مروى جوهر تكتب: هذا الرجل أحبه (١).. محمد علي كلاي

الوضع تأخر كثيرًا عن ميعادة ووجد الأطباء صعوبة كبيرة فى إخراج ذلك الجنين بسبب كبر رأسه.. كانت الرأس كبيرة لدرجة يصعب إخراجها وقد حاول الأطباء دون جدوى، وأخيرًا خرج جزء من الرأس وأخرجوه بواسطة الملاقيط وقد تركت هذه العملية أثراً على وجه “كاسسيوس مارلوس كلاى” الذى نطق أول كلمة له ( GG)، وهى الأحرف الأولى من القفاز الذهبي كما تروى أمه “بيرد”.

إنه “محمد علي كلاي” الذى عانى كما عاني ملايين الزنوج فى هذا الوقت من التفرقة العنصرية العمياء بيين البيض والسود والفقر الاقتصادي في أساسيات المعيشة، لكنه آمن بنفسه، وعلمها وخاض كل الظروف الصعبة لينتصر.

ولد “كلاى” فى “لويزفيل” لأسره فقيرة، تخدم أمه أسرة بيضاء، تذهب فى الصباح لترجع فى المساء منهكه جداً وهى تطعم أبنائها، ويروى كلاى أنه حين يتواجد فى أى مجتمع للبيض، كانوا يطعمونه بالمطبخ، ويقول إنه كان يأكل فى سعادة، لإيمانه الشديد أنه حتماً سيأتي اليوم الذى ينتظره الأثرياء البيض على المائدة لتناول الطعام معه جنباً الى جنب فى يوم من الأيام.

آمن بأنه جميل وقد كان، كانت حياته مليئة بالتحديات القوية، بداية من مقاومة الفقر مع تعلم الملاكمه، وحتى إشهار إسلامه الذى أثار أمريكا والغرب كله ليتم سحب لقب (بطل العالم) منه لهذا السبب، ولكنة الثائر الذى لا يرضى بديلاً عن لقب الأول، وعندما كان يتمرن فى نادي (ستونر) قال له الملاكمون المحترفون أنه سوف يقع يوما ما من كثرة الميل للخلف، ولكن الحكماء منهم عرفوا قدراته، ذلك أن الملاكم “جاك جوونسون” كان يميل برأسه للخلف أيضاً.

إنه “كلاي” بعبقريته الذى كان يدرك التوقيت والحركات والرجوع.

عندما سُحب منه اللقب طُلب للخدمة العسكرية فى حرب فيتنام، ولكن كلاى رفض أن يخوض الحرب متحدياً كل شئ، مبررًا موقفه بأنه كيف يقتل أشخاصًا أبرياء لا يعرفهم ولا يعرفونه، ولم يفعلوا أى شئ ليُقتلوا.

ثم خاض المباراة الأهم بعد ذلك ليقتنص لقب (بطل العالم) للمرة الثانية وليثبت للعالم أنه لا يوجد كلمة مستحيل قائلاً: سأتمرن بعنف أكثر.. أريد أن أتعلم كل شئ أستطيع أن أتعلمه من الملاكمة.

خاض 167 مباراة وفاز فى 161 منها، عندما أدرك الجميع أن هذا الثائر مختلف وبدأ الأثرياء البيض يقدمون عروضهم لتولي مسئولية تدريبه، ومنهم المليونير “وليم رينولدز” الذى تعهده فى الفترة الأولى من حياته المهنية.

لم يعر إهتماماً يُذكر لأى شئ ممكن أن يقل من جماهيريته، كان يعلم تماماً أين هو من الجميع عندما أنذروه أن صداقته للمسلم “مالكوم اكس” يمكن أن تنسف أى إنجاز محقق له لم يلتفت، وكان وقتها “اكس” هو صاحب الظهور المتكرر فى التليفزيون واصفاً الرجل الأبيض بالشيطان الأبيض من شره العنصرية.

إنه الأسطورة التى سوف تظل باقية، ليس فقط فى عالم الملاكمه بل فى التاريخ، إنه المثل الذي عندما يتسلل إليك اليأس يطرده بعيداً لتملأ نفسك من روح التحرر من كل القيود.

إنه من قال للتاريخ: العمر هو ما تعتقده أنت.. عمرك كما تراه أنت فى نفسك، إنه “محمد علي كلاي”.

نرشح لك: مروى جوهر: تحويل “يحدث ليلاً في الغرفة المظلمة” إلى فيلم