تقارير لن ينساها هؤلاء المراسلون‎

سيف محمود

المراسلة مهنة الإثارة والمغامرة، أحداث ووقائع وأيام يمر بها المراسل، ولا تُمحى من ذاكرته بالرغم من مرور الأيام، لتركها بصمة في حياته، وبالرغم من تقديمه الكثير من التقارير خلال مسيرته المهنية، يظل هنالك تقرير لا ينساه أبدًا.

“إعلام دوت أورج“، تواصلت مع 3 مراسلين، لمعرفة التقرير الذي لن ينسوه أبدًا، ونرصدهم فيما يلي:

هاني النحاس المراسل الميداني:

مراسل صدى البلد منذ انطلاق القناة عام 2012، شهد العديد من التغطيات الحية التي مرت بها مصر وخاصة بعد يناير 2011، كان متواجدا دائما في قلب الحدث على الهواء مباشرة، بدأ من ميدان التحرير ومحمد محمود وأحداث مجلس الوزراء وما تلاها من أحداث عديدة كان فيها المشهد مرتبكاً،وصولا إلى فترة حكم الإخوان وفض رابعة وكرداسة. ظل ممسكا بالمايك ناقلا الأحداث بموضوعية ومهنية في مرحلة علا فيها الضباب أكثر من قنابل الغاز المسيل للدموع.

لا ينسى “النحاس” يوم 19 سبتمبر 2013 عندما توجه إلى كرداسة لتغطية حملة وزارة الداخلية عليها لإعادة السيطرة الأمنية والقبض على عدد من المتورطين في اقتحام المركز وارتكاب المجزرة التي دارت أحداثها في 14 أغسطس، والتي بدأت عندما حاصر عشرات من عناصر الإخوان الإرهابيين مركز شرطة كرداسة، تنديدا بفض اعتصامي رابعة والنهضة وقيام العناصر الإرهابية بإطلاق الأعيرة النارية، واستخدام سلاح أر بي جي، في اقتحام مركز الشرطة، ثم بدأت أحداث المذبحة بالاعتداء على رجال الشرطة، والتمثيل بهم، ما أسفر عن استشهاد 14 ضابطًا وفرد شرطة، وواصلت العناصر الإرهابية جرائمها بالتمثيل بجثث الشهداء، والتقطوا مقاطع فيديو بهواتفهم المحمولة ترصد عملية التعذيب والقتل.

 

بعدها قامت وزارة الداخلية باقتحام كرداسة والقبض على المتهمين، وطوال ساعات ظلت الاشتباكات دائرة بين قوات الأمن والشرطة، ولا صوت يعلو فوق صوت الرصاص؛ إلى أن نجحت قوات الأمن في القبض على المتهمين وفرض السيطرة الأمنية على كرداسة لتعلن انتهاء إحدى البؤر الارهابية وفرض سيادة القانون.

وبالرغم من مرور 4 سنوات على تلك التغطية، إلا أنها لا زالت عالقة في ذهن المراسل التليفزيوني هاني النحاس، حيث يسترجع تلك الذكريات، وخاصة استشهاد مساعد مدير أمن الجيزة للوحدات اللواء نبيل فراج بطلقات غادرة من الإرهابيين، وطلقات الرصاص المتبادلة لمدة ساعات متواصلة بين قوات الأمن والإرهابيين، في يوم حسمته قوات الأمن لصالحها بعد مجزرة قسم كرداسة التي لا تُنسى.

 

لمياء حمدين مراسلة ذات علامة ميمزة:

يتذكرها الكثيرون حين التقطت لها صورة وهي تعمل وتمسك بالميكرفون بيد وتحمل ابنها بيد أخرى. لمياء التي كانت من أهم مراسلات قناة أون تي في وحالياً مراسلة أون لايف.

كانت الصدفة عندما نزلت في يوم لتغطية إضرابات واعتصامات أساتذة وطلبة جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وذلك لاستعادة جامعتهم، حتى أصبحت تطلب من إدارة القناة النزول لهذا الموضوع تحديداً، حيث أصبحت تشعر بأن القضية هي جزء منها، لدرجة أنها كانت في غاية الفرح وقت أن صدر الحكم من القضاء الإداري للأساتذة والطلاب بالأحقية، مثلها مثل الطلبة والأساتذة وكأنها منهم..

من كواليس القضية أنها حضرت كل تفاصيلها منذ أن كانت في علاقة حب ثم خطوبة وبعدها الزواج والعمل وهي حامل وحتى بعد أن أصبحت أما كانت تغطي أحداث الموضوع أولاً بأول.

كانت عندما تنتهي من عملها سواء في تغطية الموضوع أو أي تغطية أخرى، تذهب لتجلس معهم وتتعرف على كل التفاصيل أكثر وعن قرب.

حتى الآن عندما تتواجد بالقرب من الجامعة يتذكرها بعض الطلبة ويبادرون بالسلام عليها ويقولون لها “أنتِ من أهم أسباب رجوع الحق لنا وكنتِ سلاحنا في الميديا والإعلام”.

 

محمد الحمراوي مراسل الغد:

الحمراوي الذي بدأ يعمل كمراسل ميداني منذ عام 2011 في قناة بلادي العراقية ثم قناة الغد في 2013؛ يتميز الحمراوي بقدرته على الوصول لأماكن لا يعرف عنها أحد ويأتي منها بتقارير رائعة ذات طابع وثائقي.

أكثر التقارير تأثيراً فيه ويعتز به كثيراً هو تقرير “جزيرة فاضل”، حيث إن التقرير له طابع إنساني وتاريخي جعله الأفضل والأقرب بالنسبة له. بدأت الكواليس مع علمه بوجود قرية فلسطينية في مصر لا يسكنها إلا الفلسطينيون! بحث كثيراً على الإنترنت فلم يجد أحداً على علم بالموضوع، وتليفزيونياً لا توجد تقارير مصورة عن القرية أو أي معلومات عنها. وبالتواصل مع أهل الشرقية تمكن من الوصول إلى القرية التابعة لمركز أبوكبير في القرية، وعلم أنهم لا يقومون بالتسجيل مع أحد إعلامياً إلا بعد أن يثقوا به وفيما سينقل ويتحدث به عن الفلسطينيين الموجودين في مصر. وبعد وساطة من أحد أصدقائه الصحفيين توجه إلى القرية ووجد واقعاً رائعاً يحكي عن قرية يسكنها أكثر من 5 آلاف فلسطيني انتقلوا إلى الشرقية أثناء النكبة في عام 1948. جذبه الموضوع للغاية واستمتع بحكايات عائلة النامولي وهي العائلة التي أتت إلى المكان منذ زمن بعيد. عندما أعجبته القصة واكتشف تفاصيلها قرر أن يقوم بعمل تحقيق تليفزيوني إلى جانب التقرير عن القرية. التقرير اعتمد على حكايات بطلته وهي الحاجة “نافلة” المعمرة صاحبة الـ 114 عاماً، وقد علم بوفاتها قبل شهرين تقريبا. أما التحقيق فشمل قصة وحكايات الحاجة نافلة وغيرها من أهالي القرية عن أصول القرية وحكايات الخروج من فلسطين أثناء النكبة، ثم الانتقال إلى معيشتهم في مصر وكيف يتعلمون ويعملون، وكذلك كيف يتعاملون مع المصريين في القرى المجاورة، كما رصد التحقيق عادات وتقاليد الفلسطينيين في مصر وكيف اندمجوا في المجتمع المصري.