"تأجير الهوا" على الشاشات المصرية.. التفاصيل والأسعار

رباب طلعت

شهدت الساحة الإعلامية خلال السنوات القليلة الماضية، نوعًا من المحتوى الذي يُصَنِفَهُ البعض “ابتذالًا”، تزامن مع ظهور بعض “غرباء الأطوار”، على شاشات التلفزيون، من التصنيفات “b وc”، الدخلاء على مهنة مقدمي البرامج، والرافعين لعدد الشكاوى المقدمة لهيئات مراقبة المحتوى الإعلامي، والصيد السهل دائمًا لمستخدمي السوشيال ميديا، الذين يخلقون منهم مادة دسمة للسخرية والهجوم على الصناعة بشكل عام بمبدأ “السيئة تَعُم”، وكل ذلك من صُنع أحد المصطلحات الغائبة على المشاهدين، والجديدة على كثيرٍ من العاملين في سوق الميديا وهي “تأجير الهواء”.

نرشح لك: بعد عامين من الغياب.. هل سيتقبل الجمهور عودة توفيق عكاشة؟

ما هو تأجير الهواء؟

مصطلح “تأجير الهواء” ليس جديدًا على الساحة فقد انتشر منذ عدة سنوات بصورٍ ليست مؤثرة أو ضارة، فقد بدأت من إقدام بعض محطات “بير السلم” كما يُطلق عليها بحجز تردد مؤقت على أحد الأقمار الصناعية، لبث برنامجًا واحدًا على الأرجح طوال اليوم كمسابقات “مبتذلة” و”سخيفة” تعتمد على حجم الاتصالات التي تتلقاها المحطة للإجابة على “من هي الفنانة في الصورة”، أو “حجم التشابه بين صورتين” وغيرها، أو عرض فقرات استعراضية لراقصات، الهدف منه الربح التجاري بحجز إحداهن لمناسبة ما، وغيرها من الصور التي شهدتها الشاشات الفضائية، منذ الانطلاقة الأولى للأقمار الصناعية، ولكنها كانت سريعًا ما تختفي دون أن يشعر أحد بها.

تطور الأمر قليلًا، وبخطوة لا تختلف كثيرًا عن تلك المحطات، أطلق البعض شاشات أكثر “رقي” بدعوى التخصصية -الصحة، والجمال والمرأة، والأفراح والموضة- وغيرها مما ظهر على الساحة لفرد مساحة دعائية لشركات أو عيادات أو منتجات بعينها، على هيئة برامج تلفزيونية تُذاع على قنوات لا يمكن وصفها إلا بـ”الفاشلة”.

بالرغم من تواجد الظاهرة السابقة للآن على استحياء، إلا أن “تأجير الهواء” تطور بحبكة إعلامية متقنة أكثر، وهي ظهور قنوات من ذوات التصنيفين “b و c”، تعتمد في دخلها الأساسي لسد نفقاتها على تأجير ساعات محددة، لبرامج مجهولة المصدر، لبعض مدعي العمل الإعلامي، مقابل قيمة مادية متفق عليها مع إدارة القناة، تُدفع مقابل شقين أولهما ما يتطلبه البرنامج من معدات وبث تلفزيوني وعمالة إذا لم يتيحها هو، ثم يذهب الفائض في حصاد مكاسب صاحب المحطة.

تلك الظاهرة لا تلجأ لها قنوات التصنيف “a” حفاظًا على مصداقيتها، لأن من بنودها أن القناة غير مسؤولة تمامًا عما يُقدمه مستأجر الساعات، فيخرج على الجمهور بما لا تُحمد عقباه، إلا أن “القاهرة والناس”، من القنوات التي تتيح ذلك الأمر، لكن وفقًا لقيود تفرضها منها أن يكون المستأجر قد سبق له العمل الإعلامي، ومن هنا يُشار إلى أن بعض الإعلاميين بالفعل يلجأون لتأجير الهواء، لضمان عدم تدخل القناة في المحتوى المقدم، ويتكفل الإعلامي تمامًا بكافة نفقات البرنامج، وفي بعض الأوقات ينص الاتفاق على أن يكون له نسبة من الإعلانات إذا تواجدت، حيث إن القناة بالفعل لا تهتم لجذب الإعلانات للبرامج المدفوعة، نظرًا لأنها تغطي تكاليفها، وتدر عليهم مكاسب مالية.

