رشا سري تتذكر: مذيعة ماسبيرو بـ"الملاية اللف"

كان هناك برنامج في قناة NILE TV Internationaonal اسمه Nile Show وهو برنامج السهرة اليومي، الذي كان يبدأ بعد نشرة منتصف الليل لمدة ساعة (بعدها كان انتهاء الإرسال) ويتناوب عليه بعض من مذيعي القناة.

ولمن لا يعرف، كانت هذه القناة بمثابة MTV العرب نظراً لأنه كان لا يوجد قنوات أخري غير القناة الأولي والثانية والثالثة والفضائية المصرية. وكانت نسبة المشاهدة عالية جداً لأن العاملين والمذيعين كانوا حديثي التخرج وفي أوائل العشرينات من العمر ويقدمون أفكاراً جديدة بأساليب خفيفة ومتطورة. كنا نقرأ نشرة الأخبار ويتم مقارنة “شوية العيال دول” بفطاحل النشرة القدامى مثل الأساتذة أحمد سمير، زينب سويدان، خيري حسن، الخ.

المهم في يومٍ ما، كنا نستعد لحلقة من إخراج محمد شادي المقيم حاليًا في أمريكا ودينا سالم المذيعة المتألقة حاليا في قناة  Extra News، وكانت الحلقة تدور حول أشياء من التراث المصري اندثرت وانقرضت من حياتنا مثل الدندورما والملاية اللف وبياع العرقسوس. وفكر المخرج في تغيير الديكور النمطي للبرنامج وأن نجلس علي حصيرة علي أرض الاستوديو وتحمسنا وأخذتنا الجلالة وجوّدنا في الفكرة والديكور والأزياء واتفقنا أنا ودينا سالم علي أن نرتدي الجلاليب والملايات اللف والمنديل “أبو آوية”.  وكلمة “آويه” هي تركية الأصل بمعنى “أن يحفر” وهى عبارة عن زخارف حريرية أو كتانية تنسجها النساء على ملابسهن. ولكن بعيداً عن هذا التعريف الأدبي طبعاً يأتي في أذهاننا علي الفور العظيمة زينات صدقي وكتاكيتو بني.

نرشح لك: رشا سري تتذكر: أول بث حي للحرب على الهواء مباشرة

وتم كل هذا بدون إبلاغ أي مسؤول في القناة، ولم يكن الأمر متعمداً ولكن طيش شباب.

وهالووو.. كانت أول لقطة من البرنامج close up علي وجهي وانا أزيح الملايا اللف بدلال من علي وجهي.. وقامت القيامة ولم تهدأ في القناة.

كيف لمذيعة نشرة أن ترتدي الملاية اللف علي الهواء؟؟ وعلي الفور اتصل الزملاء بالأستاذ حسن حامد رئيس القناة وهل هو موافق علي هذه المهزلة التي اعتبروها تمس القناة كلها، وأن “الطرقعة” لها حدود، وفي الصباح أبلغتنا السكرتيرة باجتماع فوري في نفس اليوم لجميع العاملين في القناة. وكنا علي يقين أنا ومحمد شادي ودينا سالم أننا سنخرج من الاجتماع علي البيت لفترة طويلة.

وبدأ الاجتماع والكل متحفز لنا وكانت المفاجأة أن الأستاذ حسن حامد لم يتحدث عن الحلقة من بعيد أو من قريب مما غاظ البعض، فبدأوا يلمحون للأستاذ حسن الذي تجاهلهم تماماً. فتجرأت قليلاً وبدأت اشترك في المناقشات المطروحة وإذا بزميلة تقول: بلاش انتوا خالص يا بتوع الملاية اللف.. فنظرت لرئيسنا متحفزة للرد ولكنه تجاهل وتحدث في موضوع آخر الي أن انتهى الاجتماع. وكان الجميع في ذهول كيف يمر الموضوع مرور الكرام وكانت أقل حاجة منتظره أن يتم إيقافنا عن العمل لفترة.

وسألت الأستاذ حسن حامد بعدها ماذا كان رأيه فقال لي: “الفكرة جميلة جداً وتنفيذها حلو بس ما كانش يصح إني ماعرفش غير علي الهواء ولا يجوز لمذيعة نشرة أن ترتدي ملاية لف أبداً “. طيب لماذا لم تعاقبنا فرد: “ما كنتش عاوز أشمِّت فيكم حد ولا أحبط أي محاولة للتجديد والأفكار المبتكرة بعقابي لكم”.

تنازل الأستاذ حسن حامد عن حقه المشروع في عقابنا لكي لا يحبطنا ولكي يستمر التفكير بأساليب متجددة ولكن في إطار معين، واستوعبنا الدرس جيداً بدون انفعالات أو عقاب. ونحمد ربنا أنا ودينا سالم أن الـ social media لم تكن موجودة في هذه الأوقات و”إلا كان زماننا متقطعين ومبهدلين وكان الضغط علي الأستاذ حسن لعقابنا شديد”.

وبعد أن فلتنا من العقاب وتعلمنا الدرس فاجأتني دينا سالم منذ أيام أن لديها فيديو الحلقة، ووعدتني بأنها ستبعثه لي وأنا في انتظار تنفيذ الوعد لكي أشاهد هالووووو بالملاية اللف.