بين البطل والإرهابي.. 7 ملاحظات على "انفراد" عماد أديب

إيمان مندور

في مساء يوم الجمعة، الموافق 20 أكتوبر 2017، وتحديدًا عند الكيلو 135 في طريق الواحات بعمق الصحراء، كان المصريون على موعد مع حادث إرهابي جديد أثار ضجة في البلاد، ليس فقط لكونه بشعًا وأزهق أرواح عشرات الأبطال المصريين، ولكن أيضًا لتضارب الأنباء حول كيفية وقوعه والأعداد الحقيقية للشهداء، بالإضافة لظهور تسريبات غير معلوم مصدرها بثتها بعض وسائل الإعلام، في ظل صمت تام لوزارة الداخلية المصرية أعقبه بيانات توضيحية متتالية لكشف ملابسات المعركة.

بعد أيام كشفت الجهات الأمنية عن الأعداد الحقيقية للشهداء، معلنةً نجاة باقي أفراد الكتيبة، لكن كان هناك ضابط مختفٍ، أُعلن تعرضه للأسر لدى الإرهابيين، وهو النقيب محمد الحايس؛ تم تحريره حيًا بعد 11 يومًا وتحديدًا يوم 31 أكتوبر أثناء استهداف نقطة تجمع الجماعة الإرهابية جويًا، مما أسفر عن مقتلهم جميعًا باستثناء إرهابي واحد نجا من القصف وألقي القبض عليه.

أسدل الستار إعلاميًا على الواقعة، لكن ظلَّ هناك ناجيان يمثلان كلا فريقي المعركة، ولديهما كافة التفاصيل الحقيقية عن ما حدث، إلا أن الإعلامي عماد الدين أديب ، عاد مساء أمس، الخميس، بـ”انفراد” على قناة “الحياة”، أجاب خلاله عن الأسئلة التي طُرحت ولم يجب عنها أحد بإجابات شافية مقنعة، بالإضافة لاستضافته للناجيين من الحادث؛ النقيب البطل محمد الحايس، والإرهابي عبد الرحيم المسماري.

وبمتابعة الحلقة التي بدأت في التاسعة والنصف مساءً واستمرت لما يزيد عن ثلاث ساعات ونصف –بدون احتساب الفواصل الإعلانية- كان لـ إعلام دوت أورج العديد من الملاحظات على الحلقة، نستعرضها فيما يلي:

1- زخم معلوماتي

استهل “أديب” حلقته بمقدمة معلوماتية، بدأت بانتقاده لـ”أساطين السوشيال ميديا” على حد قوله، بسبب توجيههم للعديد من الأسئلة المشككة في تفاصيل الحادث، ثم شرع في سرد ما جرى في معركة الواحات تفصيليًا، فاحتوت المقدمة على كمية هائلة من المعلومات الدقيقة والأرقام، والتي في الغالب سيستوعبها المشاهد كافةً عند استماعه لإعادة الحلقة مساء غدٍ السبت، أو ربما من خلال مشاهدة أجزائها منفصلة على موقع “يوتيوب”.

2- فيلم المعركة

خلال المقدمة عرض عماد أديب فيلمًا توضيحيًا لخَّص ما جرى في حادث الواحات. كان الفيلم على قدر كبير من الجودة، حيث احتوى على شرح للحادث من خلال رسوم متحركة، بالإضافة لمشاهد حية من عملية الثأر وتحرير النقيب محمد الحايس، وكذلك صور الإرهابيين قبل وبعد الوفاة، وجنازات الشهداء، بالإضافة لتناوله لاجتماعات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع القيادات الأمنية، انتهاءً بتحرير النقيب البطل والقضاء على البؤرة الإرهابية، لذا يمكن مشاهدة الفيلم منفصلًا عن الحلقة لفهم طبيعة ما جرى على مدار 29 يومًا من وقوع الحادث.

3- الترجمة

رغم الأهمية الكبيرة لحلقة أمس في كشف حقيقة ما جرى بالواحات، إلا أنه لم يتم ترجمتها للغة الإنجليزية وتم الاكتفاء بقصرها على الجمهور المصري، وهو ما لم يكن على قدر أهمية الحدث الذي اهتمت به صحف ومواقع غربية عدة، اتهمت “الداخلية” بعضها بنشر أخبار غير دقيقة عن الحادث، لذا كان لا بد من ترجمة الحلقة لتوضيح ما جرى وتصحيح الأحداث المغلوطة التي قيلت، مثلما تمت ترجمة الفيلم التسجيلي الذي عرض.