الشكل الأكثر شيوعًا ومشروعية من تأجير الهواء يكون عن طريق تأجير 20 دقيقة في أحد البرامج القائمة في القناة فعليًا، خاصة المتخصصة، مثل برامج المرأة والتي يظهر فيها بعض المعلنين عن منتجاتهم سواء كانت أزياء وموضة ومكياج وعمليات تجميل وغيرها، أو الصحة والتي يظهر فيها الطبيب مقابل مبلغ مالي يدفعه للقناة بالاتفاق، حيث لكل قناة عرضها وشروطها التي تنفذها في تلك الحالة، خاصة أن ذلك النوع من التأجير يظهر على الأغلب في قنوات التصنيفين “a وb” بجانب “c” حيث إن الأخيرة أكثر مرونة منهما، وتتيح ما لا يتيحه الأول والثاني، على أقل تقدير لا تلجأ للتأكد من أن الضيف طبيبًا أو مختصًا فيما يسرد من الأساس!

مثالٌ على ذلك سعيد حساسين مقدم برنامج “انفراد” على قناة “العاصمة”، الذي كان ظهوره الأول من خلال تلك الشاشات، حيث كان يتنقل بين القنوات للترويج لأعشابه الطبية، بدعوى أن فيها شفاءً للعديد من الأمراض.

https://youtu.be/5EykAOST2TI

إذن، فمُلخص مفهوم تأجير الهواء هو كما عرفه الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز لـ”إعلام دوت أورج“: “تأجير الهواء هو سلوك تقوم به بعض القنوات من الفئات “b وc”، وهي آفة من الآفات التي تواجه صناعة الإعلام الفضائي، وتقوم بها لأنها لا تستطيع سد نفقاتها، حيث إنه ليس لديها الموارد الكافية للبقاء، فيكون الحل هو تأجير ساعات هواء لعرض مساحات تجارية في الأساس، تحولت فيما بعد لمساحات سياسية ورياضية وغيرها، لكن لا يمكن ضبط قوانينها، فتختل أجندة القناة، وتفقد السيطرة على المضامين التي تُقدمها، وتتحول لشاشة عرض بدلًا من شاشة عرض مضمون، وذلك المفهوم موجود بالخارج
لكنه للمحتوى التجاري وعلى أسس ثابتة، فمخاطر تلك الظاهرة كبيرة على مستوى المضامين المقدمة تحديدًا، خاصة أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ليس لديه صلاحيات على “تأجير الهواء” لكن صلاحياته تتعلق بمتابعة المحتوى، والتأكد من أنه يوافق لشروط الخدمة”.

ياسر عبد العزيز

كيف تؤجر ساعات على الهواء؟

السؤال يوحي بأن الأمر صعب، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا! فبالرغم من خطورة الأمر لما للمحتوى من مردود فكري على المشاهد، ومن كون الإعلام هو أحد أيدي القوى الناعمة لأي دولة، فإن ظهور أي شخص لديه القيمة النقدية المطلوبة لتحويله إلى وجه إعلامي لإحدى القنوات، أو تلميعه إعلاميًا في أحد البرامج، شيئًا سهلًا لا يتطلب منه سوى الوصول للمسئولين عن ذلك في تلك القنوات، أو أحد الوكلاء المختصين في توزيعه على القنوات.

كما ذكرنا فإن تأجير الهواء الشائع حاليًا نوعين إما تأجير 20 دقيقة في فقرة في أحد البرامج، أو ساعة وساعتين لعرض برنامجٍ خاص، الحالة الأولى تُستخدم على الأغلب في البرامج المتخصصة خاصة الطبية والتجميل، حيث يدفع أحد الأطباء مقابل ظهوره على الشاشة إما لمرة واحدة -وذلك نادرًا- أو لعدة مرات في الشهر، في أحد برامج المحطة المُذاع عليها بالفعل، أما الثانية، فتكون بتأجير ساعة أو اثنتين، لإطلاق برنامجٍ على الهواء، وهنا فأن المستأجر يكون لديه برنامجه الخاص، ويقدمه هو أو يستقدم مذيع يشاركه التقديم، أو مذيع يستعرض على الشاشة ما يريد أن يوصله للمشاهد.

في الحالة الثانية تلك، هناك بعض الاختلافات بين القنوات، فمثلًا القنوات من التصنيف “b” غالبًا ما تشترط أن يكون من ضمن فريق عمل البرنامج مخرجًا تابعًا لها، لكن المستأجر من حقه اختيار المذيع -سواء كان هو نفسه أو أحد غيره- ورئيس تحرير البرنامج والمعدين، أما قنوات التصنيف “c” فأكثر مرونة، مادام المستأجر سيدفع، فلا ضرر في أن يختار هو المخرج.

