رشا سري تتذكر: الراحلون عن الهواء

منذ أسبوعين فقد البرنامج الأوروبي بالإذاعة المصرية المذيع أشرف الجندي، وفي مثل هذه الايام من ديسمبر ٢٠١٠ فقدت قناة النيل للأخبار حسين عبد العال المشرف علي الكاميرات، وقبل ذلك بقليل فقدت قناة النيل الدولية أعذب صوت عرفته القناة عندما رحلت المذيعة هبة أبو المكارم.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: المدير يوسف شريف رزق الله

الأول فارق الحياة بسبب أزمة قلبية مفاجئة، والثاني فقد الحياة بعد صراع مع الفشل الكلوي وسط المئات من زملائه ورؤسائه في المستشفى، والثالثة رحلت في صمت وسط عائلتها الصغيرة بعدما هزمها السرطان والزمان.

أعمارهم متقاربة، جميعهم كانوا محبوبين من زملائهم، كلهم دمهم خفيف وقلوبهم طيبة، الثلاثة لم يضروا أحدا في العمل بل تمتعوا بحب جارف من الجميع. وكلهم رحلوا وهم في عز شبابهم تاركين صغارهم في مختلف مراحل العمر والدراسة.

عرفت أشرف من قناة النيل الدولية وكان صديقاً مقرباً لأصدقائي، فجمعنا الشغل وبعض الخروجات القليلة: كان طيباً ودمه خفيف ساخر وليس لاذع ليس له أي متطلبات في الحياة ولكنه يضيف بهجة خفيفة للمكان. الله يرحمه

عرفت هبة أيضاً من قناة النيل الدولية وكانت أقدم مني بكثير ولكنها كانت مثل الأخت الكبرى رقيقة وصوتها جميل وعذب ولغتها الإنجليزية رائعة مثل شخصيتها، تحملت مرض والدتها بصبر ورضا ولم يمهلها الزمن أن تنعم بأطفالها طويلاً فرحلت، بالرغم من حياتها القصيرة إلا أنها كانت غنية بالتحديات والشغل وكانت هبة دائماً مبتسمة وراضية. الله يرحمها

نرشح لك: رشا سري تتذكر: أول موقع إلكتروني لبرنامج على التلفزيون المصري

حسين عبد العال كان فاكهة قناة النيل للأخبار، علي مدي معرفتي به التي استمرت خمس سنين تقريباً لم أراه يوما عصبياً أو مكشر أو يغتاب أحد زملائه. كنت ساعات اتصل به في آخر اليوم لأطلب كاميرا لإجراء حوار في اليوم التالي تأكد ساعتها فقط فكان يرد: “بس كدة كاميرا واحدة طيب قولي كاميرتين مش مقامك والله.. طيب ما تقلقيش حقتل حد من أوردرات بكرة”.

وفي أحد الأيام كلمني حوالي الساعة ٦ مساءً قائلاً: ” رشا طيري علي الاتحادية” فاستعجبت لتأخر الوقت علي أوردرات الرياسة وحاولت استفسر عن الأوردر ولكنه كان مثل الصوت المسجل: ” طيري علي الاتحادية حالاً وانت بتطيري وفي السكة كلميني ويمكن أكون عرفت حاجة مفيدة ويمكن لأ مش مهم، المهم دلوقتي إنك تطيري على الاتحادية” كان أسلوبه المرح يهون أي شغل مفاجئ أو مزعج.

ضحكته كانت رنانة وقلبه كان يتسع للجميع يعلم جميع مشاكلنا الشخصية والمهنية، أصدقائنا المقربين في العمل، ومن لا نحب، يسأل عن الجميع ويساعد الجميع، يوفر الحلول وعندما يطرح مشكلة كان يقولها كأنها نكتة فيكون وقعها خفيفاً. أما معظمنا فلم نسمع منه شكوي شخصية أو مهنية فكانت الضحكة والنكتة والابتسامة عنوانه الرئيسي. الله يرحمك يا حسين حقيقي افتقدناك.

تذكرت هؤلاء الذين رحلوا عن عالمنا وعالم الإذاعة والتلفزيون وعالم الهواء بعدما كانوا في معترك العمل الإعلامي، ورحلوا مثلما سنرحل نحن في يوم من الأيام ولكن كيف سيتذكرنا الناس خاصة زملائنا. أتمنى أن يقول الناس عني أنني كنت زي النسمة لم أضر أحد مثلما نقول علي أشرف الجندي. أتمنى أن يقول الزملاء خيراً عني مثلما يقول الجميع عندما يتذكرون هبة أبو المكارم. وأتمني أن أنال من حب الزملاء ووفائهم بعد الموت مثلما يتمتع حسين عبد العال إلى الآن حتي بعد وفاته بسبع سنوات.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: مذيعة ماسبيرو بـ”الملاية اللف”

يا عالم “الهواء”: السيرة الطيبة بين زملاء العمل هي التي تستمر بعدما ينتهي إرسالنا من البرامج والأخبار فأحسنوا الإعداد لها.