ورطة الأزهر.. "جاكسون" بعد "عبده موتة"!

نقلاً عن المصري اليوم

إقحام الأزهر لتقييم الأعمال الفنية هو أكبر خطر بات يهدد الحريات فى مصر، كما أنه يسحب الكثير من رصيد المؤسسة الدينية التى نكن لها كل تقدير واحترام، ولم تكن المرة الأولى، فقد سبق أن شاهدت دار الإفتاء قبل خمس سنوات فيلم (عبده موتة)، كنت حاضرا اللقاء فى مكتب المفتى السابق د. على جمعة، بعض النقاط يجب أن أذكرها وهى أنى تلقيت الدعوة من مسعد فودة، نقيب السينمائيين، وقال لى بالحرف الواحد إنه فوجئ باتصال من المفتى وطلب منه الانضمام لعضوية اللجنة- المفتى هو الذى طلب وأنه يقترح- النقيب هذه المرة هو الذى اقترح أن نعرض الفيلم فى مكتب المفتى توقيراً لمنصبه، وتكونت اللجنة من ستة أعضاء: نقيبين ووكيلى نقابتى الممثلين والسينمائيين والمفتى وكاتب هذه السطور، وأيقنت أن الأغلبية سوف تنتصر لعرض الفيلم كاملا، ولن نخضع لتقييمه برؤية دينية، كانت فرصة لكى أتعرف على الجانب الآخر للمفتى الذى قال لى إنه كان يعزف الكمان فى شبابه، سألته عن الأفلام التى شاهدها أجاب كل أفلام السينما بشوفها أكتر منك، بدايات مشجعة جدا.

نرشح لك: (طلق صناعي).. مصر مافيهاش حاجة حلوة!!

أشياء عديدة أشار إليها المفتى، مثلا «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ كشف أن الأزهر الشريف لم يُصدر رأيا بشأنها، وأن الشيخ الدكتور أستاذ الشريعة محمد أبوزهرة بصفة شخصية اعترض، عكس ما هو متداول أن الشيخ د. محمد الغزالى كان صاحب الصوت الأعلى فى الرفض، أجابنى ليس صحيحاً، كما أن الأزهر الشريف لم يكن طرفاً، أكثر من ذلك فلقد قال إن الأزهر فى عهد شيخ الأزهر حسن المأمون مطلع الستينيات أصدر قراراً مؤيداً لتداول الرواية، وأكد أن هذه الوثيقة فى حوزة الأزهر. سألته عن حقيقة اعتراض الأزهر على أغنية عبدالوهاب «من غير ليه» وتحديدا مطلعها (جايين الدنيا ما نعرف ليه) أجابنى لم يحدث، وأضاف الكثير مما تردد فى الصحافة لا أساس له من الصحة، قلت له ألم يعترض الأزهر فى الستينيات على مقطع «قدر أحمق الخطى» فى قصيدة «لست قلبى» التى غناها عبدالحليم ولحنها عبدالوهاب من شعر كامل الشناوى، قال لى إن الشيخ الغزالى قال رأيه فى برنامج إذاعى، ولكن الأزهر لم يصدر قرارا، قلت له الأوبرا عندما تعيد الأغنية بأصوات مطربيها تغير المقطع من (قدر أحمق الخطى)، ليصبح (قدر واثق الخطى) عكس ما أراد الشاعر، أجابنى هذا رأى الأوبرا لا شأن لى به.

وبدأنا مشاهدة الفيلم، وسألنى: هل هناك تعريض بالدين؟ أجبت بالنفى، وأضفت من الممكن أن نختلف مع الفيلم فنياً ولكن لا توجد إهانة للدين.

ولم يغادر المفتى مقعده، وفى النهاية عندما رأى محمد رمضان يرتدى البدلة الحمراء متوجهاً لحبل المشنقة، قال ضاحكاً هذه القضية لم تعرض علينا لنوافق على الشنق.

وبعدها أصدر قراره الذى يوصى فيه بحذف أغنية «يا طاهرة يا أم الحسن والحسين»، وأشار فى البيان إلى أن القرار تم بموافقة عدد من ممثلى النقابات الفنية والنقاد، قلت له يا مولانا لم يكن هناك ناقد غيرى، وأنا أعترض على القرار، كما أنى أطالب الحاضرين برفض البيان حتى لا تصبح قاعدة ولم يؤيدنى أحد. القضية ليست أن يوافق الأزهر الشريف على الفيلم بحذف أو بدون، ولكن لو صارت قاعدة مستقرة وبات للمؤسسة الدينية (أزهر أو كنيسة) الحق بالتصريح بالعرض، سوف يواجه الإبداع بل والحريات فى مصر أكبر كارثة، دعوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله!!