4- أخطاء الكتابة

لا يختلف أحد على أن الحلقة “انفراد” بالتأكيد لقناة “الحياة” وهو ما تمت كتابته على الشاشة خلف المذيع، لكنها كتبت بشكل خاطئ باستخدام همزة القطع فكانت “إنفراد” بدلًا من “انفراد”.

أيضًا المعلومات التي تمت كتابتها على الشاشة في شكل عناصر مختصرة، سواء فيما يخص الإرهابي أو تفاصيل الحادث، كانت بخط صغير غير واضح للمشاهد، بالإضافة لوجودها في خلفية رمادية مختلطة باللون الأسود، فكان من الصعب قراءتها، لذا كان عرضها على الشاشة دون فائدة حقيقية في شرح التفاصيل، كما لم يتم كتابة أبرز تصريحات النقيب الحايس أو الإرهابي على الشاشة في شكل “استرابات”، رغم أهمية ما قيل.

 

5- كفاءة المذيع والضيف

من المعروف أن عماد أديب هادئ في حواراته، ولديه قدر كبير من الثبات الانفعالي، لكن رغم ذلك وجهت انتقادات له لأنه لم يتفاعل خلال الحلقة، وتحديدًا خلال حواره مع الإرهابي. “أديب” لم يغير أسلوبه في التقديم لكونه يحاور إرهابيًا، فقد استخدم أسلوبًا عقلانيًا في الحوار وليس فقط مناقشة تهم بشعة مرفقة بانفعالات تزيد من “سخونة” الحلقة كما يحدث أحيانًا.

“المسماري” إرهابي بالتأكيد والجميع يعلم ذلك، والقضاء سيقتص منه، أما المذيع فدوره إظهار المعلومة وكشف طريقة تفكير هذا الشخص وأشباهه أمام الجمهور، لذا كون الإرهابي كان على قدر من الثبات أيضًا وحضور الذهن في الرد على كثير من الأسئلة رغم ردوده المتطرفة، كان سببًا في إظهار مقدم الحلقة بشكله التقليدي وربما أقل، رغم أهمية الحوار و”انفراده”.

حاول “أديب” في البداية التعرف على طريقة تفكير “المسماري”، وما إذا كان شابا غُرر به فقط، أم أنه تشرَّب الفكر التكفيري وصار يفعله عن اقتناع؛ لكن بدا ثبات الشاب صاحب الـ 25 عامًا على معتقداته المتطرفة واضحًا، فلم تكن هناك محاولات لاستفزازه للخروج عن شعوره أو للحصول على مزيد مما يخفيه، سواء من خلال الأسئلة الصعبة أو من خلال التعليق على إجاباته.

 

6- حوار الحايس

أجرى “أديب” حواره مع النقيب محمد الحايس من داخل المستشفى، وكان الحوار أقل وقتًا بكثير من حواره مع الإرهابي، ربما حالة النقيب البطل الصحية كانت عاملًا مؤثرًا في ذلك، كما أن تفاصيل الحادث عرضت تفصيليًا في الفقرات التي سبقته في الحلقة، فكان التركيز على الجانب المتعلق بـ”الحايس” من حيث تعليقه على الأمر، وفترة أسره لدى الإرهابيين.

7- ما بعد اللقاءين

بعد عرض تفاصيل الحادث كافةً وكذلك لقاء الإرهابي ثم لقاء النقيب الحايس خلال فقرات مسجلة بأكملها، ظهر “أديب” على الهواء من داخل الأستوديو، ليبدأ فقرة مطوَّلة لتحليل ومناقشة ما تم عرضه، بمشاركة نبيل نعيم القيادي الجهادي السابق، وأحمد بان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، وماهر فرغلي الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، ورئيس تحرير موقع “أمان”، بالإضافة لتلقيه مداخلات هاتفية من الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، والدكتور سعد الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وناجح إبراهيم المفكر الإسلامي.

الحوار كان هادئًا مثل الأجزاء السابقة من الحلقة، بل ربما أكثر هدوءًا، وحللوا خلاله بدقة تصريحات الإرهابي عبد الرحيم المسماري، وجوانب الخطأ والتطرف في فكره، لكن نظرًا لطول وقت الفقرات السابقة في الحلقة على مدار ساعتين ونصف تقريبًا، وتأخر الوقت لما بعد الثانية عشرة صباحًا، كان من الصعب على المشاهد استمرار متابعة الحلقة كاملةً طوال هذه المدة، رغم أهمية الحوار.