فضل شاكر.. رحلة صوت جميل من النجومية إلى السجن

رباب طلعت

في خبر صادم لمحبي الفنان اللبناني فضل شاكر، قضت المحكمة العسكرية في لبنان، اليوم الخميس، غيابيًا على الفنان المعتزل بـ 15 سنة سجن مع الأشغال الشاقة، وتجريده من حقوقه المدنية، وتغريمه 800 ألف ليرة وإلزامه بتقديم بندقيته، على خلفية أحداث بلدة عبرا، عام 2013، والتي قُتل فيها 18 جنديًا، والتي تورط فيها مع من اعتبره شيخه وأستاذه الشيخ أحمد الأسير.

محطات كثيرة، ومبهمة، شكلت تحول فضل شاكر، من صوت جميل تعلق به الجمهور منذ التسعينات، وحتى بعد اعتزاله، إلى الأشغال الشاقة والسجن 15 عامًا، يرصدها “إعلام دوت أورج“، فيما يلي:

1- بدأ “شاكر” ابن مدينة صيدا مشواره الفني، وهو في الـ15 من عمره، حيث كان يغني لنجوم الغناء العربي أم كلثوم وعبد الحليم وفيروز، في الأعراس والحفلات الصغيرة في بلدته، واشتهر في التسعينات، على مستوى الوطن العربي خاصة عام 1999 بعد أغنيته “بياع القلوب”، واستمر في تقديم أغانيه التي حققت نجاحًا كبيرًا منها “يا غايب”، و”ولو على قلبي”، وآخر ألبوماته “افترقنا”، عام 2009.

2- تزوج فضل من زوجته ناديا بعد قصة حب جمعته بها، حيث كان يغني في إحدى حفلاته ووقعت عيناه على إحدى الفتيات وأعجب بها، وبعدها شاهدها عدة مرات، فطلب الزواج منها وأنجبوا ثلاثة أطفال هم: ألحان من مواليد 1990 ومحمد من مواليد 1994 ورنا من مواليد 2002.

3- في الوقت الذي سطع فيه نجم فضل شاكر، التقى بالشيخ أحمد الأسير، الذي كان يعمل والده طبالًا في فرقة “شاكر”، بالإضافة إلى “أمجد” شقيق “الأسير” الصغير، الذي تدين وتحول بعد ذلك مسؤولاً عن ميليشيا مسلحة أسسها أحمد الذي يمضي معظم وقته في مسجد بلال بن رباح، المكان الذي التقى فيه بـ”شاكر”، فتحدثا سويًا لأول مرة، بعدما قدم واجب العزاء في والدة الفنان من قبل، ما دفع الشيخ لدعوة المطرب بالتوبة، لمساندة أهله في مدينة صيدا، وأخذ من الأزمة السورية مدخلًا للفنان المتعاطف معها، فنجح في اكتساب ثقته، وضمه إلى صفوف أصدقائه ومواليه، وباع كل ما يملك لأجل محاربة أعداء السنة، ما عدا مطعمه في سوريا، والذي تملكه ابنته الكبرى، والتي لجأ والدها لحكم “الأسير” لفض خلاف بينها وبين زوجها، ومن ثم حرم بيع الخمور أو أية مشروبات روحية، فيه، لتبدأ الصحف اللبنانية بالانتباه لذلك، ذاكرين أن فضل في طريقه للالتزام الديني، والاعتزال.

4- بدأ تعاطف “فضل” مع الثورة السورية، يظهر من خلال تصريحاته، حتى أنه خصص ريع أحد الحفلات لمناصرتها، وطلب بعدها من جمهور مهرجان “موازين” المغربي الذي كان يحيي حفلًا فيه التأميم ورائه على دعائه على بشار قائلًا: “الله يدمر بشار الأسد، الله ياخد بشار الأسد”، وبعدما تبعوه في الدعاء دعى لهم: “الله يحفظكم”.

5- بعد ذلك الحفل، شارك “شاكر” في أحد المهرجانات بلبنان، الداعم للثورة السورية، مؤكدًا أن أي فنان عنده كرامه يجب أن يشارك فيه، ففنه “صفر” أمام بطولة الثوار، ليسأله مذيع بأحد القنوات اللبنانية عن رأيه في الفنانين المؤيدين لبشار فيصدمه بالإجابة قائلًا: “الله يحشرهم مع بشار الأسد، وظهر وقتها مطلقًا لحيته.

6- اتجه فضل شاكر بعد ذلك للظهور في المهرجانات وهو ينشد أناشيدًا دينية، وظهر بعدها وهو يؤذن في مسجد بلال ابن رباح، الذي يصلي فيه الشيخ أحمد الأسير، الذي بدأت حينها العلاقة تتوطد بينهما.

https://www.youtube.com/watch?v=aacBDhb_6ZA

7- في 2012 خرج “شاكر” ليصرح: “قرار اعتزالي بحمد الله جاء توبةً إلى الله عزّ وجلّ، ونصرةً لنبيّ الله والإسلام محمّد عليه الصلاة والسلام الذي قصّرنا في حقّه بصراحة”، مؤكدًا أنه اعتزل الموسيقى لأنّها حرام، مضيفًا: “اليوم أنا كفنّان، السبب في أنّك ما تأخذني تجلس مع حبيبتك أو خطيبتك أو صديقتك أو زوجتك، أثيرك حين أغنّي بمرافقة الموسيقى الصّاخبة وأتلاعب في كلمات الحبّ والغزل لإثارتك”، واصفًا الوسط الفني بأنه “عبارة عن قلوب سوداء، ولا توجد نظافة في التعامل بين الفنّانين، والوسط الفنّي قد وصفته زمان بالوسط الوسخ، بتحسّ أن فيه حقداً بين بعضهم البعض، ويخاف ييجي واحد يأخذ لك رزقك مع أنه لا أحد يستطيع أخذ رزق أحد؛ كلّ هذا موجود في الوسط الفنيّ، وأنا لم يكن لديّ سوى عدد قليل من الأصدقاء يُعدّون على اليد الواحدة، وقلوبهم نظيفة، وما زالت هناك محبّة ومودّة بيني وبينهم”.

