كريم الدجوي: إسلام بحيري.. عندما يخشى الفكر الإسلامي صباع كفتة!

اتابع كما يتابع كثيرون الجدل المثار حول إسلام بحيري، الذي وصل لإصدار الأزهر بيانات ضده، والذي جعل مئات الدعاة والفقهاء وعشرات البرامج الدينية تكرس الكثير من وقتها للهجوم عليه. إسلام الذي اتابعه عن كثب منذ ظهوره لأول مرة مع طوني خليفة منذ أكثر من عامين، شاهدت خلالهم كل دقيقة هواء ظهر بها على أي قناة، ليس على سبيل الإعجاب، ولكن لمراقبة ردود الأفعال المؤسفة تجاهه، والتي كشفت لي أن كثير من رجال الدين والملتزمين ليسوا بالحكمة التي كنت أظنهم بها.

 
إسلام بحيري – من وجهة نظري – ليس بعالم. لست أشكك في شهادة الدكتوراه الخاصة به، ولكني أرى أن أسلوبه في النقد والتعامل مع القضايا والنصوص لا يحتاج لخبير ليكتشف أن ليس له أي علاقة بعلوم الدين. وإن كنت أرى إن أدعائه بأن ما يطرحه من أفكار وصل لها بفكر علمي يجعله عضو في مدرسة “الكفتة” العملية التي دشنها الدكتور عبد العاطي، إلا إني لا استطيع أن أنكر إني سعيد بوجوده على شاشات التليفزيون، وسعيد بشدة بما يقدمه وما يتسبب فيه من حالة حراك فكري نحن في أشد الحاجة لها.

 
لست متحامل على إسلام، ولا أعرفه شخصيا، ولست من أبناء التيار المتشدد. لكنك إذا كنت تتمتع بقدر طفيف من الدراية بعلوم الدين، ستدرك أن ما يقدمه إسلام هو مناقشة الفكر الإسلامي بأستخدام المنطق أو الـ common sense، لا يهتم بالفقه والشريعة وعلم الكلام وعلم الرجال والسند وصحة الأحاديث وإلى أخره من علوم، إنه فقط يعتمد على أن المشاهد يتمتع بقدر من المنطق والإنسانية ليتفق معه أن الزواج بطفلة ذات 3 سنوات ليس منطقيا. أنه يعرف أن الفطرة عند المواطن المسلم تجبره أن يتفق معه على أن الدين لا يأمر بقطع الرؤوس، وحرق البشر وعدم إلقاء السلام على جارك المسيحي، فهو يدرك أن المشاهد قليل المعرفة لا يريد أن يكون هو والداعشي في نفس الخانة. هذا ببساطة ما يحاول أن يقوم به إسلام بحيري وهذه هي أدواته، التي لا تحتاج سنوات من البحث أو شهادات من جامعات عريقة كما يدعي.

 
هاجم بحيري جمود الأزهر الذي تسبب في نمو تيارات وهبية متشددة تجني نتائجها لا مصر فقط ولكن الأمة الإسلامية ككل. هاجم صحيح البخاري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، ومشايخ الفضائيات جميعا، وحزب النور ومن على شاكلته، ومشايخ الوهابية حول العالم.. هاجم كل من له يظن اتباعه أن فوق مستوى النقد، وكثيرا من هجومه عليهم كان يعتمد على الصوت العالي والكاريزما، وفي بعض الأحيان خلط الحقائق ببعضها. وبالطبع كان رد فعل من لم يعتادوا على النقد أكثر من عنيف – خاصة إن كثيرا من النقد لم يكن عن حق، ففتحت جبهة النار على بحيري، حتى أوشك أن يصبح بطلا. وكل ما يحتاجه الآن ليخلد في التاريخ هي طعنة غدر أو رصاصة في صدره، أو حتى الضغط على مالك القناة ليوقف برنامجه.

