تحليل : لماذا عاد الإرهاب من الغرب، ولماذا الآن ؟

أحمد عدلي

بالتأكيد سيكون هناك متسع من الوقت لمعرفة كيف وقعت اشتباكات الواحات ولماذا جاءت الخسائر كبيرة إلى هذا الحد، لكن حتى لو كانت الخسائر محدودة، فإن أسئلة عديدة تطرح نفسها تتعلق بتوقيت العملية الغادرة، وعودة الإرهابيون للضرب من الغرب مجددا بعد نجاح القوات الجوية أكثر من مرة في تفجير سياراتهم ومعداتهم قبل أن تعبر الحدود المصرية الليبية .

باختصار يمكن القول أن هناك عدة أمور تفسر عملية الواحات الأخيرة يجب التوقف عندها لفهم طبيعة تفكير وحركة الإرهاب الأسود على أرض مصر بعد أن تهدأ النفوس وتجف الأعين التي أحزنها بصدق رحيل هذا العدد من ضباط وجنود الشرطة .

أولا : التوقيت

اختار الإرهابيون شهر أكتوبر الذي تتزامن فيه ذكرى الانتصار وعبور قناة السويس لتحرير سيناء مع افتتاح وإطلاق مشروعات ضخمة جديدة، فتوقيت الحادث بعد يوم واحد من الاحتفال بانضمام قطع بحرية جديدة للقوات البحرية المصرية وقبل ساعات من تدشين مدينة العلمين الجديدة التي تشهد أول شاطئ مفتوح بالساحل الشمالي، وقبل أقل من أسبوعين على بداية منتدى شباب العالم الذي يعتبر ثاني أكبر فاعلية دبلوماسية تشهدها مصر خلال الـ25 عاماً الأخيرة، وهي ليست المرة التي تستهدف فيها العمليات الارهابية احتفالات النصر، فحوادث استهداف الفنادق في شرم الشيخ وطابا ودهب تزامنت مع احتفالات اكتوبر وعيد تحرير سيناء وثورة 23 يوليو.

ثانيا : المعطيات

يواجه الإرهابيون مشكلة كبرى في الفترة الأخيرة مرتبطة بانحسار مصادر التمويل بصورة كبيرة وتطويقهم أمنياً، وهو ما انعكس في عملية العريش الآخيرة عندما هاجمة البنك الأهلي بالعريش لسرقة أموال من البنك، علماً بأن نجاح مصر في تحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس وضبط الحدود ومراقبتها ساهم في توقف إمدادات التمويل للإرهابيين، الذين باتوا يواجهون مشكلة مزمنة في التمويل بسبب تجفيف منابع التمويل داخلياً وخارجياً بصورة غير مسبوقة بالتالي كان لابد من عملية كبرى وفي مكان مختلف من أجل اعلان بقاءهم على قيد الحياة .

ثالثا : الهدف

مزج ذكرى الانتصارات التي نحتفل بها دائماً بذكريات اليمة وعمليات إرهابية لتصدر الشاشة في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على استعادة ذروة الحركة السياحية مرة اخرى، مع محاولة رفع الروح المعنوية لعناصرهم الإرهابية بعد الضربات الاستباقية التي تلقوها خلال الفترة الماضية وأحبطت مخططاتهم التي كان يرغبون في تنفيذها بداخل المدن المصرية وبالأخص مخططاتهم ضد الكنائس .

رابعا : النتيجة

رغم أن الواقعة جاءت مؤلمة للمصريين وضربت قلوبهم في مقتل، لكنها سرعان ما وحدت المصريين مع الدولة والجيش والشرطة وثارت عاصفة كبرى من التعاطف مع الشهداء وتعالت صيحات المطالبة بمعرفة كيف وقعت الاشتباكات ولماذا زادت الخسائر وقبل كل هذا الإنتقام للشهداء وهي المهمة التي يحملها على عاتقهم منذ اللحظة الأولى رفاقهم من رجال الشرطة والجيش ومن حولهم أبناء الشعب المصري المخلصين لمصر لا لأي شئ آخر .

لم ينجح الحادث في إحباط عزيمة المصريين، فرغم فجاعة الحادثة والأعداد الكبيرة من الشهداء الذين سقطوا إلا أنها لم تزد المصريين بمختلف انتماءاتهم السياسية في الوحدة، طلباً للثأر العاجل والقريب من منفذي العملية الإرهابية بالإضافة إلى دعم الشرطة والجيش بحربهم في مواجهة الإرهاب وهو ما ظهر فيه حالة التعاطف الواضحة مع الشهداء وعائلاتهم.