مسلسلات رمضان.. مدرسة شوقنا أكتر شوقنا مستمرة!

رباب طلعت

وسط الزخم الذي تشهده الساحة الدرامية، قبيل حلول شهر رمضان المبارك، والذي بدأت علاماته تظهر على شاشات التليفزيون، والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، إعلانًا عن أعدادٍ كبيرة من المسلسلات المنتظر عرضها بعد أقل من 20 يومًا، والصراع الدائر بين صناعها، على الترويج لأعمالهم لجذب الجماهير بأساليبٍ شتى، اتجه هذا العام أغلبها للابتكار والتطوير، تماشيًا مع تطور جمهور “السوشيال ميديا” ومتطلباته، إلا أن البعض ظل متمسكًا بمبدأ “من فات قديمه تاه” في الترويج بأساليب مستهلكة منذ أعوامٍ لم تعد تنجح مع أبناء الألفية الثانية.

نرشح لك : داود وفراج .. خلطة جديدة هذا المساء

العُمد تكسب

في مقابل ذكاء بعض الفنانين، الذين أصبحوا “عُمد” على “السوشيال ميديا”، ونجحوا في التفاعل الحقيقي والمباشر مع جماهيرهم، مثل محمد هنيدي، ومحمد رمضان، في الترويج لأعمالهم “أرض النفاق”، و”نسر الصعيد”، بأن دشن “هنيدي” مسابقة الناجح فيها يؤهل لتمثيل مشهد من المسلسل معه في الكواليس، وسيُنشر المقطع على “فيس بوك”، و”رمضان” الذي يجعل جمهوره قريبين من خطوات تصويره أول بأول ساعيًا دائمًا إلى إظهار محبة الناس له في الشارع وترحيبهم به، أو حتى كما فعل أمير كرارة، والمخرج بيتر ميمي، بإطلاق هاشتاج “سنغزو العالم بكلابش 2″، حتى أجدد أبطال الدراما الرمضانية أصبح وأصدقائه يشاركون صور الكواليس الكثيرة من مسلسل “سك على إخواتك”، بهاشتاج “هتولع نار وتبقى دمار”، عكف أحد الفنانين على عمل “من الحبة قبة”، بأن وزع المسئولون عن أخباره الصحفية، بيانًا يفيد بأنه كسر المليون مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أيام من طرحه البرومو الخاص به عليها، واعتباره إنجازًا يستحق النشر في الصحف! ناسيًا أو ساهيًا عن الدراسات الأخيرة التي تفيد بأن مصر ي بها حوالي 48 مليون مستخدم للإنترنت، 30% منهم يستخدمون السوشيال، منهم 27 مليون مستخدم لها في مصر، أي أن المليون مشاهدة لا شيء! سوى رقم مرضي لقناع العمل!

باشكاتب الفنانين

البيانات الصحفية للفنانين، الطريقة الأقدم في الترويج للمسلسلات بأساليبٍ باتت قديمة ومستهلكة، وبعناوينٍ مكررة ومحفوظة مثل “كنت خايف من الدور لأنه جديد عليّ”، وبعد العرض نكتشف أنه شبيهٌ بكل ما مضى من أعمالة الدرامية، أو “المسلسل كله مفاجآت”، وفي النهاية لا شيء، وغيرها مما لا يجذب القارئ لجديد، حتى إن تلك التصريحات الواردة للصحفيين عبر “الإيميل” أو “إنبوكسات” مواقع التواصل، والمليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية دائمًا، تعكس “نمطية” القائمين على الترويج للمسلسل، والتعامل مع الصحفيين، بل هم أشبه بـ”الباشكاتب” الحكومي، الذي يملك صيغة واحدة لكل البيانات، أصبحت أداة ضد الفنان وليس معه، فمن لا يستطيع التطوير في أساليبه الدعائية والتسويقية لمنتجه، لن يكون العمل أقل سوءًا من الدعاية، الخالية من “التشويق”.

شوقنا أكتر شوقنا

على ذِكر “التشويق”، من أين جاء مصطلح “الإعلان التشويقي”؟! ومن حكم عليه بأنه “مشوق”؟ ولماذا غالبًا يُستخدم كتعريفٍ لأكثر البروموهات مللًا ونمطية؟! تلك الأسئلة تتسارع إلى ذهني فور قراءة ذلك المصطلح على أي إعلان “دعائي” المرادف الأكثر دقة، ولماذا يستخدمه البعض إلى الآن؟ كما لماذا يتعمد البعض على الاعتماد على “التشويق المبالغ فيه بشدة” في بعض البروموهات المستوحاة من أفلام الإثارة الأمريكية؟ والتي لا تتلائم مع طبيعة القصص الدرامية العربية، حتى وإن كانت تندرج تحت نفس ذلك التصنيف؟ ما فائدة ظهور الفنان بظهره! وبدون أي كلمة! وفي أماكن وخلفيات لن يُشاهدها المتابع في أحداث المسلسل؟ فالمشاهد العربي خاصة حاليًا من أبناء الألفية الثانية أكثر تأثرًا بالحوار، والصورة، والقصة، والإخراج، لقد أصبح هناك جيلًا من النقاد قادر على الاختيار من خلال إعلان يجذبه بأركان مكتملة ليست ناقصة، ومعتمدة على التقليد الأجنبي!

الخروج عن السرب

النقطة الأخيرة تلك، نجح البعض في الهروب منها، بأساليب دعائية مميزة اعتمدت على الحوار الواضح والصريح و”المشوق” كما يُحب البعض تسميته، سواء بالإعلان المعتاد الذي يظهر فيه مقتطفات من أحداث المسلسل، لا تُظهر القصة، ولكن تستعرض عينة منها، أو كما فعل صناع “أمر واقع” مثلًا بجعل “البرومو الدعائي” عبارة عن دقيقة لكل فنانٍ على حدى، يظهر من خلالها بعض جوانب شخصيته التي يؤديها.

لن يشاهده أحد

في النهاية، يجب على صناع الدراما النمطيين، إدراك أن “الجواب بيبان من عنوانه”، وتلك الأساليب سواء المستهلكة، أو المستحدثة بمبالغة شديدة، لن تكون في صالح العمل وأبطاله بل ضدهم تمامًا، فمراعاة تطور عقلية المشاهد المعاصر، ودراسة قوة المنافسين، أصبح أمرًا ضروريًا، خاصة إذا ما كانت المنافسة بين ما يزيد عن 30 مسلسلًا لنجوم كبار، وشباب حجزوا جمهورهم، وأعمال جماعية ذات إنتاج كبير، ووجوه تصعد بسرعة وخطوات ثابتة، وإلا ستكون النهاية على طريقة “لم ينجح أحد”، وهي أنه “لن يُشاهده أحد”.