 
هل تعرف ما يعكسه كل ذلك؟ أن مؤسساتنا الدينية الرسمية، والتيار السلفي وأذرعته السياسية والإعلامية لا تستطيع أن تتصدى لرجل واحد، أن كل هؤلاء الفطاحلة الذين يدعوا أنهم الممثل الشرعي للإسلام على الأرض لا يعرفوا سوى الحديث لمؤيدينهم. ليس المواجهة والتصدي يكون من خلال مناظرة مع شيخ يفحمه، ولا بإصدار البيانات، التصدي الحقيقي هو أن تصدر للمشاهد من يستطيع أن يجمع بين علوم الدين والمنطق الذي يتحدث به إسلام وتقبله الفطرة.

 

 

هل تابعت ردود العلماء على إسلام الذي لا يمتلك نصف معرفتهم وعلومهم؟ 90% من ردودهم تدور حول التشكيك في نيته، في إنه متأمر على الدين يقبض من ساويرس والغرب وأمريكا الكافرة. أدخل على يوتيوب وأبحث عن مقاطع الرد على إسلام بحيري.. ستجد أن معظمها حول استخفافه بالذات الإلهية، إنه يتطاول على النبي، إنه يهين الصحابة والعلماء.. كله كلام نتاج غيرة على الدين، لكن ليس بينه كل تلك المقاطع رد واحد على الفكر، رد يستند إلى المنطق!
إن تلك الأزمة تفضح كيف تجمد الفكر الإسلامي عند تلاميذ ابن حنبل منذ أكثر من 1000 سنة ولم يتحرك من حينها خطوة إلى الأمام. كيف استطاع سور بني ليحمي الدين من العبث أن يتحول لسجن يمنعه من التطور، من الخروج من عباءة زمن الفتنة.. من حتى القدرة على التنفس.

 
لا يستطيع رجل الدين حاليا أن يفهم أن ليس كل من يسعى للتجديد هو باحث عن مغنم شخصي، هو محب للفجر والزنا، هو عدو للدين. ألا يستطيعوا حقا أن يروا كيف اتسعت الفجوة بين الفكر الإسلامي وركب الحضارة؟! هل سيظل موقف الإسلام رافضا لنظرية التطور؟ لعلم الكون؟ هل سيستمر في دفن رأسه في الرمال؟! هل سيظل الفكر الإسلامي يرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دعوة للفجور؟! هل ستظل الغيرة الوحيدة على الإسلام هي ضد أفلام ورسومات وكتب وأفكار؟ وهل بعد كل ذلك مازلنا لا نفهم لماذا يجتاح العالم “الإسلاموفوبيا”؟

 
هل يرى فعلا رافضين مساحة النقاش، من يريدون تكميم فم المجدد والشيعي والليبرالي والعلماني خوفا من الفتنة، أن دين الحق لا يستطيع الصمود أمام الأفكار الأخرى سوى بتكميم الأفواه؟ إن الإلحد ينتشر الآن في المجتمعات الإسلامية كما تنتشر النارفي الهشيم، هل تعرف لماذا؟ لإن ببساطة كل فكرة تترفع عن مواجهتها تصبح مسمار في نعشك دون أن تدري.

اقرأ أيضًا:

كريم الدجوي :مديرة مسرح الهناجر.. ومسؤولي تجنب الشوشرة!

كريم الدجوي :الموبايل الصيني يهزم المليارات!

كريم الدجوي :كيف لا نكون الخاسر الأكبر؟

كريم الدجوي : عن الدي جي أحمد زوؤلة الذي لم تقتله الداخلية

كريم الدجوي: السبكي وفيفي ومحمد رمضان.. واللي مالهمش دية!

كريم الدجوي: بورما وتشارلي إبدو وعلي جمعة!

كريم الدجوي: معادلة إعلام ما بعد يناير

تابعونا عبر تويتر من هنا
تابعونا عبر الفيس بوك من هنا