التحق ابنيها بالمدرسة شعرت بفراغ كبير فعادت لاستكمال دراستها التي لم تنته منها بعد تخرجها من مدرسة سانت كلير.

نرشح لك: كواليس 30 سنة تصوير لـ مبارك.. من قصر الطاهرة للكعبة المشرفة

وعندما تتحدث عن مبارك الزوج تصفه بـ”المثالي” صاحب الشخصية القوية للغاية التي تعرف بالضبط ماذا تريد “إنسان مثالي كزوج أو رئيس للجمهورية أو شخص عادي‏..‏ أخلاقه عالية جدا‏..‏ إنسان عمره في حياته ما قال كلمة خارجة أو غلط‏‏..‏ صريح جدًا, لا يخفي شيء, أي حاجة في قلبه يطلعها‏، أي مشكلة تم حلها يتطلع للجديد فورًا..‏ أي حاجة مهمة تتعمل الآن وليس غدًا‏,‏ حتي في البيت لا نلاحقه‏..‏ لا تنتظري للغد ارفعي السماعة الآن واطلبي‏، ورغم حنانه الطاغي فهو صارم في نفس الوقت يوجه إلي الصح والخطأ‏،‏ ولا مجال للدلع‏، لا دلعنا ولادنا ولا بندلع أحفادنا‏ محمد وعمر”، مؤكدةً أن حياتهم العائلية‏ “انقلبت‏ وتغيرت‏” منذ مولد الطفلين، فهي تحبهما بشدة و”كفاية بس دخلتهم علينا‏.‏ لكن الدلع غير الحب.. لأن الصح صح والغلط غلط وده عيب وده لأ‏، لازم نربي‏،‏ نحب نربي‏..‏ يمكن الريس الآن بيدلع الأحفاد‏”.

 

سوزان “الحماة”

وحول علاقتها بهايدي راسخ زوجة ابنها “علاء”، تتحدث عن نفسها كحماة: “ياريت كل الحماوات زيي‏،‏ هايدي مكانتها ابنتي فأنا لم أنجب البنات وليس عندي الشقيقات‏، حلو الواحد يلقي بنت جنبه يكلمها ويفتح لها قلبه كابنته بكل معنى الكلمة وليس كزوجة ابن‏،‏ هايدي دخلت العائلة وسطنا وأصبحت فردًا منها‏”.‏

 

القسوة وصعوبة الحياة

أكدت سوزان مبارك أكثر من مرة في أحاديثها ولقاءاتها، أنها لم تستمتع بحياتها كزوجة رئيس جمهورية، بل كانت حياة صعبة غير عادية، كما أن مبارك كان قاسيًا مع عائلته خوفًا من كلام الناس، على حد قولها، حيث أبدت ندمها على عدم استمتاعها بحياتها كما يجب، مضيفةً: “شخصية الرئيس مبارك ليست من الشخصيات التى تقبل تدخل الزوجة فى عمله، وعندما يأتيه تليفون مهم أثناء وجودى كنت أخرج وأتركه بمفرده”.

نرشح لك: القصة الكاملة لوفاة حفيد مبارك وعلاقتها بالثورة

 

لكن على الجانب الأخر فإن هذه الوداعة كانت تنفيها آراء أخرى، حتى أن بعض وثائق ويكليكس التي تم تسريبها أكدت أن سوزان كانت واحدة من أقوى 5 شخصيات حول مبارك، وأن صلاحياتها لم تقف عند حد دعم بعض الوزراء وتثبيتهم في مناصبهم مهما بلغت مخالفاتهم، بل تجاوزت ذلك إلى عزل بعضهم والتنكيل بآخرين.

ولأنه لا أحد يتحدث عن نفسه بسوء، فسواء كان حديث سوزان مبارك عن أسرتها صِدقًا أم غير ذلك، إلا أنه كان من الإنصاف عرضه وتوضيحه، لبيان جانب هام في حياة رئيس انشغل مؤيدوه ومعارضوه بالحديث عن سياسات حكمه وأوضاع الدولة إبان عهده، وهو بالطبع جزء “شخصي” لم يطلع عليه عموم الناس، لكونه شديد الخصوصية في أي عائلة، فما بالنا إذا كان يتعلق برئيس جمهورية!