مواقف كوميدية في النشرات الإخبارية

رشا سري

نشاهد في مختلف القنوات مذيع النشرة، والبرامج الحوارية السياسية وهو في منتهي الجدية يتطرق للشؤون الداخلية والخارجية للبلاد بمنتهي الحرفية والتمكن ونشعر معه بالجدية.

فمذيع النشرة والبرامج السياسية يتحدث علي الهواء مباشرةً في أمور جدية وخطيرة ولابد أن يكون حاضر البديهة والذهن وفِي حالة من التركيز الشديد نظراً لحساسية المواضيع المطروحة. ولكن ماذا يفعل المذيع إذا انتابته نوبة من الضحك بسبب موقف مُضحك علي الهواء؟ وكيف يمنع الضحك ويحافظ علي جمود وجهه poker face كما يقولون؟ أتذكر العديد من المواقف التي حدثت لي وكيف تخطيتها بأقل الخسائر الممكنة.

نرشح لك.. رشا سري تكتب: ملاحظات على حفل مدينة الإنتاج الإعلامي

أثناء عملي في قناة النيل للأخبار كان يتخلل النشرة اتصال هاتفي مع رئيس تحرير أحد الصحف السودانية للتعليق علي فاعليات مؤتمر إقليمي. وبدأت بالترحيب به كالمعتاد ثم سألته عن رأيه في المُراد سؤاله. وكانت إجابته باللهجة السوداني كالتالي:” أهلًا وسهلاً بقناة النيل للأخبار أنا فلان الفلاني رئيس تحرير جريدة كذا التي تصدر أسبوعياً في الخرطوم وكاتب مقالات في صحيفة كذا التي تصدر يومياً في الخرطوم وحاصل علي ماجستير …” واضطررت أن أقاطعه قبل أن يكمل سيرته الذاتية علي الهواء وكانت غلطة فادحة فهو اعتقد أن المقاطعة كانت بسبب عدم سمعي لكلامه فبدأ في إعادة كلامه من الأول قائلا: ” أهلًا وسهلا بقناة النيل للأخبار ….” واستجمعت جميع عضلات الفك وتذكرت كل المواقف الهباب في حياتي لكي لا أضحك واحتشدت محاولةً إفهامه إنه غنيٌ عن التعريف لذلك نريد أن نستزيد من خبرته ونرجو أن يجاوب علي السؤال المطروح. وربنا ستر بعد كدة وجاوب.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: لحظات صعبة في التغطيات الرئاسية

وفي ذات المرات في النشرة كان هناك خبراً عن أسلحة كوريا الشمالية النووية وبقدرة قادر طلعت كلمة نووية مني “نونوية” ولم أصلحها لأني كنت احاول جاهدةً ان أبعد تفكيري عن سلاح القطط الجديد الذي اخترعته علي الهواء.

وفِي نهاية لموجز للأنباء ختمت قائلةً: ” كان هذا موجز لأهم الأنباء ومتابعة أَخري علي رأس الساعة” بفتح الألف وليس بضمها. ولا حاجة طبعا ختمت الموجز بابتسامة باهتة ولا كأن في أي حاجة.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: الراحلون عن الهواء

وفي شيفت بيات التي كانت تبدأ ١١ مساءً وتنتهي في الخامسة صباحاً اتفقنا جميعاً أن نأكل من كنتاكي لكي نصمد وأولينا هذه المهمة لمخرج الهواء وفي ساعة إخبارية كنت اقرأ آخر خبرين في الأخبار السياسية وإذا بمخرج الهواء يفتح talk back speaker ويسألني: “رشا إنتي عايزة الأوردر عادي ولا سبايسي؟” وطلع السؤال علي الهواء ولا أعرف حتي هذه اللحظة كيف تجاهلت السؤال وأكملت الخبرين عادي جداً. غالباً الخضة مع بركة دعاء الوالدين.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: المدير يوسف شريف رزق الله

