كيف روج منتدى شباب العالم للسياحة المصرية؟

رباب طلعت

بعد أن بدأت الوفود العربية والغربية، المشاركة في منتدى شباب العالم ، بالعودة إلى أوطانهم، بعد انتهاء فعاليات الحدث الشبابي الذي نجح في استضافة نحو 3000 ألف مشترك من 113 دولة، في مدينة شرم الشيخ، يُطرح سؤالًا هامًا هو: ما الفائدة التي عادت على مصر من ذلك المنتدى غير الحوار الشبابي؟ وما العائد الاقتصادي منه على الدولة التي تسعى لسداد ديونها؟ والإجابة هي “السياحة”.

نجح منظمو المنتدى خلال فترة الترويج له، وإقامة فعالياته، وحتى بعد انتهائه، من الترويج للسياحة المصرية، بأقل التكاليف من خلال عدة أفكارٍ نرصدها فيما يلي:

(1)

إعلان إقامة فعاليات المنتدى في مدينة شرم الشيخ، كانت البداية الدعائية، للسياحة المصرية، حيث إنها إحدى المدن الساحلية، التي كانت مقصدًا للسياح الأجانب والعرب، لسنوات عدة، صيفًا وشتاءً، لاعتدال مناخها، ونظافة مياه شواطئها، وهدوئها وابتعادها تمامًا عن كل أوجه الزحام والضجيج، أي أنها اختيارًا جيدًا للانفصال عن العالم الخارجي، إلا أن السياحة فيها تراجعت تمامًا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومن ثم الأحداث السياسية التي أعقبتها، وشبه مهددة بالاختفاء تمامًا إذا ما استمرت الصورة الذهنية التي رسمتها وسائل الإعلام العالمية عن أن مصر ليست بلدًا آمنًا للسياحة، خاصة جنوب سيناء، التي تعد مدينة شرم الشيخ جزءًا منها، وهي الصورة التي نجح المنتدى في إثبات عكسها تمامًا، بمرور فعالياته في أمان، وسط التشديدات الأمنية والتأمينية، من المطار، وتفتيش كافة الركاب دون أي استثناءات، حتى المشاهير والإعلاميين، والتأكد من الهويات على الطرقات، وتأمين كافة المداخل والمخارج من المدينة وخارجها، ما جعل العديد من الشباب المشاركين يأكدون على أن مصر آمنة أكثر من أوطانهم، مؤكدين على أنهم يجب أن ينقلوا تلك الحقيقة لأصدقائهم كي يعودون لها في رحلة سياحية معهم.

(2)

الفيديوهات والصور الدعائية للمنتدى، التي ظهرت في فترة الترويج له، قبل بدء فعالياته، أيضًا شهدت محاولات عدة لإسقاط الضوء على الملامح السياحية لمصر، سواءً كانت الأهرامات والحضارة الفرعونية التي تظهر عظمتها في الأماكن التاريخية والأثرية، سواء كانت بالأماكن الساحلية مثل مدينة شرم الشيخ، التي ليس فقط المستضيفة للمنتدى، بل إحدى مدن البحر الأحمر، التي من الممكن الاستفادة من المكوث فيها خلال فترة المنتدى بالرحلات البحرية وغيرها.

(3)

اختيار الفنادق كان موفقًا، فكان الجميع سعيدون بمستوى الخدمة المقدمة لهم، خاصة الأكلات المصرية المقدمة في البوفيهات، والتي حازت على إعجاب الكثيرين، مما دفع بعض المصريين لاقتراح مطاعم ومقاهي في القاهرة أو في الإسكندرية أو في مدن سياحية أخرى زاروها، تقدمها بشكلٍ أفضل، بل واتفق البعض على أن يتقابلوا بعد انتهاء فعاليات المنتدى في القاهرة قبل مغادرتهم لها، أي تنشيطٍ سياحي خارج شرم الشيخ أيضًا، الأمر الثاني والذي لم يغفل العاملون في الفنادق عنه، هو طلب بعضهم من الضيوف أن يوثقوا تجربتهم على صفحة الفندق على مواقع السياحة العالمية، والتقاط الصور ونشرها على صفحاتهم، في دعاية مجانية لتلك الأماكن.

(4)

قبل انطلاق حفل افتتاح منتدى شباب العالم، وأثناء تنسيق جلوس الحاضرين، لبدء الفعاليات، استعرضت “قبة الافتتاح”، العديد من الصور السياحية لمصر، القاهرة ليلًا من فوق النيل، الأهرامات، ومعبد أبو سنبل وغيرها، واستمر ذلك بالتزامن مع عرض الأفلام المسجلة في الافتتاح، حيث كانت تلك الصور حاضرة فوق شاشة العرض، كما أن تنظيم عشاء بعد الافتتاح في مساحة مفتوحة، في الهواء، مع عرضٍ أوبرالي لأوبرا عايدة الشهير، كان له صدىً جيدًا لاستعراض الحضارة الفرعونية، من خلال إحدى الفنون العريقة في أوروبا.

