أحمد فرغلي رضوان يكتب: إعلام.. شبه الإعلام!

إعلام يشبه الإعلام.. لن نجاوز الحقيقة إذا وصفنا حال الإعلام المصري في أغلبه الآن وقبل سنوات قليلة مضت بهذا الوصف! فالتخبط والتجاوزات والبعد عن المهنية كانت عنوانًا كبيرًا في كثير من الأوقات لدرجة جعلت المشاهد المصري ينصرف عن أغلب الفضائيات المصرية ومقدمي برامجها بعد أن فقدوا مصداقيتهم لدى الجمهور، وأصبح هؤلاء المذيعين مادة مستمرة للسخرية لدى رواد السوشيال ميديا.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب : موسم نصف التجارب والإيرادات

وأذكر أنه في وقت سابق كان يقوم عليهم برنامج أسبوعي ساخر! فكانوا مادة رائعة لتفجير الكوميدية بسبب أخطاءهم الفادحة وذلات اللسان المستمرة، والكثير من الأمور التي تتعلق بمهنية من تصدروا المشهد الإعلامي في السنوات الماضية، وأصبح الجميع غير راضين عن وضع الإعلام المصري الآن!

في الأيام الأخيرة تصدر الأخبار قضية جديدة لمذيعة متواضعة مهنيًا اتجهت للاعلام بعدما فشلت أن تكون ممثلة ناجحة ونجمة مشهورة! ومنذ بدايتها وهي باحثة عن الإثارة الجماهيرية بأي شكل مستخدمة أسلوب “الصحافة الصفراء” في قصصها التليفزيونية وأحيانا كثيرة التمثيل والمبالغة في الأداء وحققت شهرة بين الجمهور مما دفعها للبحث عن المزيد مستخدمة مواد مثيرة عن الدجل والشعوذة وحوادث الاغتصاب وغيرها ووصل الحال بكشفها أكثر من مرة وتقديمها للمساءلة القانونية وانتهى الأمر مؤخرًا باتهامها في قضية تحريض على خطف أطفال والاتجار في البشر! لا أتخيل أن يصل الأمر باعلامي من أجل تحقيق نسب مشاهدة أن يتعاون مع عصابات خطف أطفال!! لكي يصنع قصة تليفزيونية ناجحة، مثل هؤلاء لا يجب أن “يطلوا” عبر الشاشة نهائيا.. وأتمنى أن يحدث ذلك بالفعل وألا تعود هذه المذيعة مثلما حدث من قبل.

منذ أحداث يناير 2011 وكثير من الأمور انقلبت وتغيرت ربما 180 درجة، ولن أكرر الوصف القاسي للدولة المصرية والذي سبق وقاله رئيس الجمهوريه في لحظة غضب.

سأتحدث عن حال الإعلام والذي انكشف بشكل كبير خلال تلك السنوات فقام في الأساس على عشوائية الإدارة، يمكن أن تقول “الفهلوة” أيضا بعد أن أصاب “العجز” جميع أركان ماسبيرو وانصرف عنه الجمهور بسبب إدارته بطريقة الموظفين الحكوميين، بعيدا عن الاحتراف والتطوير والقدرة على المنافسة المهنية فأصبح الجميع فيه يعملون لملأ ساعات فراغ فقط لا أكثر ولا أقل، ولذلك بدأت موجة إطلاق فضائيات خاصة لرجال أعمال وسط غياب سلطة تنظم محتوى هؤلاء وأغلبهم ليس له علاقة بالإعلام فكانوا باحثين عن “باور” يحمي مصالحهم أو يوصلهم لغرض برلماني أو سياسي! ووصل الحال إلى أن مالك القناة أصبح هو المذيع والمعد والمخرج ويجلس بالساعات ويقول ما يشاء، وربما تم استغلال ذلك من أكثر من جهة وانتهت ببعض الحالات لنهايات مأساوية واللافت أن جميع الفضائيات الخاصة تعاني من أزمات مالية طاحنة كفيلة بإغلاقها! فلا توجد تجربة وحيدة ناجحة مستمرة بنفس قوة انطلاقها لعدم وجود إدارة رشيدة منذ البداية، بسبب سوء اختيار القائمين على تلك الفضائيات اختيارات جاءت بالصدفة أو بالصداقة والتغييرات في مجالس الإدارات في الأشهر الأخيرة لعدد من الفضائيات يكشف الوضع “البائس” للإعلام المصري والغير مستقر! تم خلاله إهدار مئات الملايين نتيجة تلك الاختيارات الخاطئة وممكن أن نقول “فوضى” الإعلام أصبحت حقيقة مقلقة يمكن تنظيمها بقوانين ونظم وهيئات ضابطة تضمن حريته وتطويره في نفس الوقت، والأهم من يظهرون على الشاشات فهناك وجوه يجب أن ألا يتم منحها فرصة للظهور مجددا.

مواقف العديد من الإعلاميين الذين لا يزالون يتصدرون المشهد تدعو للتأمل فالتناقض هو عنوانها الكبير فلا تجد موقف محدد لأغلبهم، واللافت الإصرار على تلك الوجوه ومنحها فرصة من مكان لأخر رغم أن أغلبهم فقدوا مصدقيتهم لدى المشاهدين في بر مصر! ما زلت أتذكر عقب “إزاحة” مبارك وأركان نظامه عن الحكم كيف تبدلت لهجة هؤلاء بين يوم وليلة!