الجدير بالذكر هنا، أن البرامج الطبية لها سياسة خاصة ومختلفة قليلًا، حيث أن لها وكلاء محددين، يعني.. أنه في حالة أراد أحد الأطباء الظهور على الفضائيات، ليكتسب شهرة واسعة، تعود عليه بزبائن كُثر ممن شاهدوه، عليه التوجه لأحد الشركات المختصة لذلك، منها مثلًا الشركة المالكة لقناة “ltc” لصاحبتها سميرة الدغيدي، والتي تتولى مسؤولية تنسيق ظهوره على قناتها، وأيضًا في البرامج الطبية الشهيرة في القنوات الأخرى ومنها ذات التصنيف “a”، ولا يُحبذ في الحالات الطبية أن يكون برنامجًا يناقش الأمور الطبية فقط، بل يُقترح عليه عمل برنامجٍ مختص في الصحة والتجميل بصورة عامة، أو برنامجٍ اجتماعي، يظهر هو من خلاله مع مذيعة، وكذلك يتم الإعلان عن مركزه الطبي أو العيادة التي يمتلكها، أو منتجاته الطبية.

لا تواجه البرامج السياسية والرياضية قيودًا، ولا تمتلك القناة محاسبتها على ما يقدمه المذيع فيها، فهو مستأجر له الحق في عرض ما يريد، وذلك يفسر تواجد تجاوزات عدة مذيعين، ولا يقيدهم إلا قرارات المجلس الأعلى للإعلام، بالإيقاف أو بدعاوى قضائية ضدهم من أحد المحامين أو المتضررين، ويُشار هنا إلى تواجد أحد المصنفين على قائمة مقدمي البرامج الرياضية، بالرغم من أنه “ملوش فيها”، متواجد ومنذ فترة طويلة على الساحة، ويتردد في أروقة القناة التي يظهر عليها بأنه يدفع حوالي 150 ألف جنيهًا شهريًا خلال الأيام التي يظهر فيها على القناة -يومين كل أسبوع- تقريبًا، دون أن تتدخل القناة فيما يقدم أو من يهاجم، ولا رقيب عليه إلا المجلس الأعلى للإعلام.

وهنا وعلى تلك النقطة علق أحمد سليم، الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام لـ”إعلام دوت أورج“، قائلًا: “تأجير الهواء هو بالظبط أنك بتعمل قناة بدون ترخيص لا يعلم عنها المجلس شيئًا”، موضحًا أن استئجار ساعة أو اثنتين لعرض محتوى يعد كأنه قناة مستقلة عن القناة المصرح لها بعرض محتواها، خاصة أن تلك البرامج المؤجرة، تكون أقرب لـ”التوك شو” السياسي، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك، مصرحًا بأن المجلس في صدد تنظيم ذلك الموضوع لـ”أنه غير قانوني”، مردفًا: “هنحط قواعد لكل ده لأن لازم نكون عارفين مين بيأجر لمين وإيه المحتوى اللي هيتم عرضه للسيطرة على اللي بيحصل”.

أحمد سليم
أحمد سليم

أرقام

بالرغم من اختلاف أرقام وحسابات تأجير الهواء إلا أنها تدور في حزمٍ متشابهة، فمثلًا للظهور في البرامج الطبية على المحور وصدى البلد تنقسم الحسبة كالآتي: (15 آلاف جنيهًا مقابل العشرون دقيقة الأولى أو الثانية من البرنامج، أما العشرة دقائق الأخيرة منه، فتقدر بـ8 آلاف فقط)، وفي صدى البلد تصل الساعة إلى 16 ألف جنيه، أما الفقرة الطبية في النهار فالـ20 دقيقة تُكلف 17 ألفًا.

في حالة تأجير ساعة أو اثنتين لبرنامجٍ كامل، فذلك متاح على عدة قنوات أشهرها الحدث وltc، الأخيرة سعر الساعة بها يصل إلى 10 آلاف جنيه فقط، ما عدا في الفترة بين برنامجي خالد الغندور ومحمد الغيطي، ترتفع إلى 11 ألف جنيه، أما الأولى فقيمة الساعة تحسب كالتالي: (من الـ12 لـ2 ظهرًا قيمة الساعة 4 آلاف جنيه ونصف لكن البرنامج لا يُعاد، من الساعة 2 لـ4 تصل إلى 5 آلاف بالإعادة، من 4 لـ5 سعر الساعة 6 آلاف، ومن التاسعة مساءً إلى الـ11 يتم حجز الساعتين كاملين بـ60 ألف جنيه في الشهر -حلقة أسبوعية- أي أن الساعة بـ7 آلاف ونصف تقريبًا).

