أحمد بسيوني يكتب: عن صناعة الإنفلونسر

جميعنا يعلم أن في عالم الإنترنت، أصبح هناك وجود كبير للـ”إنفلونسر” أو المشاهير، وهم مجموعة من البشر الذين يستطيعون أن يؤثروا في مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، سواء بالإيجاب او السلب، من خلال تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة لهم من المتابعين، وقدرتهم على جذب الانتباه إليهم دائمًا.

الإنفلونسر على عالم السوشال ميديا ليس بالضرورة أن يكون شخصا صاحب إنجازات أو تأثير على المجتمع ككل، كالفنانين والرياضيين والعلماء والسياسيين؛ فيكفي أنه يستطيع تجيمع آلاف الفولورز حوله، وجعلهم يتابعونه.

ولذلك اهتمت الشركات والعلامات التجارية بالاستثمار في الإنفلونسرز ودعمهم وإعطائهم مبالغ مالية أو هدايا عينية، في مقابل كسب ودهم والكتابة عن هذه العلامات بشكل إيجابي يدعم الصورة الذهنية للعلامات التجارية ويساعد في عملية المبيعات وكسب الأرباح.

فبحسب وكالة بلومبرج في عام ٢٠١٧، تنفق الشركات والعلامات التجارية ما يزيد عن ٢٥٥ مليون دولار شهريًا، في مقابل دعم الإنفلونسر وتشجيعهم لمنتجاتهم؛ ومن المتوقع أن هذا الرقم سيرتفع في ٢٠١٨.

ويكون تأثير الإنفلونسر حسب عدد متابعيه ومدى مصداقية وتأثير هذا الإنفلونسر عليهم؛ ففي الخليج العربي يعتبر الإنفلونسرز عملا مثله مثل أي عمل، وبمبالغ خرافية يجنيها في مقابل تويتة عن مطعم ما أو صورة على إنستغرام لمنتج ما، أو حتى فيديو قصير على سناب شات لشخص ما، فالموضوع مربح جدًا. أما بالنسبة لمصر فالمكسب من عمل الإنفلونسر أقل بكثير من الخليج، لكنه يظل سببا في دخل مالي محترم لكل إنفلونسر.

كل ما سبق ليس به أي اشكالية، فهو سوق، وطريقة من طرق التأثير على الجمهور المستهدف، وربح للعلامات التجارية وللإنفلونسر، والمستخدم في النهاية صاحب قرار.

لكن ماذا عن النصب باسم التأثير على المتابعين أونلاين؟!

 في إحدى الشركات الكبيرة في مصر كنت محاضرا في إحدى الدورات للموظفين، واذا بي أكتشف أن شخصا ما “مشهور على السوشيل ميديا”، يهدد هذه الشركة بأنه سيكتب عنها آراء سلبية ويجعل جمهوره يهاجم الشركة إذا لم يعطوه آيفون!

وشخص آخر يستغل اسمه وسمعته في الهجوم على شركة ناشئة بسبب أنها تنافس أحد أصدقائه في مجال عمله.

وشخص ثالث يدعي أنه يستخدم منتجا معينا للتخسيس، ليكتشف الناس أن هذا المنتج مضر لصحة الإنسان ولم يحصل على الموافقات الطبية لاستخدامه، ويتم بيعه في مصر تحت شعار “ده منتج مستورد وعالي أوي وبيتباع في أوروبا وأمريكا”.

وآخرون استغلوا شهرتهم في جمع أموال من متابعيهم، لنصبات مختلفة، منها تبرعات لعمل الخير ومساعدة المساكين -وهذا ما لم يحدث- ومنها لتأسيس شركة ثم يكتشف المساهمون أنهم تعرضوا لعمليات نصب، ومنها لشراء بضائع ومنتجات ثم يكتشفون أن بها عيوبا؛ والكثير والكثير من القضايا التي تم رفعها على نصابين ومحتالين استخدموا شهرتهم في جمع الأموال والنصب على الناس ثم أخذ هذه الأموال والهروب خارج البلاد!

وللأسف الثقافة الشعبية لنا في مصر تدعم هذه النماذج السيئة من المشاهير، والوعي لدى الكثير من مستخدمي السوشال ميديا منعدم في جزئية التبرعات لجهات غير معلومة، أو الثقة في أشخاص لا نعلم عنهم شيئا سوى أكونت لهم على الفيسبوك أو إنستجرام!

وكما قال الحكيم قديمًا “متصدقش كل اللي تسمعه ولا حتى نص اللي تشوفه”، أو في مقولة أخرى “الملح ساعات بيبان سكر”.