8- أكد فضل شاكر بعد ذلك مصير أمواله من الفنّ كما أشيع وقتها بأنه باع كل شيئ قائلًا: “حسابي المصرفيّ في بنك عودة كان فيه مبلغ لا يتجاوز الـ 400 أو 350 ألف دولار الذي كسبته من الفنّ وأنفقته، ولا أملك غيره، مع أن الناس تظنّ أنّني أملك الملايين، مال الفنّ ليس فيه بركة، فقد كنت أوزّع وأنفق معظمه، كما بعت كل العقارات التي اشتريتها بأموال الفن ولم أعد أملك سوى عقار واحد أملكه هو الكائن مقابل مطعمي بصيدا، وأنفقت ثمنها في مساعدات إنسانية وليس فقط كمساعدات لإخواننا النازحين السوريين بل أيضاً للأهل والإخوان في لبنان”.

9- تلقى “شاكر” العديد من التهديدات هو وأسرته، بالإضافة إلى السب وغيره، من أنصار بشار الأسد، حتى أن الوضع تطور لإحراق منزله وممتلكاته، ليجد “الأسير” مدخله للفنان بإقناعه بأنه لابد من الجهاد، ردًا على ما حدث، ليخرج فضل بتصريح أدانه بعدها في معركة عبرا التي قتل فيها 18 جنديًا لبنانيًا على يد “الأسير”، وجماعته، حيث قال الفنان: “فطيستين روحنالكم امبارح يا كلاب يا خنازير، و16 جريحًا”، ما جعل البعض يشير إلى أنه أحد شركاء المعركة، وهو ما نفاه لاحقًا.

10- في تصريحات لاحقة بتلك الأوضاع، أكد فضل شاكر، أنه كان نائمًا أثناء نشوب واقعة عبرا، حيث قال: “كنت نائمًا عندما علمت أن الشيخ أحمد الأسير بدأ القتال، نحن الذين هوجمنا وليس العكس، بحسب ما نقل الإعلام المحسوب على الفئة الضالة”، مضيفًا: “لست مجرمًا، أنا إنسان أناصر المظلومين، تصح تسميتي اليوم مطاردًا، لكن لست مجرمًا أو هاربًا، ولا أختبئ، فكل الناس تعرف مكاني”.

11- في ذلك الوقت كان التصريح ردًا على الحكم بالإعدام الذي صُدر عليه غيابيًا، مع الشيخ أحمد الأسير، عام 2014، على خلفية واقعة مدينة عبرا، عام 2013 التي حكم عليه اليوم فيها غيابيًا أيضًا بـ15 عامًا مع الأشغال الشاقة، فيما سيعدم “الأسير”.

12- شهد عام 2015، تحولًا في الأحداث، فبعد عامين من موالاة “الأسير” ومصاحبته، ظهر فضل حالقًا ذقنه، في حوار له مع “lbci”، معلنًا تركه للأسلحة التي اعتاد على الظهور بها، بعد انضمامه لجماعة “الأسير”، وعودته إلى “حياته الطبيعية”، نافيًا مشاركته في القتال ضد الجيش أو التحريض ضده، لافتا إلى أن هناك من ينتحل شخصيته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مؤكدًا على أن العلاقة بينه وبين الشيخ كانت مرتبكة خلال الفترات السابقة للقاء، ومن بعد أحداث عبرا “الدامية”.

13- قضت المحكمة العسكرية اليوم، الخميس، غيابيًا على الفنان فضل شاكر “ملك الإحساس” بتهمة تشكيل عصابة مسلحة للنيل من هيبة الدولة وشبهة المشاركة في قتال الجيش خلال معركة “عبرا” بصيدا جنوب لبنان، بالرغم من دفاع محاميته زينة المصري، التي استندت على عدم ظهوره في أيٍ من الفيديوهات المدينة للأسير وحلفائه في المعركة، مؤكدة أن المحكمة حكمت عليه بموجب علاقته بالأسير فقط، دون أي دليل آخر، مستندة على أنه ألمح لمقتل اثنين، ولم يشر وقتها إذا ما كان هو من قتلهم أو غيره.

14- كما أستند الدفاع أيضًا على تصريحات قديمة لـ”شاكر” بأن السلاح الذي ظهر يحمله في عدة صور، أثناء رفقته بـ”الأسير”، كان مرخصًا من وزارة الدفاع الوطني وأن فريق حمايته كان مزودًا ببطاقات “حماية موكب” التي تعطيه الشرعية من الدولة في تحقيق أمنه الشخصي.

15- خلال كل تلك الأحداث وبالرغم من أن زوجته من أكثر المعارضين له والطريق الذي يسلكه حالياً، ظلت إلى جانبه ولم تتخلى عنه، حبًا فيه، وانتقلت وأبنائها للسكن معه في بلدته صيدا، بعدما ترك بيروت.