عادل حمودة.. أستاذ لا يحبه تلاميذه!!

طاهر عبد الرحمن

من حق أى إنسان أن يكتب مذكراته أو ذكرياته، خواطره أو تأملاته عن الحياة التي عاشها أو التجارب والخبرات التي مر بها وتحصل عليها، وأكثر من ذلك فإن كل إنسان -كما يقول الأستاذ هيكل- لديه “كتاب نائم” في مكان ما في ذاكرته، ولو أنه فكر جديا وبعمق وعرف كيف يعرض موضوعه وكتبه، لأصبح كتابا يقبل على قراءته الناس.

وفي حالة الكتاب المحترفين والصحفيين المخضرمين يتحول ذلك الحق إلى ضرورة ملحة، ليس فقط من الجانب الإنساني وإنما بأهمية ما عرفوه وشاهدوه على طول حياتهم في بلاط صاحبة الجلالة. ومن هنا فإن مذكرات الكاتب الصحفي الأستاذ عادل حمودة، التي تنشر هذه الأيام فى أخبار اليوم، لها أهمية كبيرة،على الأقل بالنسبة للصحفيين والمهتمين بدراسة العلاقة بين السياسة والصحافة في مصر طوال عهد حسني مبارك.

وتتضاعف أهمية تلك المذكرات لأهمية صاحبها، بغض النظر عن الاتفاق أو الإختلاف مع مواقفه وأرائه، فهو واحد من أهم الصحفيين والكتاب من ذلك الجيل الذي ظهر عقب نكسة عام 1967، وما صحبها من تشوهات نفسية وخلقية في بنية المجتمع المصري، لازالت أثارها حتى اليوم، وللإنصاف فإن الحكم على هذه المذكرات لا يزال مبكرا جدا، وليس أمامنا سوى الانتظار حتى تكتمل وتخرج في شكل كتاب. لكن تعامل البعض مع الحلقات الأولى للمذكرات ونقدها أو تقديم صورة أخرى للأحداث، خصوصا وأن “البعض” يعتبر من تلاميذ عادل حمودة، هذه الانتقادات أثارت حالة من الجدل حاولت أو تحاول التقليل من شأن المذكرات أو من شأن كاتبها.

وللأسف فإن عادل حمودة ليس محظوظا بتلاميذه، أو الغالبية العظمى منهم، حاله كحال معظم “الأساتذة” الكبار في تاريخ الصحافة المصرية، كمحمد التابعي أو مصطفى أمين أو هيكل، وهذه حالة يمكن تفهمها وإستيعابها، فالتلميذ -أي تلميذ- يظل طول الوقت حريصا على الخروج من عباءة أستاذه، وإثبات نفسه كمهني كفء وكاتب كبير، حتى لو وصل به الحال كي “يناطح” أستاذه، وربما يصل الأمر حد إنكار أستاذية أستاذه، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، بل إن عادل حمودة نفسه سقط في نفس الفخ عندما كتب كتابه “الأكثر رداءة” خريف هيكل، وليست الرداءة لأنه كتب ولكن لأن الكتاب لا يقدم أي شيء جديد، ولو حتى معلومة صغيرة تقنعنا بما جاء فيه.

يمكن القول أن عادل حمودة هو المؤسس الثاني لمجلة “روزاليوسف” العريقة، وأن الفترة التي تولى فيها مسئولية تحريرها من 1992 وحتى 1998 كانت من أكثر سنوات المجلة توزيعا وتأثيرا، حتى أنها وصفت بأنها “المجلة الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط”، ومرة أخرى بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع “حمودة” ومواقفه ورؤاه وطريقة إدارته للمجلة، إلا أن ذلك كله يحسب له ولتاريخه، ولعل الأكثر أهمية من أرقام توزيع المجلة هي تلك المجموعة من الصحفيين والكتاب الذين “اكتشفهم” وأعطاهم الفرصة كاملة، ووقف خلفهم فى المسرات والأزمات، وحتى بعد رحيله عن روزاليوسف فإن قائمة تلاميذه في الجرائد التي أسسها فيما بعد، كصوت الأمة والفجر لاتنتهى.. لكنه -للأسف- ليس محظوظا بكل الأسماء التي في تلك القوائم.

للتواصل مع الكاتب من هنا