(5)

الحضارة الفرعونية، الركيزة الأساسية في السياحة المصرية، كانت أيضًا حاضرة في العروض التقديمية للمتحدثين المصريين تحديدًا، مثلما فعلت غادة والي مصممة الجرافيك التي كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام المنتدى، حيث استعرضت نشأة الجرافيك من قلب فنون الفراعنة، خلال كلمتها في الافتتاح، والأجانب أيضًا كان لهم في الكلمة الختامية في المنتدى دورًا في التشجيع على السفر لمصر، سواءً كان بوصفهم لمودة ولطف المستضيفين لهم، أو بالكلمات المصرية البسيطة التي تلفظوا بها تأكيدًا على تأثير تلك الزيارة عليهم مثل: “أنا بهبكم”، التي جعلت كل من في القاعة يصفقون وبشدة بسببها.

(6)

خلال فعاليات المنتدى، كان هنالك العديد من الأرفف الموضوع عليها مجلات دعائية بها العديد من الأماكن التي يجب زيارتها في شرم الشيخ، خاصة الرحلات البحرية، والمطاعم والجبال وغيرها من معالم المدينة الساحرة، بل وُضعت على الكراسي في قاعات الجلسات، وقد حازت على اهتمام كبير، كما أنها وزعت في مطار شرم الشيخ، في طريق العودة إلى القاهرة.

(7)

“تعرف على الأهرامات”، كانت إحدى الدعاية القوية بل والمبتكرة في قاعة المؤتمرات بشرم الشيخ، حيث وضعت شركة “جوجل” العالمية، شاشات عرض، مزودة بجهاز تحكم، مُحمل عليها برنامج “جوجل إيرث”، والذي تمكن من خلاله الحضور لزيارة الأهرامات من شرم الشيخ ومشاهدة أحد عجائب الدنيا السبع، المقصد السياحي الأبرز في مصر، بل توسع الأمر في الأيام الأخيرة، لزيارة شوارع مختلفة في مصر والسير فيها من خلال النظام التكنولوجي، الذي كان وجهًا دعائيًا موفقًا.

(8)

نظم القائمون على المنتدى، عدة رحلات سياحية، للوفود، منها العشاء البدوي، في الصحراء الذي حاز على إعجاب الجميع، سواء كان لتقديم المشويات على الطريقة البدوية، أو استعدادات المكان لاستضافة العدد الكبير، كذلك تم تخصيص مكان باسم “The spot”، وزعت الملصقات الدعائية له منذ اليوم الأول للوصول للفنادق، عُرض فيه العديد من المنتجات المصرية المصنوعة يدويًا وكذلك قدُم فيه حفلات عدة، لفنانين مصريين منهم نسمة محجوب، وياسمين علي، بالتزامن مع حفلات السوق القديم لعصام كاريكا وحجازي متقال وآخرين، وفي “The spot”، أيضًا تواجد معرض النحت للفنانة مي عبد الله، المعروفة بـ”نحاتة المنيا”، والذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كاشفًا عن تمثال المهرجان الذي صنعته، بجوار تماثيلها الشهيرة لفناني الزمن الجميل، كذلك الماراثون الرياضي الذي نظمه الرئيس، والذي لم يكن فقط دعاية للسياحة بل تأكيدًا على أمن المدينة.

نرشح لك: صور: تنظيم عشاء بدوي لوفود منتدى شباب العالم

نرشح لك: ماذا قال الرئيس لـ مي عبد الله بمنتدى الشباب؟

(9)

في الخيمة التي نُظمت بشكل يومي طيلة أيام المنتدى، في قاعة المؤتمرات، لتوفير المشروبات والوجبات الخفيفة ووجبة الغداء للحضور، وضع المنظمون العديد من التماثيل الشعبية والفرعونية، التي تعكس أوجه الشعب المصري المختلفة، من العراقة كأقدم حضارة بشرية، والطيبة والبساطة في الملامح الشعبية لبائع العرق سوس، والسيدة البسيطة وغيرها من التماثيل، وليس ذلك فقط، بل توافر الزي الفرعوني للشباب لارتدائه والتقاط الصور به.

(10)

الصورة خير من ألف كلمة، ولذلك حرص الشباب المنظمون للمنتدى على تواجد العديد من الكاميرات والمصورون التابعون لهم لالتقاط صورًا للحضور من قلب المنتدى، وطباعتها أيضًا فوريًا لهم، ووضعها كذلك على حائط صور خلفيته خريطة العالم ليعلق كلٍ منهم صورته على مكان بلده فيها، ومن ثم يأخذونها في آخر يوم بالمنتدى، لدولهم ليشاهدها أهلهم وأصدقائهم في بلدانهم، وهي الدعاية الصامتة، كما يصفها البعض، وهي نفسها التي بادر بها الفنانون المشتركون في أغنية المنتدى الرسمية التي غُنيت بـ10 لغات منهم العربية بلهجتها المصرية والخليجية والتونسية، بالإضافة لليونانية والروسية والهندية والكينية والإيطالية وغيرها، والتي نشرها المغنيون المشاركون بها، بل وتبادلوا على صفحاتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لهم في شرم الشيخ، في عدة أماكن مختلفة بالمدينة.

نرشح لك: حائط صور في منتدى شباب العالم