الجدير بالذكر هنا أنه في بعض الأحيان يتعامل المستأجر مع أحد العاملين في البرنامج مباشرة ليُخصص له فقرة على الهواء، ويستضيفه مقدم البرنامج فيدفع 12 ألفًا للمعد بدلًا من 20 ألفًا للقناة على سبيل المثال، في سلوكٍ أقرب لـ”السمسرة” البرامجية، وذلك بالطبع يكون دون علم المحطة.

من داخل المطبخ

واحدٌ ممن خاضوا التجربة يروي لـ”إعلام دوت أورج” أنه ذهب لإحدى القنوات الفضائية من التصنيف “b”، وعرض عليهم محتوى برنامجه الطبي، وكان الأمر سهلًا، حيث وافقوا بعد مشاهدة ما ستتضمنه الحلقات، واستأجر ساعة واحدة في نهاية الأسبوع، بـ16 ألف جنيه، لافتًا إلى أن البرنامج كان اجتماعيًا وليس طبيًا بحتًا، وتضمن العديد من الفقرات للمرأة والأسرة والطفل وأيضًا الصحة، موضحًا أنه وفر البرنامج بفريق الإعداد كاملًا ما عدا المخرج اشترطت القناة أن تعينه هي لضمان توافق فكره معها، ووفرت له البث والكاميرات والاستوديو.

“لماذا لا يكن المحتوى طبيًا بحتًا؟”

في تلك النقطة يجيب أحد المسئولين عن تأجير الساعات في إحدى القنوات قائلًا إن المحتوى الطبي تحديدًا “له ناسه” قاصدًا بذلك الوكلاء الموزعين للأطباء على البرامج الطبية، حيث يفضلون دائمًا مبدأ الانتشار على الفضائيات لا قناة واحدة، لأن الطبيب لن يستطيع تقديم محتوى برامجي شامل، وللتحايُل على ذلك الأمر، وفي حالة تصميم الطبيب على حجز ساعة لبرنامج خاص به، يكون الاتجاه بأننا ننصحه بأن يكون البرنامج اجتماعي، ويوفر له مذيعة، تستضيفه وآخرين، وأولئك أيضًا من الممكن أن يكونوا مستأجرين أيضًا، فيدفعون له مقابل ظهورهم في برنامجه.

يُتابع المصدر، أن القناة لا تهتم إذا ما جلبت تلك البرامج إعلانات أم لا، ففي النهاية هي مدفوعة وتغطي مصاريفها، والقناة أيضًا تربح عائدًا تصرف منه على استمرارها، فالكثير من القنوات الناشئة تعتمد على ذلك السلوك في استمرارها من الأساس، وعن هل للمستأجر نسبة في الإعلانات إذا ما جذب البرنامج المعلنين أجاب أنه لم يحدث من قبل في البرامج التي أشرف عليها أن جذبت معلنين، ولكن في حالة حدوث ذلك، فسيكون بالطبع له نسبة.

في تلك الكواليس، كان للإعلامية شريهان أبو الحسن، مقدمة برنامج “ست الحسن”، قصة قديمة منذ عدة سنوات، روتها لنا، قائلة إن تلك الظاهرة ليست جديدة فهي منذ أعوام طويلة، ولكن زاع صيتها مؤخرًا، وقد حدث لي موقف على الهواء، حيث تفاجأت بعد انتهاء فقرة أحد ضيوفي، أنه خلال الحلقة عرض تقريرًا لعملية تجميل في المركز الخاص به، ظهرت فيه السيدة التي أجري لها العملية، وعليه اسم الطبيب والمركز والهواتف الخاصة به، و”دبسوني على الهوا” فاتصلت بمدير المحطة، وأكدت له أنني أحترم قراره والصورة التي يريد أن يدير بها برامجه، لكني معتذرة عن متابعة الهواء بهذا الشكل لتحويل
رسالتي الإعلامية إلى إعلان، وهذا عكس إيماني بما تعلمته أن ما نقدمه من محتوى يجب أن يكون له 4 أشكال (تثقيفي، أو ترفيهي، أو توعوي، أو تعليمي)، فبهذا الشكل نحن نخرج عن دورنا بمنتهى البساطة، ونبث رسالة للناس بأن من يدفع أكثر هو “اللي هيشيل الليلة”، وليس شرطًا أن يكون هو الأجدر أو الأكفأ.

