هل فرقت الكراهية بين أحمد زكي وعادل إمام؟

كريم فرغلي

هو ليس عنواني.. لكنه عنوان المنطقة التي حاول الكثيرون التسلل إليها فور رحيل أحمد زكي مثلما أفعل أنا الآن لما تتمتع به الخلافات الفنية من قدرة على إثارة شهية القراءة خاصة إذا ما كان طرفيها قامتين بحجم ونجومية عادل إمام وأحمد زكي.. لكن ما هي الفائدة لأي طرف من معرفة المزيد حول هذا الموضوع؟ لست أدري في الحقيقة.. الوقائع الأكيدة تقول أن أدوارا معروفة تأرجحت بينهما في عدد من الأفلام، فيلم “البيه البواب” مثلا كان يفترض أن يؤديه عادل إمام وهو ما أغضب أحمد زكي بشدة و دفعه لإلقاء السيناريو على الأرض فور استلامه صائحا : “أنا ما أخدش فضلة حد”.. عكس ماحدث في فيلم “الحريف” الذي كان يفترض أن يؤديه أحمد زكي إلا أنه ذهب لعادل إمام نتيجة خلاف بين زكي ومخرج الفيلم الكبير محمد خان.

هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى كراهية بين نجمين؟ بشكل عام يتكرر ذلك كثيرا في مئات الأعمال الفنية إذ يعتذر نجوم عن أدوار يتم ترشيحهم لها ليقبلها آخرون.. إلا أن حدود الكراهية لم يصل إليها النجمان في اعتقادي بدليل أن أحدا منهما لم يرفض مشاركة الآخر بطولة فيلم “طيور الظلام”، الذي حكى لي كاتبه السيناريست الكبير وحيد حامد أن سيناريو الفيلم عرضه أولا على أحمد زكي واختار دور علي الزناتي، الذي أداه الفنان رياض الخولي، مع علمه بأن دور فتحي نوفل سيذهب إلى عادل إمام الذي قبل آداء الدور هو الآخر رغم علمه بمشاركة أحمد زكي الفيلم، المدهش بالنسبة لي هو استماتة البعض في إثبات وجود خلافات وكراهية بين نجوم المرحلة الواحدة وهو ما تكرر مع النجم محمود عبد العزيز بنفس الشكل، حيث أصر الكثيرون على إثبات الخلافات بين النجم الراحل وبين عادل إمام بسبب الصراع على بطولة مسلسل رأفت الهجان.

في رأيي أن اكليشيه “الفنان قدوة” هو مصدر كل هذه المبالغات.. لأنها تفترض أن الفنانين أشباه أنبياء منزهون عن الغضب أو الغيرة أو الخطأ من أي نوع، في حين أن الفنان ليس إلا بشر أكثر رهافة وجموح مما يدفعه إلى المبالغة في التأثر ورد الفعل تجاه كل ما يشعر به. ليس اتهاما ضمنيا بالطبع لعادل إمام أو أحمد زكي، و لا أنوي ترجيح كافة أحدهما على الآخر إنسانيا أو فنيا. فأنا لست قاضيا ولا منقبا في الضمائر بأثر رجعي.

نقطة أخرى مهمة جدا وهي أنه لماذا يفترض أن يحب كل الناس كل الناس؟ إنها يوتوبيا ليس لها وجود إلا في خيال “الحاج أفلاطون”، ونحن جميعا نواجه في أعمالنا وعائلاتنا ومحيطنا من هم مختلفين عن طبائعنا وتركيباتنا، هؤلاء الذين نسر عنهم للمقربين: “مبينزليش من زور” ، “مبطقهاش لله في لله ” ، لماذا إذن نريد أن يتحول الفنانون فقط إلى ملائكة وهم “يهبوا” بعض؟!

الأهم والأهم جدا.. أن الله رزقنا بقامات فنية بهذا الحجم والموهبة الفذة.. بكل معنى الكلمة نحن محظوظون بهذا الرزق من المبدعين أمثال أحمد زكي وعادل إمام ويحيى الفخراني وصلاح منصور وغيرهم.

واليوم في ذكرى هذا المذهل الفذ أحمد زكي أقول وأنا متأكد تمام أن إبداعاته هي الباقية وليذهب النبش في الخلافات إلى الجحيم حتى وإن ذهب معه مقالي هذا…