وأثناء حرب إسرائيل مع حزب الله وفي أول أيام الحرب وبعد قصف مطار بيروت مباشرةً كنت في نشرة مشتركة مع أحدي زميلاتي وكانت تقرأ خبر عن قصف بلدة صغيرة في لبنان لا نعرف نطق اسمها الصحيح ونطقتها هي بطريقة تُسمع كأنها لفظ يعاقب عليه القانون. وبعد نطقها للاسم أدركت ما تفوهت به فسكتت مُنهيةً الخبر فجأة فاضطر المخرج أن يقطع علي كاميرتي وأنا في حالة ذهول وهذه تغطية لحرب مشتعلة فلا يجوز حتي الابتسامة الخفيفة وبعدها قامت زميلتي من علي كرسيها منفجرةً في الضحك. ولم يكن في إمكاني أن أفعل شيئاً غير الاستمرار بمنتهي الجدية فنظرت في الورق وشديت علي فكي لكي أمنع أي رد فعل فكانت النتيجة التلعثم في مخارج الألفاظ. وكانت هذه المرة الأخيرة التي نتشارك أنا وهذه الزميلة أي شيفت أخبار لأننا سنتذكر هذه اللحظة ويحدث المحظور.

وفي أول ظهور لي في موجز للأخبار علي قناة Nile TV كنت أجلس بزاوية معينة للكتف غير مستقيمة للكاميرا ونبهني المخرج كذا مرة ولكن نظراً لعدم تمكني بعد من قعدة الهواء فكنت تلقائياً أعود لجلستي بزاوية وأثناء تتر بداية الموجز احتد مخرج الهواء علي قائلاً: ” يا ست صباح ده موجز مش أغنية عاشقة وغلبانة والنبي” وطلعت بابتسامة عريضة مثل عرض الشاشة وكأني فرحانة إني أول مرة أطلع علي الهواء.

نرشح لك.. رشا سري تتذكر: بين “شنودة” و”أبو لهب”

وفي نشرة من النشرات وأثناء إذاعة تقرير ظهر في الستوديو فأر!! نعم فأر يتمشى بعرض الستوديو بمنتهي الثقة والجرأة وانتهي التقرير ولسوء حظي كانت جميع الأخبار التالية بدون تقارير وبدأت الحرب علي الفأر أثناء النشرة وفجأة ظهر فرّاش بمقشة وهات يا تهويش للفأر وأصبح تركيزي في الوباء ما بين أفكار شيطانية عن إمكانية ظهور الفأر فجأة علي الديسك وبين الدوشة في الحرب علي الفأر ولكن حدث ما لم أتوقعه: مر الفّراش من أمام الكاميرا بالمقشة بمنتهي الثقة ولكن لحسن الحظ كان يُعرض في تلك اللحظة فيديو الخبر. كان التوتر واضحاً في أدائي ولكن الخوف من الفأر كان أقوي من الضحك الذي جاء في صورة هيستيرية بعد ذلك وهروب سريع من الستوديو مع وعد إني لن أدخل الستوديو مرةً أخري قبل خروج الفأر: ” يا أنا يا الفأر علي الهواء”.

نرشح لك.. رشا سري تكتب: وصلة الهمز!!

وتتوالى المواقف الصعبة وتبقي الوصفة السحرية للحفاظ علي تركيز مذيع النشرة عند حدوث أي موقف طريف أو تشتيت يؤدي الي اضطراب في الآداء: التفكير الفوري في موقف مُحزن، التفكير في العواقب منها رأي المُشاهد فيك ورأي زملائك ومديرك وأيضاً شد عضلات الفك للمزيد من التحكم في وقف الضحك. لابد أن يحدث كل ذلك في أقل من الفيمتو ثانية لتلحق نفسك وإلا سيحدث ما لا تتمناه من ضحك مُفرط يعقبه ندم شديد.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: مذيعة ماسبيرو بـ”الملاية اللف”