التطهير: من بدأ القتل أولاً؟

محمد حسن الصيفي

هل التاريخ يعيد نفسه؟

سؤال شائك ومعقد ويحتاج لبحث طويل، لكن ربما تحمل هذه المساحة إجابة ولو ضمنية على هذا السؤال.

نرشح لك: أحمد بسيوني يكتب: تغيُّر المجتمعات والشعوب عبر كليك!

في ليلة من ليالي الشتاء القارص وجدت نفسي بمفردي ومن أمامي قناة إم بي سي 2 تتأهب لعرض أحد أفلام الرعب، على غير العادة أو ربما للمرة الأولى أجلس منتظرًا لأشاهد الفيلم.

الفيلم كان “التطهير” من إنتاج عام 2013، بطولة إيثان هوك ولينا هيدي وأديليد كين، حصل على الشهير.IMDB تقييم 5.7 على موقع

والحقيقة لن أتعرض لقصة الفيلم بالكامل يكفي فقط أن أتحدث عن الفكرة الأساسية للفيلم، وهي تدور في عام 2022 حيث قررت الولايات المتحدة الأمريكية جعل يوم 21 مارس من كل عام “وهو الموافق لعيد الأم لدينا” يومًا لاستباحة القتل وفعل كل الأمور الخارجة على القانون بهدف التطهير الداخلي للمواطنين.

وذلك لمدة اثنى عشر ساعة متواصلة يختفي فيها رجال الشرطة ولا يتبقى بالشوارع إلا من يريد الاعتداء بأنواعه من قتل أو خطف أو سرقة … ، ثم تأتي الشرطة في السابعة صباح اليوم التالي لجمع جثث الضحايا !

ورغم التقييم الضعيف الذي حصل عليه الفيلم لا أُنكر إعجابي به كونه ينتمي لنوعية أفلام الإثارة النفسية والرعب لكن “على نضيف” دون النزوع للأشكال العجيبة من أصحاب العيون الثلاثة والأقدام الأربعة وإلخ إلخ من هذا النمط المقزز.

الفيلم معني أولاً وثانيًا وأخيرًا بجوهر الفكرة الرئيسية دون بهرجة في التفاصيل، كما أنه عرّج على القضية العميقة داخل المجتمع الأمريكي منذ عشرات أو مئات الأعوام وهي قضية التمييز العنصري واضطهاد البيض للسود داخل إطار إنساني ومقنع جدًا حيث سيكون الضحية الأسود هو السبب الرئيسي وصاحب مشهد “الماستر سين” في إنقاذ العائلة التي كانت ستتعرض للفناء في نهاية الفيلم.

غير أنني أثناء مشاهدة الفيلم وفي وسط الزخم والأدرينالين المتدفق تفكرت في حال حدوث هذا الأمر في مصر من باب الخيال طبعًا “فنحن والحمد لله شعب يكره الدم ويحب السلام”

وتطرقت لو أن الحكومة فعلت هذا الأمر هنا، ماذا سيكون الحال وقتها، وما هي الأسباب التي ستجعل الناس تريد قتل بعضها البعض؟

أظنها نفس الأسباب التي نسمع عنها حاليًا من باب الفانتازيا أيضًا بسبب نشر الملابس “بتنقط” على الجيران، أو اختلاف على جنيهات معدودة أجرة التوكتوك…

غير أنني تراجعت واكتشفت أن أقصى أحلامنا هي “استباحة الألش والكوميكس” دون التعرض لأي مضايقات من أي نوع، ويا حبذا لو حدث هذا بالفعل وقتها سنموت من الضحك جميعًا “حكومة وشعبًا” وستخرج كل الطاقات المكبوتة !

أما عن التاريخ وسؤال الافتتاح …

فبينما يقدم الفيلم فكرة فانتازية أو خيالية بجدارة “على الأقل في عصرنا الحالي” عن استباحة القتل ليوم وحيد في كل عام جاء التاريخ بنماذج حقيقية لاستباحة القتل وليس لسويعات قليلة بل لأيام !

فأبو العباس السفاح مؤسس الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية قدم فكرة استباحة الدماء قبل الفيلم بقرون طويلة.

والذي استباح القتل لعدة ساعات متواصلة بعد دخوله العراق وأعمل السيف في كل من لحق من بني أُمية، وتذكُر بعض المصادر أنه جلس ليستريح من عناء القتل وتناول الغداء على جثث أعداءه الذين أعمل فيهم القتل ومثّل بأجسادهم !

مصادر أُخرى تذكُر أن أبو العباس الذي يعود نسبه لعبد الله بن عباس حبر الأمة قُتل على يده في فترة توليه الخلافة ما لايقل عن ستمائة ألف إنسان، كل هذا في فترة لم تصل إلى خمس سنوات !

الآن أظنك عرفت الإجابة، أو حتى ذهبت للتفكير فيها …