أردفت “أبو الحسن” أنها تكن كل الاحترام لمن يسلكون ذلك التوجه، لكنها ترى أن المستأجر يتخذ من مصداقية ومكانة المذيع والقناة وسيلة لتحقيق أرباحًا خاصة بهم، لأن المشاهد يحترم شاشة معينة، فيثق في من تقدمه له، فيذهب له، وبعدها تحدث كوارث كثيرة لا تخفى على أحد، متابعة: أن أولئك المستأجرين يعودون لنفس النقطة التي بدأوا منها، فالأمر في البداية بدأ من خلال الدفع مقابل الظهور في فقرة في أحد البرامج التي لها قدر من المصداقية، ومن ثم اتجهوا للقنوات التي أصبحت قائمة بحد ذاتها على ذلك النوع من “البيزنس”، لكن مؤخرًا لاستيعابهم بأن تلك القنوات لن تستمر، لأن المشاهد لديه القدرة على الفرز والاختيار عادوا لنقطة البداية، بالسعي وراء الظهور في فقرة.

استطردت: “أنا مش ببيع أمشاط وفلايات في أتوبيس، ومش هرمي بلاوي ناس على ناس”، موضحة أنها لن تقبل أبدًا بأن تخضع لتلك الظاهرة في برنامجها، فالمستأجر مستفيد، والقناة مستفيدة، والخاسر الوحيد هو مقدم البرنامج لفقدانه ثقة الناس به، مؤكدة على ما لتلك الظاهرة من ضرر بالغ على الإعلام بصفة عامة.

شريهان أبو الحسن

هل يلجأ ماسبيرو لتأجير القنوات لسد النفقات؟

أصحاب تلك الظاهرة، من أصحاب القنوات القائمة عليها، يرون أنها وسيلة مشروعة لسد نفقات قنواتهم، والاعتماد عليها لضمان الاستمرار، لما تواجهه من دخلٍ إعلامي محدود، وميزانية ضعيفة، وهو الأمر الذي يواجه ماسبيرو خلال السنوات الماضية، وبالرغم من أن التقريب في المقارنة بينهما ظالمة، إلا أن السؤال يطرح نفسه للإجابة على وجهة النظر تلك “هل يلجأ ماسبيرو لتأجير القنوات لسد النفقات؟”

ذلك السؤال أجاب عليه الإعلامي جمال الشاعر، وكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لـ”إعلام دوت أورج” قائلًا: تلك الظاهرة قد تناسب القنوات الناشئة ضعيفة الإمكانيات، لكن تلفزيون الدولة طموحاته أكبر بكثير من ذلك للحصول على الأموال، فمن الممكن أن يدخل شراكات مع دول عربية، أو الاتجاه للإنتاج المشترك مع شركات خاصة ومنتجين كبار، أو بتقديم خدمات إعلامية متميزة للمعلنين والبنوك، لكن إلى أن يلجأ لتلك الظاهرة “مستحيل!”

في سياق آخر ومن وجهة نظر مختلفة، يرى “الشاعر” أن بالرغم من رفضه لأن يلجأ تلفزيون الدولة لاتباع ذلك التوجه إلا أنه مع الحرية، طالما أن الجهات المسؤولة، عن تنظيم الإعلام تتابع المشهد، سواء كانت الهيئة الوطنية للإعلام، أو المجلس الأعلى للإعلام، أو المجلس الأعلى للصحافة وأيضًا نقابتي الصحافة والإعلام، لأنهم هم من سينظمون المحتوى ويضعون له قواعد وأسس تتناسب مع المجتمع، وإذا تحقق ذلك فلا توجد مشكلة من تلك الظاهرة.

وإجابة عن ما هو مطلوب من المجلس الأعلى للإعلام للسيطرة على تلك الظاهرة قال: المجلس يجب أن تكون مسئوليته الأساسية وضع القواعد المهنية والاشتراطات على المحطات التلفزيونية وعلى القنوات الناشئة، التي يجب أن تلتزم بها، كما أنه يجب أن يوجه تلك الشاشات بأن مستوى الحوار عليها لا يروق للعمل الإعلامي، أو أن المذيعين يحتاجون لدورات تدريبية، أو أن الأداء يحتاج لمراجعة، والمحتوى الإعلامي ضعيف، أو السياسة التحريرية مرتبكة وتغلب عليها الإثارة، على تقديم خدمة إعلامية متوازنة تحتوي على الترفيه والمعلومات والرياضة والثقافة والخدمة العامة، وبذلك من الممكن تحويلها من ظاهرة سلبية لإيجابية، لافتًا إلى أن صناعة الإعلام حاليًا ثقيلة، وتحتاج لأموال ضخمة، وبالتالي وعن ثقة لن يستمر الهواة كثيرًا في المشهد الإعلامي.

جمال الشاعر